أقرّ البرلمان العراقي، الثلاثاء، ثلاثة قوانين مثيرة للجدل، بما في ذلك تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، والتي يقول المعارضون إنها "تكرّس الانقسامات داخل المجتمع، وتهدد أمنه واستقراره"، ملوّحين بالطعن فيه أمام المحكمة العليا، فيما قال آخرون إن "القانون الجديد، لن يكون له أيّ أثر سلبي على أيّ فئة من فئات المجتمع العراقي".
وتمنح التعديلات المصادق عليها، المحاكم سلطة متزايدة على مسائل الأسرة، بما في ذلك الزواج والطلاق والميراث. ويعتبر النشطاء المعارضون، أن التعديلات "تقوض قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، والذي وحد قانون الأسرة وأنشأ ضمانات للمرأة".
وقال نواب عراقيون لـ"الشرق"، إن "ما جرى في جلسة التصويت مخالف لأصول التشريع، ويخدم أجندة بعض التيارات السياسية لتحقيق مصالحها الضيقة، بطريقة تزيد من انقسام المجتمع"، فيما تعهّد بعضهم بتقديم الطعن أمام المحاكم المختصة.
خلافات بشأن الزواج والميراث والأطفال
وتتمحور النقاط الخلافية أساساً حول سن زواج الإناث وتسجيل عقد الزواج في المحاكم والمرجعية القانونية والشرعية للزواج المختلط، وحقوق المرأة المطلقة وحضانة الأطفال، إذ ترى بعض الأطراف السياسية والشعبية أن القانون الجديد "يُؤسس لتمزيق الأسرة والمجتمع، وله تداعيات خطيرة وآثار سلبية، خصوصاً على حقوق المرأة والطفولة، كما أنه يكرس للطائفية والمذهبية"، وفق تعبيرهم.
ويقول نواب إن القانون الجديد قد يسمح بزواج القاصرات ويحرم الزوجة من حقوق النفقة والحضانة، إلى جانب اعتماد نصوص دينية لكل طائفة ومذهب في العراق مرجعاً للأحكام بدلاً من القوانين السارية.
وتشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إلى أن 28% من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاماً قد تزوجن قبل بلوغهن 18 عاماً في العراق، بينما 7% منهن تزوجن قبل سن 15 عاماً.
كما منح القانون الجديد، الحق للعراقيين عند إبرام عقد الزواج باختيار المذهب الشيعي أو السني وتصديق محكمة الأحوال الشخصية على عقود الزواج، التي يبرمها الأفراد البالغون على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني، بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه.
تكريس الطلاق والطائفية
وفي حديث مع "الشرق"، قال عضو "تحالف 188" للدفاع عن قانون الأحوال الشخصية، المحامي علي الحبيب، إن "القانون الجديد يُخالف الدستور والاتفاقيات الدولية، كما سيكون له انعكاس على الأسر العراقية وارتفاع نسبة الانفصال والطلاق وزيادة العنف الأسري، فضلاً عن القضايا الطائفية التي تحصل فيه".
وأضاف الحبيب، أنه "على هذا الأساس، نحن نرفض هذه التعديلات، وسنعمل على المضي بإقامة الاحتجاجات المناهضة للقانون، وتقديم الشكوى لدى المحكمة الاتحادية".
ويعد قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدّل، من القوانين السارية المفعول منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي أو عرقي.
في المقابل، قال عضو البرلمان العراقي ياسر الحسيني لـ"الشرق"، إن "قانون الأحوال الشخصية الجديد لا يشكل خطراً، على اعتبار أن القانون الأصلي (قانون 188) لايزال نافذاً وساري المفعول، وبإمكان أي مواطن إن كان ليبرالياً أو علمانياً أو لديه أي توجه آخر، المضي بعقد الزواج وفق هذه القوانين".
وشدد الحسيني على أن "قانون الأحوال الشخصية الجديد، لن يكون له أيّ أثر سلبي على أيّ جهة من جهات المجتمع العراقي".
كما أقر البرلمان قانون العفو العام الذي يُنظر إليه على أنه يفيد المعتقلين السنة، ويُنظر إليه أيضاً على أنه يمنح تصريحاً للأشخاص المتورطين في الفساد والاختلاس. كما أقر المجلس قانوناً لاستعادة الأراضي يهدف إلى معالجة المطالبات الإقليمية الكردية دفعة واحدة، وهو ما رفضه العديد من النواب، وخاصة المستقلين منهم، الذين أكدوا أن ما حدث "تم باتفاق سياسي بين الزعامات خارج قبة البرلمان".
وبحسب الدستور العراقي، فإن باب الاعتراضات على أي قانون يُشرع داخل مجلس النواب، سيُفتح أمام المعترضين في المحكمة الاتحادية العليا بعد مصادقةِ رئيس الجمهورية على القانون.
وفي هذا السياق، قال الخبير القانوني علي التميمي لـ"الشرق"، إنه "بعد مصادقة رئيس الجمهورية ونشر القانون في الجريدة الرسمية، سيكون قابلاً للطعن أمام المحكمة الاتحادية، وذلك لعدم وجود قانون محصن من الطعن أمام المحكمة الاتحادية، بشروط نصت عليها المادة 93 من الدستور العراقي، أن يخالف مواد الدستور هذا القانون".