بقلم محمد شريف حواص
محرر في CNBC عربية
اندهشت الجماهير الرياضية للمستوى الذي ظهر به لاعبو منتخب المغرب أثناء كأس العالم وتحقيقهم لإنجاز لم يسبق له مثيل في أفريقا والعالم العربي بالتربع على العرش بين الرباعي الأفضل في المونديال، مع فرنسا الأرجنتين وكرواتيا.
إنجاز تاريخي من رحم أزمة..
بالعودة على كواليس حجرات الملابس وفترة تحضيرات أسود الأطلس للمونديال، يجهل الكثيرون أن هذا الانجاز جاء من رحم أزمة عاشتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في وقت حساس، فقبل شهرين فقط من كأس العالم كان الأسود من دون مدرب بعد أن قرر المكتب الجامعي إقالة المدير الفني السابق البوسني- الفرنسي خليلودجيتش في خيار بعنوان "مرغم أخاك لا بطل" حيث تبين أن الأجواء في حجرات الملابس ليست على مايرام بعد أن كشفت وسائل إعلام رياضية مغربية أن المدرب على خلاف مع عدد من اللاعبين الذين باتوا يرفضون التدرب تحت إشرافه مع رواج أخبار بخصوص صراع داخلي بين نجم المنتخب لاعب تشلسي الإنكليزي حكيم زياش وخليلودجيتش.
وبعد محاولات من المسؤولين لتدارك الأمور قبيل المسابقة وحل الإشكال في حجرات الملابس بين المدير الفني واللاعبين تبين أن رحلة الفرنسي– البوسني انتهت مع الاسود، لينطلق أعضاء الجامعة في البحث عن بديل يوافق على دخول هذه المغامرة والمراهنة باسمه والأخذ بزمام الأمور 60 يوماً فقط قبل انطلاق كأس العالم، وهو وقت قصير جداً لا يمكن أن يكون كافياً لتجميع اللاعبين والانطلاق بالتحضيرات وخاصة برمجة المباريات الودية التحضيرية.
في 31 أغسطس 2022 توصل أعضاء المكتب الجامعي لاتفاق رسمي مع المدرب الوطني واللاعب السابق للأسود وليد الركراكي، المدرب الشاب الذي لم تتجاوز تجاربه 3 محطات مع فرق مغربية محلية، ما اعتبره جانب من المتداخلين في كرة القدم رهانأً بحلم بلد بأكمله يمكن أن ينتهي بفشل ذريع وخيبة أمل كبيرة، ولكن ما أكد للمتابعين أنه اختيار اللحظات الأخيرة تصريح المدرب الشاب منذ البداية بأنه سينسحب بعد تقييم المشاركة في المونديال، أي أنه لم يشترط عقداً بمدة زمنية محددة كما هو حال كبار المديرين الفنيين مع المنتخبات ليقلع الركراكي نحو الدوحة وسط تعالي أصوات المنتقدين للرجلز
منتخب المغرب الحصان الأسود لمونديال في الذاكرة
انطلقت رحلة كتيبة الركراكي في المونديال بمواجهة كرواتيا وصيف كأس العالم 2018 في مباراة ظهر الحذر الشديد فيها على كلا المنتخبين، لتنتهي بالتعادل واقتناص الفريق الأفريقي لنقطة ثمينة، ويجذب ممثل العرب انتباه المحللين بعد أداء أظهر فيه كثيراً من النضج التكتيكي.
ولكن أبناء النجم الأخضر فاجؤوا الجميع في ثاني الجولات و أشهروا سيوفهم لينجحوا في الانتصار بهدفين لصفر على بلجيكا التي تعج بنجوم عالمية كإيدين هازارد، لوكاكو وديبروين لاعب المان سيتي.
أداء جذب اهتمام بقية المنتخبات، لتنطلق الأسود في حصد الانتصارات دون المبالاة بالمنافس، فبعد الفوز على كندا وقطع تذكرة للدور ثُمن النهائي، تصور الكثيرون أن الرحلة ستنتهي بملاقاة منتخب الماتادور الإسباني، ليخوض يومها ممثل القارة السمراء أفضل مبارياته عبر التاريخ مستميتاً بدفاع صلب بقيادة مرابط طيلة 120 دقيقة، فتنتهي بتألق وظهور الحارس ياسين بونو والذي نجح في التصدي لثلاث ركلات جزاء معبداً الطريق أمام زملاءه للمرور للدور الموالي.
ومع كل انتصار بات الحلم المغربي الأفريقي العربي يكبر أكثر فأكثر، ليجد الأسود دعماً جماهيرياً كبيراً أمام منتخب البرتغال، قرابة 40 ألف متفرج عربي كانوا حاضرين في مدرجات ملعب الُثمامة لمساندتهم والاحتفال بانتصار تاريخي غير منتظر على زملاء أحد أساطير كرة القدم كريستيانو رونالدو بهدف لصفر، وهنا أكد الأسود أحقية كنيتهم باقتلاع مكان بين الرباعي الأفضل في كأس العالم.
مرتبة رابعة سابقة هي الأولى في العالم العربي، ومرتبة هي الأفضل في القارة السمراء خاصة أن المستوى الفني للمونديال يعتبر من بين أفضل الكؤوس منذ تأسيسها.
أبناء الركراكي نجوم ساطعة في سماء المونديال
إنجاز صاحبه تألق فردي للعديد من االعناصر، فقد تحول من شكك الكثيرون في أحقيته بقيادة الأشبال نحو الحلم إلى نجم محنك يوجه اللعبة من وراء خط التماس، وليد الركراكي المدافع الدولي المغربي السابق، نجح في وضع بصمته على طريقة لعب منتخب بلاده في فترة وجيزة، خاصة من جانب الدفاع فلم يقبل أبناءه منذ بداية المسابقة و قبل المباراة الترتيبية إلا هدفاً وحيداً وعن طريق الخطأ.
رحلة الأسود نحو الحلم العربي شهدت بروز أشبال كالحكيمي والزياش وبوفال ومرابط وخاصة ياسين بونو الذي تحول لنجم في مواقع التواصل الإجتماعي بعد تألقه في التصدي لثلاث ضربات الجزاء.
رغم أن لاعبي المنتخب العربي لم يسجلوأ حضورهم على منصة التتويج ولم ينالو حتى شرف ارتداء القلادة البرونزية، إلا أن أداءهم بهدف تشريف راية بلادهم و بلوغهم لهذه المرتبة جعل كل العرب مغاربة لثناء مباريات الأسود.