في ظل تحول دراماتيكي من المتوقع أن تشهده بريطانيا الفترة المقبلة حال تحقق التوقعات وفوز حزب العمال في الانتخابات البرلمانية، تبرز القضايا الاقتصادية كمسألة أساسية تتجه إليها الأنظار عند تحديد المصير السياسي لدى الدولة صاحبة سادس أكبر اقتصاد في العالم.
ومع اتجاه الناخبون إلى صناديق الاقتراع اليوم الرابع من يوليو تموز، ستحركهم مجموعة من العوامل عند الإدلاء بأصواتهم، وسيكون الجانب الاقتصادي على رأسها. إذ سيفكرون في الكيفية التي تناول بها المحافظون هذا الملف الشائك طوال فترة 14 عاماً ظلوا فيها بالسلطة.
وشهدت تلك الفترة أحداثاً داخلية وعالمية كان لها تأثيراً كبيراً على الوضع الاقتصادي في بريطانيا، من بينها التقشف العميق بعد الأزمة المالية العالمية، والبريكست وما نتج عنه من قيود جديدة على التجارة، وجائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية.
وفي المناظرة التي جمعت بين ريشي سوناك زعيم المحافظين وكير ستارمر زعيم المعارضة، حاول كل منهما إلقاء اللوم على الآخر وإبراز قوته الاقتصادية.
سوناك أكد أن ارتفاع الأجور وتعزيز الاقتصاد هو دليل على نجاح خطته لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، بينما هاجم ستارمر الحزب الحاكم لترأسه أكثر من 14 عاماً من التدهور الاقتصادي.
اقرأ أيضاً: مع انطلاق الانتخابات .. ماذا قدم المحافظون للاقتصاد البريطاني طوال 14 عاماً في الحكم؟
ما أبرز القضايا التي تهم الناخبين؟
وفقاً لاستطلاع الرأي الدوري الذي تجريه شركة yougov، تأتي القضايا الاقتصادية في المقام الأول كأكثر ملف يشغل البريطانيين إذ استحوذت على 52% من الأصوات. وجاءت الرعاية الصحية بعدها مباشرة في المرتبة الثانية عند مستويات 50%.
وحلت أزمة الهجرة وطلبات اللجوء في المرتبة الثالثة في استطلاع الرأي بتاريخ الرابع والعشرين من يونيو حزيران بواقع 40% من الأصوات. كما جاء الإسكان في مرتبة متقدمة إذ استحوذ على 24% من الأصوات.
كما أظهرت استطلاعات الرأي بواسطة Ipsos في الأشهر الأخيرة أن معظم البريطانيين يشعرون بأن وضعهم الاقتصادي أسوأ مقارنة بما كانوا عليه قبل الانتخابات الأخيرة في 2019.
واستحوذت الرعاية الصحية على المركز الأول على مستوى أهم القضايا التي تواجه بريطانيا اليوم، ويأتي بعدها الاقتصاد ثم الهجرة فالتضخم والإسكان.
ما الاختلاف بين سياسة المحافظين والعمال؟
سوناك يرى أن أيام أفضل تنتظر البريطانيين مع استمرار تباطؤ التضخم، وهو عكس ما يراه قادة حزب العمال، الذين أكدوا أنه حتى في حال فوزهم في الانتخابات فإنهم سيرثون اقتصاداً متعثراً مع مساحة قليلة لإجراء تغييرات كبيرة .. فما الفرق بين الفريقين في تناول القضايا الاقتصادية؟
الإنفاق .. اقترح وزير المالية البريطاني إجراء تخفيضات في الإنفاق العام مشيراً في ذلك إلى المكاسب على مستوى الإنتاجية في القطاع العام لكن العديد من الاقتصاديين يرون أن تلك المسألة غير قابلة للتصديق بالنظر إلى الضغوط التي تعاني منها العديد من الخدمات بالفعل.
أما حزب العمال فتعهد بتحسين الخدمات العامة وإنهاء مسألة قلة الاستثمارات في البنية التحتية وغيرها من المناطق الحيوية لتحقيق نمو اقتصادي أسرع.
سوق العمل .. تعهد حزب العمال بالتقييد الشديد لعقود الساعة الصفرية -نوع من عقود العمل في قانون العمل في المملكة المتحدة، بين صاحب العمل والموظف حيث لا يكون صاحب العمل ملزماً بتوفير أي حد أدنى لعدد ساعات العمل للموظف- ومنح الموظفين الجدد المزيد من الحماية ضد الفصل وإبطال القوانين التي تقيد الأنشطة النقابية.
على الجانب الآخر، يرى حزب المحافظين أن خطط العمال لسوق العمل ستؤدي إلى مزيد من الإضرابات.
الاتحاد الأوروبي .. حاول سوناك تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، لكن البريكست مارس ضغوطات على الاقتصاد، وتمثل القيود الجديدة على واردات الطعام من الاتحاد الأوروبي أحدث الصعوبات على الشركات.
أما ستارمر فتعهد بتحسين العلاقات بداية من 2025 عند مراجعة صفقة الشراكة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه لن يعود ببريطانيا إلى السوق الأوروبية الموحدة أو الاتحاد الجمركي.
الاقتصاد الأخضر .. يهدف العمال إزالة الكربون من شبكة الأجهزة الكهربائية بحلول 2030 وهو موعد أقرب بحوالي خمس سنوات من مستهدف المحافظين.
ويرى حزب العمال أن تنفيذ ذلك سيسهل بناء مزارع الطاقة من الرياح جديدة وصندوق وطني للاستثمار في التكنولوجيا الخضراء. لكن حزب المحافظين يرى أن الخطط ستكون أكثر تكلفة مما يدعي حزب العمال.
الضرائب .. الأعباء الضريبية في بريطانيا هي الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية بعد زيادة الإنفاق العام خلال جائحة كورونا وارتفاع أسعار الطاقة في 2022. لكن سوناك سعى نحو خلق خط واضح مع العمال، مشيراً إلى أنه يرغب في إلغاء جميع مساهمات الضمان الاجتماعي التي يدفعها العمال على المدى الطويل.
لكن حزب العمال قال إن هذه الخطة غير مجدية، وتعهد بعدم زيادة ضريبة الدخل أو ضرائب الشركات على أرباح الشركات، فيما يخطط لفرض ضريبة القيمة المضافة على مصاريف المدارس الخاصة.