بقلم ندى عبد السلام
مراقبة أسواق/ مراسلة في CNBC عربية
في يونيو من العام 2001، تأسست منظمة شنغهاي للتعاون من 6 دول، وهي:
روسيا، والصين، وطاجيكستان، وقرغيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان .. وبعد مضي حوالي16 عاماً، انضمت لعضويتها كلاً من دولتي الهند وباكستان، تحديداً في العام 2017.
واليوم، وفي الـ4 من يوليو 2023، ها هي دولة تاسعة "إيران" تنضم لقائمة الدول الأعضاء، بحسب تصريحات كل من وزير الخارجية الروسي والأمين العام للمنظمة.
لكن انضمام طهران لم يكن في حقيقة الأمر سهلاً، إذ ظلت عضواً مراقباً منذ العام 2005، كما وفشلت محاولتها السابقة للانضمام في 2020 بسبب رفض طاجيكستان حينها معللة السبب لعدم الرغبة في ضم بلد يخضع لعقوبات أميركية وغربية.
وبلغة الأرقام، حققت صادرات إيران إلى منطقة أوراسيا نمواً بنسبة 70% في أول شهرين من العام الإيراني الحالي "الذي سينتهي في 02 من مارس 2024".
فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين طهران والدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون حوالي 6 مليارات دولار، وذلك بحسب مدير شؤون آسيا الوسطى وروسيا والقوقاز بمنظمة التنمية التجارية الإيرانية.
وفيما يتعلق بحجم التجارة بين طهران والصين، فوفق الجمارك الصينية قد بلغ 6.5 مليار دولار في الخمسة أشهر الأولى من 2023.
أما التبادلات التجارية مع الهند فقد تراجعت بنسبة 19% في الفترة من يناير إلى أبريل 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي سياق آخر، قد يصل حجم التجارة بين إيران وكازاخستان في مجال الزراعة والصناعات الغذائية إلى مليار دولار في المستقبل القريب، وفق توقعات مساعد وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية.
وزير الخارجية الإيراني: "عضوية إيران ستكون قدرة جدیدة ومتنامیة للمنظمة"
التصريح أعلاه كان في اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، والأمين العام لمنظمة شنغهاي للتعاون، جانغ مينغ، ورغم أن كلماته واضحةً لكنها أثارت تساؤلات حول المضمون.
فما الذي قد تضيفه طهران للمنظمة؟
بحسب خبراء، وبغض النظر عن العقوبات المفروضة حالياً، فإن إيران جغرافيا تتواجد على تقاطع 3 قارات، أفريقيا وآسيا وأوروبا، وموقعاً في مركز الطاقة بين الخليج وبحر قزوين، كما وأنها تجاور عدداً كبيراً من الدول مما يسهل الوصول إلى أسواق آسيا الوسطى والقوقاز.
إيران.. محطة ترانزيت في بعض الممرات التجارية
الممر الشمالي الجنوبي:
لربط أوراسيا، تم توقيع اتفاقية بين روسيا والهند وإيران في سبتمبر من العام 2000، وذلك لتأسيس ممر النقل الدولي الشمالي الجنوبي، وتاليا انضمت للاتفاقية عدة دول منها، كازاخستان وبيلاروسيا، وطاجيكستان، وأذربيجان، وأرمينيا.
الغرض من المشروع هو ربط ميناء الحاويات شرق مومباي في الهند عبر ميناءي چابهار وأنزالي الإيرانيين ثم أذربيجان إلى أستارا خان وسانت بطرسبرغ في روسيا.
ووفق ما صدر من تقديرات غير رسمية، فإن هذا الممر يختصر الطريق بنسبة 40% مقارنة بالطرق البديلة!
ممر تراسيكا TRACECA الأوروبي:
"ممر النقل لأوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى"، يهدف إلى ربط آسيا الوسطى بأوروبا عبر القوقاز والبحر الأسود، ويشارك فيه الاتحاد الأوروبي وحوالي 15 دولة.
وفي بادئ الامر، لم يشمل هذا المشروع إيران لكنها انضمت إلى الاتفاقات في عام 2009 عقب إضافة طريق إيران - تركيا - بلغاريا إلى خطة المشروع.
منظمة شنغهاي: مساعي لتكوين شراكات متعددة الأطراف
ومن إيران إلى بيلاروسيا التي قد تكون الدولة العضوة رقم 10 في منظمة شنغهاي للتعاون، ولم لا وبحسب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فإن اجتماع منظمة شنغهاي في الرابع من يوليو الجاري، سيشهد توقيع مذكرة تفاهم بشأن إطلاق مسار الانضمام الكامل لبيلاروسيا إلى المنظمة، هذا وعلى القائمة مزيد من دول "المراقبة" التي أبدت الرغبة في الحصول على عضوية كاملة مثل منغوليا.
