شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن "أي قوة لحفظ السلام قد يتم نشرها في أوكرانيا مستقبلاً، ستحتاج لأن تضم قوات أميركية لضمان قدرتها على تشكيل رادع حقيقي لروسيا"، وذلك في الوقت الذي يبحث فيه عن دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل عقد أي محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشار زيلينسكي، في مقابلة مع رئيس تحرير "بلومبرغ"، جون ميكليثويت، إلى أن حلفاءه الأوروبيين "ليس لديهم ما يكفي من الجنود ليشكلوا رادعاً حقيقياً لبوتين"، معتبراً أن "أي حل آخر من شأنه أن يخاطر بخلق الانقسامات داخل حلف شمال الأطلسي".
ويحاول الزعيم الأوكراني البالغ من العمر 46 عاماً، حشد الدعم من أهم حلفائه مع اكتساب الجهود الدبلوماسية لوقف القتال في بلاده زخماً، بعدما "شعر بالانزعاج"، وفق "بلومبرغ"، من الطرح الخاص بأن "الدعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا، سيكون كافياً".
وقال زيلينسكي لـ"بلومبرغ"، الأربعاء، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: "لا يمكن أن يتم الأمر بدون الولايات المتحدة. حتى لو اعتقد بعض الأصدقاء الأوروبيين أنه يمكن أن يكون كذلك، لا. لا يمكن أن يكون كذلك. لن يخاطر أحد بدون الولايات المتحدة".
التوجه نحو الصين
وبينما يمد ترمب يده إلى بوتين، يحاول زيلينسكي إقناع الصين أيضاً باستخدام نفوذها على روسيا للمساعدة في إنهاء الحرب، رغم أنه أعرب عن إحباطه لأنه لم يتمكن من التحدث كثيراً إلى الرئيس الصيني شي جين بينج.
وقال في هذا الصدد: "أنا متأكد من أنه يستطيع دفع بوتين إلى السلام. الرئيس ترمب هو الأقوى - وشي جين بينج. أعتقد أنه لا يوجد حليف آخر يمكنه فعل ذلك حقاً. يعتمد اقتصاده (بوتين)، كثيراً على الصين".
ووفرت الصين غطاءً دبلوماسياً لبوتين طوال ما يقرب من ثلاث سنوات من القتال، وساعدت الشركات الصينية في تموين الجيش الروسي، وفق الاتحاد الأوروبي.
وزيلينسكي عازم على التأكد من إسماع صوت كييف عندما تبدأ القوى الكبرى في مناقشة مستقبلها، وأشار إلى أنه يعتقد أن الغرب أبرم صفقة دون علم الأوكرانيين خلال مفاوضات مينسك في عام 2015.
وذكر زيلينسكي: "نحن لا نريد أن يحدث هذا خلف ظهر أوكرانيا"، وأضاف: "أعتقد بشدة أن الولايات المتحدة لن تفعل ذلك، على الرغم من أنني لست متأكداً من أن هذا لم يحدث في وقت سابق. هنا أتحدث ليس فقط عن أميركا، ولكن أيضاً عن بعض الشركاء الأوروبيين".
وعاد ترمب إلى البيت الأبيض مطلع هذا الأسبوع، ووعد بإنهاء سريع للحرب في أوكرانيا، ويخطط للتحدث إلى بوتين في الأيام المقبلة. وأدى فوزه في الانتخابات في نوفمبر إلى تأجيج المخاوف في العواصم الأوروبية من أنه قد يخفض الدعم لكييف لدفع زيلينسكي إلى المفاوضات.
التزام من الحلفاء الغربيين
ويحذر زيلينسكي من أنه بدون التزام طويل الأمد من حلفائه الغربيين، سيستخدم بوتين وقف إطلاق النار كفرصة لإعادة التسلح قبل شن هجوم آخر في المستقبل.
ومع ذلك، جعلت المحادثات الأولية مع مستشاري ترمب، حلفاء أوكرانيا الأوروبيين متفائلين بحذر بشأن الإدارة الجديدة، وأشاد زيلينسكي بتعهد ترمب بتوسيع صادرات الطاقة الأميركية كوسيلة للضغط على موسكو. ويسعى إلى تأطير المفاوضات المقبلة كفرصة لترمب لإظهار قوة الولايات المتحدة.
وقال زيلينسكي: "إنهاء الحرب يجب أن يكون انتصاراً لترمب، وليس لبوتين. بوتين لا يمثل شيئاً بالنسبة له".
وفي منشور على منصته Truth Social، الأربعاء، دعا ترمب الرئيس الروسي إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا أو مواجهة موجة جديدة من التدابير العقابية بما في ذلك التعريفات الجمركية والضرائب والعقوبات. وكتب: "يمكننا أن نفعل ذلك بالطريقة السهلة، أو بالطريقة الصعبة - والطريقة السهلة هي الأفضل دائماً".
وبالنسبة لأوكرانيا، فإن مفتاح أي اتفاق سيكون الضمانات الأمنية من الولايات المتحدة وأوروبا والتي يجب أن تكون كافية لردع الكرملين عن شن غزو مرة أخرى. وأشار زيلينسكي إلى أنه يريد ضمان هذه الالتزامات من ترمب قبل التعامل مباشرة مع بوتين.
وقال: "السؤال الوحيد هو ما هي الضمانات الأمنية وبصراحة أريد أن يكون هناك تفاهم قبل المحادثات"، وتابع: "إذا كان بإمكانه ضمان هذا الأمن القوي الذي لا رجعة فيه لأوكرانيا، فسوف نتحرك على هذا المسار الدبلوماسي".
خلافات بين الحلفاء
وفي حين كافح زيلينسكي للتعامل مع بكين، كانت له أيضاً علاقة غير مريحة مع ترمب على مر السنين، بدءاً من مكالمة هاتفية مصيرية في عام 2019 حثه فيها الرئيس الأميركي على التحقيق في الاتهامات ضد نجل الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. وأدت تلك المحادثة إلى أول محاكمة لعزل لترمب، كما أن هناك شكوكاً بشأن حجم الجهود التي يستعد الرئيس الأميركي ترمب لبذلها في قضية أوكرانيا.
ولم يذكر ترمب أوكرانيا أو روسيا على الإطلاق في خطاب تنصيبه، الاثنين الماضي، ولم يقدم أي إشارة واضحة إلى الكيفية التي يخطط بها لإنهاء القتال.
ومع بدء المسؤولين في واشنطن وكييف في وضع تفاصيل كيفية إحضار بوتين إلى طاولة المفاوضات، وكيف يجب أن يبدو هيكل الصفقة، يظهر انقسام واضح بشأن استعداد أوكرانيا لتعبئة المزيد من القوات.
وبموجب القانون الأوكراني، لا يمكن تجنيد سوى الرجال الذين تزيد أعمارهم عن 25 عاماً، وحتى في هذه الحالة هناك العديد من الإعفاءات التي تحد من توفير القوى الإضافية.
وحث مسؤولون من الولايات المتحدة وحلفائها، أوكرانيا على خفض سن التجنيد، في حين أصر زيلينسكي على أن هناك حاجة أكبر للبنادق والصواريخ مقارنة بزيادة عدد الجنود. وقال: "لماذا نحشد حتى الشباب، حتى يصبح هناك المزيد من الناس بلا أسلحة؟".