عقود طويلة هيمنت فيها التوجهات اليسارية والتقدمية على الجامعات الأميركية التي شهدت بشكل ملحوظ، بعد فوز الرئيس دونالد ترمب في انتخابات 2024، حالة من قبول بعض أفكار المحافظين مع ارتفاع أعداد الأعضاء المنضمين لأندية الجمهوريين التي كانت شبه متوقفة لفترة طويلة.
وعندما انتُخب ترمب رئيساً للمرة الأولى في عام 2016، قدمت الجامعات الأميركية الحليب والكعك لطلابها الذين شعروا بالرهبة، بينما واجه طلاب يرتدون قبعات MAGA "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" انتقادات لاذعة من زملائهم.
لكن الأمور تغيرت بعد انتخابات 2024، حيث أصبحت قبعات MAGA تحظى بتحيات وإيماءات ودية، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" التي ذكرت أن المحافظين لم يصبحوا التيار السائد في الجامعات ذات التوجه اليساري، لكن الوصمة الاجتماعية التي كانت تلاحق الجمهوريين بدأت بالاختفاء.
وأعرب طلاب مؤيدون لترمب من 12 جامعة في تصريحات للصحيفة الأميركية، عن شعورهم الحالي براحة أكبر في التعبير عن أنفسهم علناً، مشيرين إلى ارتفاع عدد أعضاء أندية الجمهوريين في الجامعات، والتي كانت شبه متوقفة لفترة طويلة.
وأرجعت "وول ستريت جورنال" الفضل لهذا الزخم لمجموعة من المحافظين الذين أبرزوا مواقفهم خلال الآونة الأخيرة، لافتةً إلى أن بعضهم يتاجر بالعملات المشفرة، وينتمي إلى الجمعيات الطلابية، فيما يتمسك آخرون بقيم المحافظين التقليديين المتمثلة بالالتزام الديني، وارتداء البدلات الرسمية بدلاً من الملابس الرياضية.
ويدرس عدد كبير من هؤلاء في تخصصات إدارة الأعمال، وعلوم الحاسوب، والسياسات العامة، في حين يطمح بعضهم بالعمل في العاصمة واشنطن.
إخفاء الانتماءات السياسية
وأشار عدد من الجمهورين الشباب، إلى أنهم أمضوا وقتاً طويلاً خلال المرحلة الثانوية تحت وطأة الإغلاقات الناجمة عن وباء فيروس كورونا، معربين عن ضجرهم من القيود التي تُملى عليهم بشأن ما يمكنهم قوله أو التفكير فيه، لكنهم بدوا حالياً "أكثر جرأة" في التعبير عن مواقفهم، بحسب الصحيفة.
وقال أرتيم تاليبوف، وهو طالب بالسنة النهائية في جامعة ماساتشوستس بولاية لويل، وعضو لجنة الجمهوريين بالجامعة، في تصريحات لـ"وول ستريت جورنال"، إنه "لم يعد علينا إخفاء انتماءاتنا السياسية" بعد فوز ترمب بالانتخابات.
وقبل 3 سنوات، كان تيم ويلر وهو طالب في السنة الأخيرة بجامعة إنديانا، يوزع منشورات دعماً للمتحدثة المحافظة آن كولتر، عندما بدأت إحدى الطالبات بالصراخ في وجهه. ولم يعر ويلر الطالبة اهتماماً، لكن الموقف ظل عالقاً في ذهنه، وقال إن "التسامح، لم يشمل الأفكار المحافظة أو داعميها".
ومؤخراً، تجمع 9 طلاب في مبنى الاتحاد الطلابي بجامعة إنديانا، وكان بعضهم يرتدي البدلات وربطات العنق، لمناقشة قضايا مثل مرشحي ترمب للمناصب الحكومية، والرسوم الجمركية، وتعهدات المرشح لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية روبرت كينيدي جونيور بمكافحة الأغذية المصنعة.
وقال جاستن سيرين، وهو طالب في السنة الثانية يدرس العلوم السياسية، ورئيس نادي الحزب الجمهوري بالجامعة، للصحيفة الأميركية: "إنهم يبنون جنوداً خارقين في الصين، فكيف لنا أن ننافس إذا كان الجميع هنا غارقاً في شراب الذرة؟".
الأساتذة التقدميون
واعتبر المحافظون في الجامعات الأميركية، أن أخطر تحدٍ يواجههم يكمن في "الأساتذة التقدميين" الذين "لا يحبون النقاش أو الدفاع عن ترمب"، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".
وقال تشارلز تريزينكا، أستاذ المالية ومستشار النادي الجمهوري منذ فترة طويلة، إنها "مسألة أخلاقية بالنسبة لهم".
وذكر تريزينكا، أن التقدميين يصفون مواقفهم السياسية بـ"الأخلاقية"، لكنهم يعتبرون مواقف المحافظين السياسية "غير أخلاقية"، مضيفاً: "هم لا يريدون أن يكون هناك أشخاص غير أخلاقيين في هذه الأماكن".
وهيمنت التوجهات اليسارية خلال العقود الماضية على الجامعات الأميركية من خلال أعضاء هيئة التدريس والمناهج والإدارة.
ففي استطلاع رأي شمل طلاب السنة الأولى في جامعة هارفارد لعام 2025، أفاد 5% فقط بأنهم جمهوريون، فيما كانت نسبة الأساتذة المحافظين أقل من ذلك.
وكانت مكانة الحزب الجمهوري في حالة تراجع في جميع أنحاء البلاد، لدرجة أن الطلاب المحافظين في جامعة ماريلاند اضطروا إلى تبديل ملصقاتهم الدعائية باستمرار لأن بعضها كان يتعرض للتمزيق.
وفي ربيع عام 2024، بدأت المجموعة المؤيدة لترمب تتحول من حركة "سامة" إلى "مقبولة"، وفقاً لإنزو دي أوليفيرا، رئيس النادي الجمهوري بجامعة كورنيل.
وارتفعت طلبات الانضمام إلى المجموعة بعد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والرافضة لاستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي عطلت إقامة معرض للتوظيف.