رغم أن حادثة محاولة اغتيال المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب أسهمت في تخفيف الضغط على منافسه الديمقراطي جو بايدن من جانب الديمقراطيين من أجل انسحابه من السباق، فإن تلك الحادثة قد تمثل ضغوطاً إضافية على بايدن مع توقعات مساهمتها في زيادة تأييد ترامب، واضطرار بايدن لتغيير استراتيجته الانتخابية من الهجوم على منافسه إلى الدفاع عن نفسه.

وتعرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى إطلاق نار خلال تجمع انتخابي له في ولاية بنسلفانيا يوم السبت 13 يوليو/ تموز، وتعرض لإصابة طفيفة في أذنه اليمنى، وتضمنت ردود الأفعال على الحادثة انتقادات من مختلف الأطراف لممارسة العنف، والدعوة إلى الهدوء والوحدة وتراجع حدة السياسة، كما أعلن بعض رجال الأعمال المعروفين مثل إيلون ماسك وبيل أكمان.

ضغوط جديدة على بايدن 

حولت الحادثة التركيز من على ضغوط بعض الديمقراطيين لبايدن (81 عاماً) من أجل الانسحاب من الترشح للسباق الانتخابي خلال الأيام السابقة لها بعد أدائه المخيب للآمال خلال المناظرة التي جرت بينه وبين ترامب في أواخر يونيو/ حزيران، وهو ما خفف الأزمة السياسية لبايدن داخل حزبه بعض الوقت.

لكن هذه الضغوط عادت من جديد بعد انتهاء الزخم بشأن الحادثة، والتي قد تضيف ضغوطاً إضافية ظهرت منذ اللحظات التالية لها مع تأييد بعض المشاهير لترامب، وهو ما يتوقع حدوثه على مستوى بعض المواطنين العاديين كذلك، استشهاداً بحوادث تاريخية مماثلة مثل ما حدث مع الرئيس الأسبق رونالد ريغان في عام 1981.

وانعكس ذلك في توقعات المستثمرين في اليوم التالي لارتفاع الرهانات على فوز ترامب في الانتخابات، وذلك في الوقت الذي كان يتقدم فيه قبل الحادثة بفارق بسيط عن بايدن، والذي أصبح في موقف دفاعي داخل وخارج حزبه للخروج من أزمة انسحابه.

كانت آخر دعوات الديمقراطيين من أجل انسحاب بايدن من السباق الانتخابي لترك الفرصة لاختيار مرشح آخر، ما جاء على لسان النواب جاريد هوفمان، ومارك فيزي، وتشوي غارسيا، ومارك بوكان في رسالة يوم الجمعة 19 يوليو/ تموز: "يجب أن نواجه حقيقة أن المخاوف العامة واسعة النطاق حيال عمرك ولياقتك البدنية تعرض للخطر ما ينبغي أن تكون حملة رابحة"، بحسب وكالة رويترز.

اقرأ أيضاً: دعوات جديدة من نواب ديمقراطيين في الكونغرس لانسحاب بايدن من السباق الرئاسي

وأشار النائب الديمقراطي البارز من ولاية كاليفورنيا آدم شيف، الأربعاء 17 يوليو/ تموز، إلى أن بايدن يجب أن ينهي حملته الرئاسية.

وبحسب موقع CBC News التابعة للإذاعة الكندية، أصبح الديمقراطيون في موقف صعب، خاصة وأن الجمهوريين أصبحوا أكثر حماساً من أي وقت مضى في دعمهم لترامب.

وقال الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة إنديانا، ستيفن ويبستر: "كلما تمكن الديمقراطيون من جعل هذه الانتخابات استفتاء على دونالد ترامب بدلاً من استفتاء على مدى أهلية جو بايدن للبقاء في منصبه أربع سنوات أخرى، كلما كان حالهم أفضل".

وأشار تقرير CBC إلى حالة التناقض التي نتجت عن محاولة عملية الاغتيال بعد أن حاول ترامب إظهار قوته، مع إظهار قبضته لأعلى في الهواء أمام حشد التجمع الانتخابي عقب إطلاق النار خلال عملية إخراجه من على المسرح من جانب العاملين بجهاز الخدمة السرية. ثم ظهر في الليلة الأولى لمؤتمر الحزب الجمهوري بأذنه المغطاة بالضمادات.

