تنطلق دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 في فرنسا يوم الجمعة المقبل 26 يوليو/ تموز وحتى الفترة 11 أغسطس/ آب، وسط توقعات بأن تحقق الدولة المستضيفة مكاسب اقتصادية تصل إلى نحو 11 مليار يورو، بالإضافة إلى نشاط القطاعات الاقتصادية المختلفة وتوفير فرص عمل وبناء بنية تحتية رياضية وغيرها بما ينعكس على الاقتصاد الفرنسي.
كانت دراسة مستقلة صدرت في شهر مايو/ أيار الماضي توقعت أن تولد دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 ما بين 6.7 و11.1 مليار يورو من صافي الفوائد الاقتصادية في منطقة باريس، مع سيناريو متوسط يتوقع 8.9 مليار يورو من صافي الأثر الاقتصادي.
وذكرت الدراسة الصادرة عن مركز القانون والاقتصاد في الرياضة (CDES) التابع لجامعة ليموغ، أن التأثير الصافي لاستضافة الأولمبياد يتوزع على الفترة من 2018 (مع بداية العمل في البنية التحتية للتجهيز للبطولة) إلى 2034، ويأتي من ضخ خارجي للموارد الاقتصادية داخل منطقة إيل دو فرانس، وهو ما لم يكن ليحدث بدون الألعاب.
ومن المتوقع أن يتمحور التأثير حول السياحة والبناء وتنظيم الألعاب، لتشكل هذه البنود نسب 30%، و28%، و42% من صافي الأثر الاقتصادي على التوالي.
وتوقعت الدراسة أن يزور باريس خلال الألعاب ما بين 2.3 و3.1 مليون زائر فريد يحملون تذاكر الألعاب، حوالي 64% منهم فرنسيون. وسيتم إنفاق ما يقدر بـ 2.6 مليار يورو من السياح الذين سيسافرون إلى باريس خلال فترة دورة الألعاب، بتذاكر أو بدونها، وفقاً لمكتب السياحة في باريس.
يأتي معظم الإيراد الخاص بالبطولة البالغ سبعة مليارات يورو من حقوق الإعلام والرعاية وإصدار التذاكر، لكن هناك جزء يعود من الاستثمار الخاص في مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل، ويتضمن مساهمة اللجنة الأولمبية الدولية بمبلغ 1.7 مليار دولار نقداً وخدمات.
بحسب الدراسة، يبلغ التمويل العام ثلاثة مليارات يورو، ويغطي بشكل أساسي المشاريع التي ستلبي الاحتياجات طويلة المدى للمجتمعات المحلية. وتشير التقديرات إلى أنه مقابل كل يورو من الإنفاق العام هناك تأثير للرافعة المالية قدره ثلاثة يورو من التأثير الاقتصادي (وفقاً للسيناريو المتوسط).
ويذهب 80% من الاستثمارات العامة إلى سين سان دوني، وهي واحدة من المقاطعات الأحدث والأكثر حرماناً في فرنسا. وستوفر القرية الأولمبية، على سبيل المثال، الواقعة في سين سان دوني 2800 وحدة سكنية ومدرستين جديدتين، ليستفيد منها 6000 ساكن.
اقرأ أيضاً: مايكروسوفت تتهم روسيا بالتضليل حول أولمبياد باريس والكرملين يرد على "الافتراء"
وتماشيا ًمع خريطة الطريق الاستراتيجية للجنة الأولمبية الدولية، والأجندة الأولمبية 2020، خطط منظمو باريس 2024 للألعاب ذات المسؤولية الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، والتي تعود بالنفع على السكان المحليين قبل حفل الافتتاح بوقت طويل، بحسب الموقع الإلكتروني للجنة الأولمبية الدولية.
ويتمثل طموح باريس 2024 في استضافة الألعاب التي تخلق فرصاً اقتصادية مفتوحة للجميع، وتعزز التوظيف المحلي وريادة الأعمال، وتساعد الناس على تطوير مهارات جديدة، بالإضافة إلى خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50% مقارنة بالدورات السابقة.
ونفذت دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 وSolidio (هيئة التسليم الأولمبية) عدداً من المبادرات، لضمان أن تعود العقود البالغة قيمتها خمسة مليارات يورو بالنفع على النسيج الاقتصادي بأكمله وجميع الشركات، ولا سيما الشركات الصغيرة جدًا.
