بقلم ندى عبدالسلام

مراسلة في CNBC عربية

تجربة قاسية .. قد يكون اختبرها الملايين من السوريين خلال العقد الأخير، إما من خلال الهجرة أو النزوح.

لكن جاء زلزال تركيا وسوريا -في السادس من فبراير الجاري- وتبعاته المتتالية حتى اللحظة، ليزيد الطين بِله.

ومن جهتها، تقدر الأمم المتحدة أعداد المشردين في سوريا بنحو 5.3 مليون فرد، كثير منهم مشرد بين خيمٍ ومراكز  إيواءٍ مؤقتة أو مخيمات النازحين أو سيارات ينامون بداخلها -جالسين- أو حتى هناك من افترش المدارس والمساجد والحقول والشوارع ولا يزال...

ضحايا الزلزال بين مثوى ومأوى

في سوريا، بلغ عدد ضحايا الزلزال وارتداداته، وفق حصيلة رسمية غير نهائية، أكثر من 3600 ضحية، وبما أن الرقم بات معلناً فإن هؤلاء الضحايا وجدوا مثواهم الأخير.. إلا أن هناك من نجوا، لكنهم الآن بلا مأوى أو رعاية صحية أو مرافق إضافةً إلى نقص في الغذاء والمياه وحتى الدعم النفسي، ناهيك عن تسجيل أكثر من 125 ألف إصابة بجروح.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فإن تأمين مأوى آمن هو من بين الاحتياجات الرئيسية في أعقاب الزلزال، لكن الحكومة السورية ولا حتى الفصائل المسيطرة على بعض المناطق في سوريا لم يعلنوا عن خطة بشكل واضح وسريع لسيناريوهات إعادة الإعمار.

وبشكل رئيس، تضررت خمس محافظات سورية أبرزها إدلب وحلب، ولحقت أضرار بالغة بالبنى التحتية المتداعية بالأساس بسبب التوترات السياسية في البلد منذ أكثر من عشر سنوات، والتي دفعت هي والزلزال كثيراً من الأبنية لتُسَوّى بالأرض تماماً.

إجراءات متأخرة

وبعد مرور أكثر من15 يوماً على الزلزال، حدد اجتماعٌ برئاسة رئيس مجلس الوزراء السوري، حسين عرنوس، ضمّ وزيري الإدارة المحلية والبيئة والأشغال العامة والإسكان ومجلسي إدارة نقابتي المهندسين ومقاولي الإنشاءات، التوجهات والإجراءات اللازم اتخاذها لضبط عملية البناء والإنشاء والأدوار المطلوبة من كل جهة، بما يضمن السلامة الإنشائية للأبنية في مواجهة أي كوارث طبيعية.
وعلى المدى البعيد، تستهدف الحكومة السورية المواءمة بين مناطق نشاط الزلزال وخطط توسع البناء في المناطق المنكوبة.

لكن الاجتماع لم يفصح أو يشير إلى حصر بحجم الأضرار أو خطة زمنية واضحة المعالم لإعادة الإعمار، وهنا قد تبرز أسئلة واستفسارات: هل الجهود الذاتية ستكون هي بطلة المشهد في سوريا لإنقاذ متضرري الزلزال؟ أم سيكون للمنظمات الدولية دوراً وتمويلاً يقدم؟ ومن سيضع هنا معايير البناء التي من شأنها أن تجنب السوريين تكرار المأساة؟

إعادة دراسة الكود السوري الخاص بمقاومة الزلازل

وإلى أن تكشف الأيام عن مسار إعادة الإعمار في المناطق السورية المنكوبة، فإن ما صدر وتأكد حتى الآن هو تكليف نقابة المهندسين بإعادة دراسة الكود السوري الخاص بمقاومة الزلازل، ووفقاً لخصوصية كل منطقة وإمكانية تأثرها بالنشاط الزلزالي بما يخفف أي أضرار قد تقع مستقبلاً.

وعطفاً عما سبق، تتجه البلد لتشكيل لجان فرعية بالمحافظات، يتركز دورها على مراقبة عمل مجابل الأسمنت للتأكد من سلامة المواد وأخذ عينات يومية للتأكد من مطابقتها للمواصفات المعتمدة، على أن يتم إغلاق أي مجبل مخالف للمواصفات وتنفيذ عقوبات قانونية - وذلك حسبما ورد في بيان لمجلس الوزراء - .

تركيا تعلن خطة مرحلة إعادة البناء

وفي المقابل، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن خطة بموجبها سيتم بناء نحو 200 ألف منزل في 11 محافظة تركية تضررت من زلزال السادس من فبراير.
وقال نصاً: "لن يزيد ارتفاع أي من المباني عن ثلاثة أو أربعة طوابق وستُبنى بعيدا من خطوط الصدع وأقرب إلى الجبال "، مشيراً إلى أن بناء هذه المساكن سيبدأ في مارس المقبل.

لاجئون يعودون من تركيا إلى سوريا

وفيما تنتظر المناطق التركية المنكوبة عملية إعادة الإعمار، وجب أن نشير هنا إلى أن هذه المناطق كانت تستضيف، وفق الأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، نحو 1.7 مليون لاجئ سوري، وذلك حينما قرر بعض السوريين الفرار جراء التوترات السياسية والأمنية منذ العام 2011.

لكن وخلال الأيام الماضية، باتت تشهد نزوحاً عكسياً من السوريين للعودة إلى بلدهم.

وجدير بالذكر أن تركيا قد سمحت للسوريين المتمتعين بوضع "الحماية المؤقتة" في واحدة من 11 محافظة تركية متضررة من الزلزال بمغادرة البلاد لمدة أقصاها ستة أشهر.
هذا وتشير الإحصاءات غير الرسمية، إلى أن نحو 3.7 مليون سوري قد لجأوا إلى تركيا منذ التوترات السياسية في البلد والتي بدأت في العام 2011.

سوريا تطلب مساعدة الأمم المتحدة في إعادة الإعمار

مراراً وتكراراً تحمل دمشق -برسائل معلنة ومُبطنة- مسؤولية مشاكلها المالية للعقوبات الغربية المفروضة عليها.
ومن جهته، دعا الرئيس السوري، بشار الأسد، في وقت سابق، وتحدياً خلال لقائه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، دعا إلى بذل جهود دولية للمساعدة في إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا.

فهل ستلبي الأمم المتحدة ومؤسساتها النداء؟ أم أن الأسد غير واثق وهو في عرينه مما قد تحمله الأيام القادمة؟