في أقل من 24 ساعة، عاشت روسيا أحداثاً عاصفة بعد تمرد مجموعة فاغنر العسكرية وسيطرتها على مدينة روسية في الجنوب وسط مساعي للإطاحة بالقيادة العسكرية.

وعلى الرغم أن الأمور الآن تميل نحو التهدئة إذ أعلن يفغيني بريغوجين قائد المجموعة العسكرية وقف التقدم نحو العاصمة الروسية "حقناً للدماء"، إلا أن المشهد لا يزال متوتراً ومترقباً لما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة.

كيف اشتعلت الأمور؟

بدأت الأزمة تطفو إلى السطح بعدما نشر بريغوجين في وقت متأخر من يوم الجمعة مقطع فيديو تحدث خلاله لأول مرة عن رفضه للمبررات الروسية الأساسية لغزو أوكرانيا.

كما صعدّ من نبرة خلافه مع كبار ضباط الجيش الروسي، وقال لفظاً: "شر القيادة العسكرية الروسية يجب أن يتوقف سنقود مسيرة من أجل العدالة ضد الجيش الروسي".

وبحلول يوم السبت أعلن بريغوجين أن رجالة تمكنوا من عبور الحدود من أوكرانيا نحو روسيا مع التأكيد على استعدادهم للذهاب إلى أبعد مدى فيما يتعلق بمعارضة الجيش الروسي.

وبالفعل دخلت قوات بريغوجين مدينة روستوف في جنوب روسيا.

كيف ردت الحكومة الروسية؟ 

بعدما بثّ بريغوجين مقطع الفيديو يوم الجمعة أعلن جهاز الأمن الاتحادي فتح قضية جنائية ضد بريغوجين، واتهمه بالدعوى إلى تمرد مسلح.

ومع دخول قوات بريغوجين إلى مدينة روستوف دعا حاكم المنطقة السكان إلى الالتزام بالهدوء والبقاء في المنزل.

كما أصدرت وزارة الدفاع الروسية بياناً طالبت فيه قوات بريغوجين بالتخلي عن زعيمهم.

وجاء ذلك قبل أن يلقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطاباً تعهد فيه بـ"سحق التمرد المسلح"، متهماً بريغوجين بالخيانة و"طعنه في الظهر" لروسيا.

المجتمع الدولي يراقب..

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه تحدث مع نظرائه في مجموعة السبع والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بعد سيطرة مقاتلي مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة على بعض المنشآت العسكرية في جنوب روسيا.
              
وكتب بلينكن على Twitter: "ستواصل أميركا التنسيق الوثيق مع الحلفاء والشركاء مع استمرار تطور الوضع في روسيا".

كما بحث الرئيس الأميركي بايدن الوضع في روسيا مع الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني.

في الوقت نفسه أكد رئيس المجلس الأوروبي أن تلك الأزمة هي قضية روسية داخلية وأن دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا ورئيسها لا يتزعزع.

هذا وحثت فرنسا بعدم السفر إطلاقاً إلى روسيا بسبب التقلبات السريعة في الأوضاع الأمنية والعسكرية داخل البلاد.

فيما أعلنت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان تحدث هاتفياً مع نظيره وحثه على التصرف بعقلانية.

وتلقى بوتين دعماً من الشيشان، إذ أعلن رمضان قديروف -حليف بوتين- أن قواته مستعدة للمساعدة في إخماد تمرد بريغوجين.

أما الخارجية القطرية فقد حذرت من تفاقم الأوضاع في روسيا وأوكرانيا مشددة أنه سيكون له تبعات سلبية على الأمن وإمدادات الغذاء و الطاقة.

الانسحاب من روستوف

بعد وساطة من رئيس روسيا البيضاء قرر بريغوجين الانسحاب من روستوف وإنهاء التمرد المسلح.

وأمر قائد فاغنر رجاله الذين يتقدمون صوب موسكو -على بعد 200 كيلومتر من العاصمة الروسية- التراجع والعودة إلى القواعد حقناً للدماء.

وفي تسجيل صوتي قال بريغوجين: أرادوا حل مجموعة فاغنر العسكرية..انطلقنا في مسيرة من أجل العدالة في 23 يونيو حزيران وفي غضون 24 ساعة كنا نبعد عن موسكو مسافة 200 كيلومتر، وفي هذا الوقت، لم ينزف أي من مقاتلينا نقطة دم واحدة".

وأضاف "لقد حانت اللحظة التي يمكن فيها إراقة الدماء..وانطلاقاً من تحملنا مسؤولية احتمال إراقة الدم الروسي من جانب واحد، فإننا قررنا عودة مقاتلينا إلى المعسكرات الميدانية كما كان مقررا".

وكان رئيس بلدية موسكو أعلن تعطيل العمل في العاصمة يوم الإثنين لتقليل المخاطر، وفي ظل الإعلان عن نظام مكافحة الإرهاب.

ومع التوصل إلى اتفاق، أعلن الكرملين أنه سيتم إسقاط القضية الجنائية ضد بريغوجين وسيذهب إلى روسيا البيضاء.

ووصف المتحدث باسم الكرملين أحداث اليوم بأنها مأساوية، مع التشديد على أنه لن يتم اتخاذ إجراءات قضائية ضد المقاتلين الذين شاركوا في الزحف.