بينما كان بايدن، في هذه الأثناء، يواجه تداعيات لقطات تظهره وهو يكافح للإجابة على الأسئلة أثناء المناظرة، وأيضاً خلطه بين أسماء رؤساء الدول، وأيضاً اسم نائبته في ظهوره العلني منذ ذلك الحين خلال اجتماع دول حلف الناتو.

الحادثة تجبر بايدن وحملته على تغيير الاستراتيجية

بعدما كان نهج حملة بايدن الانتخابية يركز على الهجوم على منافسه ترامب وسياساته والقضايا المرفوعة عليه وإدانته في إحداها، وهو ما يسهم في تخفيف الضغوط عن الرئيس الأميركي في ظل أزمته مع حزبه، أجبرت محاولة اغتيال ترامب بايدن وحملته على تغيير استراتيجيتها.

وفي تقرير لوكالة رويترز يوم الأحد 14 يوليو، أشارت إلى تخطيط حملة بايدن لتبني استراتيجية جديدة بما يتضمن قراراً بعدم مهاجمة الرئيس السابق في الفترة الحالية.

وبعد ساعات قليلة من إطلاق النار على ترامب، أوقفت الحملة الإعلانات التلفزيونية وعلقت الاتصالات السياسية الأخرى التي كانت تسلط الضوء على إدانة ترامب في شهر مايو/ أيار بتهم جنائية ترتبط بدفع أموال لممثلة إباحية من أجل التستر على فضيحة جنسية قبل الانتخابات الأميركية في 2016.

اقرأ أيضاً: بعد محاولة اغتيال ترامب.. حملة بايدن الانتخابية تسعى لتغيير استراتيجيتها

وذكر مسؤولون في حملة بايدن، للوكالة، أن البيت الأبيض والحملة الانتخابية لن يهاجما ترامب في الأيام المقبلة وسوف يركزان بدلاً من ذلك على مواقف الرئيس السابقة المتمثلة في استنكار جميع أنواع العنف السياسي، بما يتضمن انتقاداته الحادة "للفوضى" التي خلقتها الاحتجاجات الجامعية على خلفية الصراع بين إسرائيل وغزة.

وفي ذات السياق، أخبر بايدن خلال مقابلة مع مذيع شبكة NBC News، ليستر هولت، يوم الاثنين 15 يوليو، أنه كان مخطئاً عندما طلب من المانحين أن "يضعوا ترامب في مركز التركيز"، خلال حدث في الأيام التي سبقت محاولة الاغتيال، رغم أنه قال إنه لن يتراجع عن قول الحقيقة بشأن خصمه.

وقال ستيفن ويبستر، لموقع CBC News، إن الناخبين يتأثرون أكثر بمعارضة مرشح واحد، ولهذا السبب حاول الديمقراطيون إثارة المخاوف بشأن احتمال رئاسة ترامب أخرى.

وقال: "ببساطة، الناخب الغاضب هو ناخب مخلص".

ولكن هنا يصبح الأمر معقداً بالنسبة للديمقراطيين الآن، لأن ويبستر يقول إنهم لا يريدون الظهور كما لو أنهم يلعبون السياسة مع محاولة اغتيال ترامب.

وقال ويبستر: "لكن في الوقت نفسه، لا يزال الديمقراطيون يريدون الترويج لرسالتهم بأن دونالد ترامب يشكل تهديداً للديمقراطية الأميركية، وأنه سيكون خطيراً إذا حصل على أربع سنوات أخرى في البيت الأبيض".

من ناحية أخرى، قال خبير استطلاعات الرأي والاستراتيجي السياسي فرانك لونتز، إن الوقت حان لكي يبذل بايدن المزيد من الجهد في الترويج لرؤيته للمستقبل بدلاً من انتقاد ترامب.

وأضاف، لشبكة CBC News، أن ترامب لديه بالفعل قاعدة متحمسة للتصويت له ويحتاج فقط إلى إقناع الناخبين الجمهوريين بالمشاركة في يوم الانتخابات الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني.

وقال لونتز: "هذا ليس هو الحال مع حملة بايدن". "إن ناخبي بايدن محبطون".

وذكر أنه إذا كان بايدن سيحصل بالفعل على تذكرة السباق الشهر المقبل، فسيحتاج الديمقراطيون إلى "مؤتمر ناري" لحشد الدعم للرئيس، وتنشيط ناخبيهم وإقناعهم بالذهاب إلى صناديق الاقتراع.

وقال: "لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكناً خلال هذه الأيام الـ110 من الآن وحتى الانتخابات".