وأشار موقع اللجنة الأولمبية إلى نحو 78% من موردي دورة باريس 2024 هم شركات صغيرة ومتوسطة الحجم، مع أكثر من 500 شركة محلية من الاقتصاد الاجتماعي والتضامني (ESS).
ويعمل ما يقرب من 181 ألف شخص أو من المقرر أن يعملوا في أدوار مرتبطة بالألعاب، ويهدف المنظمون إلى تحويل هذه الفرص إلى فرص عمل دائمة وشاملة.
كم التكلفة المقدرة لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية؟
تقدر دراسة لمجلس العلاقات الخارجية (CFR) الأميركي تكلفة تنظيم دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 بنحو 8.7 مليارات دولار، وأشارت إلى أن باريس خصصت ميزانية تبلغ حوالي ثمانية مليارات دولار للدورة عندما فازت باستضافتها في عام 2017.
اقرأ أيضاً: بعد نتائج الانتخابات في فرنسا.. وزير المال يحذر من خطر "أزمة مالية" وتراجع الاقتصاد
ومنذ ذلك الحين، رفعت المدينة ميزانيتها بعدة مليارات من الدولارات. يتم تقسيم التكاليف بالتساوي نسبياً بين نفقات التشغيل والبنية التحتية الجديدة، وفقاً لتحليل S&P Global Ratings. وإذا ظلت التكلفة النهائية على هذا المستوى، فسوف تستضيف باريس أرخص دورة ألعاب صيفية منذ عقود من الزمن.
ويقول المنظمون إن قرار الاعتماد بشكل كامل تقريباً على الملاعب الحالية، مثل تلك التي تم إنشاؤها لبطولة فرنسا المفتوحة السنوية وبطولة كرة القدم الأوروبية لعام 2016، أدى إلى انخفاض التكاليف. كما سيتم توزيع المباريات على ملاعب في مدن فرنسية أخرى، بما في ذلك ليون ومرسيليا ونيس.
لكن باريس أنفقت حتى الآن 4.5 مليار دولار على البنية الأساسية، بما في ذلك 1.6 مليار دولار لقريتها الأوليمبية.
التأثير على النمو الاقتصادي
قال المعهد الوطني للإحصاء والإحصاء يوم الثلاثاء 9 يوليو/ تموز، إن تأثير الألعاب الأولمبية على الاقتصاد الفرنسي من المرجح أن يعزز النمو الاقتصادي للبلاد هذا العام، على الرغم من أن الوضع السياسي المضطرب في فرنسا قد يعرض تلك التوقعات للخطر.
وذكر المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE) أن النمو الفصلي في الربع الثالث من العام الجاري سيتسارع إلى 0.5% تزامناً مع وقت تنظيم البطولة، من 0.3% في فترة الربع الثاني.
وأضاف أن الألعاب الأولمبية، المقرر إقامتها خلال شهري يوليو وأغسطس، ستساهم بنسبة 0.3% في النمو بفضل بيع التذاكر وحقوق البث التلفزيوني وزيادة السياحة، بحسب وكالة رويترز.
وقال الخبير الاقتصادي في المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، دوريان روشيه، إن التأثير سيكون مماثلاً للتأثير الذي خلفته أولمبياد لندن 2012 على الاقتصاد البريطاني.
ومع ذلك، فإن التأثير الإجمالي يعتبر أكثر تواضعاً مما كان يأمله الكثيرون، حيث أن تكاليف السفر والإقامة المتصاعدة، وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا والمخاوف الأمنية تثبط عزيمة العديد من مشجعي الرياضة.
من المتوقع أن ترتفع حجوزات الطيران بنسبة 10% على أساس سنوي خلال فصل الصيف، وفقاً لشركة بيانات تذاكر الطيران ForwardKeys.
وقال المعهد إن الاقتصاد الفرنسي سيستفيد من استهلاك الأسر، والذي ينبغي أن يحصل أيضاً على دفعة من الألعاب الأولمبية، على الرغم من أن الاستثمار لن يشهد أي نمو في النصف الثاني من العام حيث تظل أسعار الفائدة مرتفعة نسبياً.