وما بين قائمة الدول الأعضاء والدول المراقبة، تعزز المنظمة من تواجد دول أخرى ضمن قائمة "شركاء الحوار".
ففي مايو 2023 تم التوقيع مع الإمارات وسبقها في مارس من العام نفسه المملكة العربية السعودية، هذا وتشمل القائمة قطر، البحرين، الكويت، مصر، أذربيجان، أرمينيا، كمبوديا، نيبال، تركيا، سريلانكا، وغيرهم.
منظمة شنغهاي للتعاون.. معادلة صفرية أم تكاملية؟
المنظمة التي تأسست كمنظمة سياسية وأمنية واقتصادية، تضم اليوم دولا تمثل نحو 60% من مساحة أوراسيا ويقطن فيها أكثر من 54% من سكان العالم (أي حوالي 3.4 مليار نسمة تقريباً)، كما وتشكل أكثر من 20% من الناتج الاقتصادي عالمياً.
ووفقاً لبيانات "تقرير تنمية التجارة لمنظمة شنغهاي للتعاون لـ 20 عاماً"، زادت القيمة التجارية الإجمالية للدول الأعضاء من 667.09 مليار دولار عام 2001 إلى 6.06 تريليون دولار عام 2020، وزادت حصتها من إجمالي التجارة العالمية من 5.4% عام 2020 إلى 17.5% عام 2021، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء فيها نحو 23.3 تريليون دولار.
فما هي خطة العمل؟
منذ ما يزيد عن 20 عاماً وتسعى الدول الأعضاء في المنظمة للعمل من أجل تسهيل تشكيل اقتصاد عالمي مفتوح يعزز النظام التجاري متعدد الأطراف ويحسن تدفق السلع في المنطقة، ويضمن الاستقرار الاقتصادي والمالي، والنمو المستدام والمتوازن والشامل، كما وتجتمع الدول الأعضاء على أن التجارة العالمية يجب أن تتم وفقاً لمبادئ الشفافية ناهيك عن إزالة الحواجز التجارية القائمة ومنع ظهور أخرى جديدة.
ووفق الموقع الرسمي للمنظمة، يتطلب الأمر عدة إجراءات منها تحديد المجالات الرئيسية للاستثمار والمال والتجارة واتخاذ إجراءات لتنمية الاقتصادات الإقليمية والوصول لنظام متكامل للنقل البري وتعزيز البنية الأساسية وبناء مجمعات صناعية، ناهيك عن أن العمل جاري حالياً على صياغة استراتيجية التنمية الاقتصادية حتى 2030.
وعلى الأرض، تحديداً في أكتوبر 2005، أعلن الأمين العام للمنظمة أن الأولوية ستكون لمشاريع الطاقة المشتركة بما في ذلك النفط والغاز والتنقيب عن احتياطيات جديدة من الهيدروكربون والاستخدام المشترك لموارد المياه، كما تم الاتفاق على إنشاء اتحاد البنوك المشتركة SCO Interbank Consortium من أجل تمويل المشاريع المشتركة المستقبلية.
لكن، ما التحديات التي تواجه منظمة شنغهاي؟
رغم أن دول المنظمة تمتلك موارد طبيعية وبشرية، وتعد الهند والصين من بين أسرع الاقتصادات نمواً عالمياً، يتمثل أحد أكبر التحديات في التوصل لتفاهمات بين المصالح السياسية المختلفة للدول الأعضاء وكذا التعقيدات الإقليمية في بعض المناطق، فيما يرى خبراء صعوبة تحولها إلى تحالف قوي نظراً للتنوع في آسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط.
إذاً، كيف ينظر الغرب إلى المنظمة؟
لأن المنظمة كما ذكرنا سابقاً هي سياسية وأمنية واقتصادية، فإنها تثير قلق الغرب أحياناً وفق خبراء، وذهب البعض لوصفها بأنها "ناتو الشرق"، كتلة ناشئة تضم 4 دول نووية، تمثل نصف عدد الدول النووية في العالم، فيما يستبعد آخرون وجود أوجه شبهٍ إذ يرون أنها تركز أكثر على القضايا الداخلية للدول الأعضاء، كما وأن لها أهدافاً في أنشطة عدة اقتصادية وثقافية وغيرها.
ويظل التساؤل .. متى سيرى الاقتراح الصيني "الذي أُعلن عنه في سبتمبر 2003" بإنشاء منطقة التجارة الحرة بين دول منظمة شنغهاي للتعاون "النور" ؟