خلال أبريل نيسان عام 2023، زار الرئيس التنفيذي لـApple، تيم كوك، الهند، وقام بافتتاح متجرين جديدين تابعين للشركة، كما التقى رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي بالإضافة إلى عقد لقاءات مع عملاء في الهند وكذلك زيارة بعض المعالم هناك.
وتعد رحلة كوك بمثابة إشارة قوية على أن الهند أصبحت محوراً استراتيجياً بالغ الاهمية لشركة Apple مع ابتعاد سلاسل الإمداد والتوريد عن الصين وتشبع سوق الهواتف الذكية بشكل متزايد بمالكي جوال آيفون الشهير.
ويمكن للهند أن تستحوذ على الدور الذي لعبته الصين في أعمال Apple على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، فهي بمثابة سوق ضخم ممتليء بالعملاء من الطبقة المتوسطة مما يعني المزيد من المبيعات وربما توسيع قاعدة الشركة لإنتاج الملايين من جوالات Apple.
ويقول المحللون إن عدد سكان الهند الكبير واقتصادها القوي في وضع مثالي لشركة Apple لإحراز المزيد من التقدم من خلال زيادة جهود التسويق وتقديم البيع بالتجزئة في البلاد.
وفي الوقت نفسه، فإن حكومة الهند حريصة على العمل عن كثب مع شركة Apple لتوسيع أنشطة التصنيع في البلاد.
من جانبه، قال أنجيلو زينو، كبير المحللين في CFRA للأبحاث، إن هناك مجالاً لنمو Apple في شبه القارة الهندية، وذلك مع الأخذ في الاعتبار استحواذ الشركة الأميركية على أقل من 5٪ من حصة سوق الهواتف الذكية في الهند، مقابل حوالي 18٪ في الصين. ويعمل الجزء الأكبر من مبيعات الهواتف الذكية في كل من الهند والصين نظام التشغيل Android المملوك لـGoogle.
وقال زينو: "عندما تنظر إلى الهند اليوم، فإنها تشبه إلى حد بعيد الصين قبل 15 أو 20 عاماً". "إنه حقًا تأثير الثروة الطبيعية بمرور الوقت الذي سيساعد Apple حقاً على تحقيق نقلة نوعية مع وجود إمكانات أعلى للإيرادات بشكل ملحوظ في الهند."
وبالطبع، أمام Apple فرصة سانحة، فبالمقارنة، حققت الشركة الأميركية مبيعات بقيمة 74 مليار دولار في الصين وهونغ كونغ وتايوان في السنة المالية 2022، وهذا يمثل حوالي 18٪ من إجمالي إيرادات Apple خلال نفس الفترة.
أما مبيعات Apple في الهند، فقد بلغت حوالي 4 مليارات دولار في السنة المالية 2022.
وقام كوك بعقد مقارنة بالفعل بين سوقي الهند والصين مع المستثمرين، ففي وقت سابق هذا العام، علق قائلاً: "نحن، في الأساس، نأخذ ما تعلمناه في الصين منذ سنوات ونقوم بتطبيقه".
نظام التشغيل أندرويد
الهند هي أكبر سوق على مستوى العالم لم يخترقه iPhone بالكامل، مما يعني أنه مهم لنمو المبيعات.
وتفاخر كوك في فبراير شباط الماضي بأن الشركة نجحت في استمالة بعض الزبائن الجدد في الهند الذين امتلكوا في السابق هواتف تعمل بنظام التشغيل أندرويد ثم قرروا بعد ذلك شراء أول هاتف آيفون.
وأوضح كوك أن شركة Apple حققت أفضل مبيعات ربع سنوية على الإطلاق من جوالات آيفون في الهند خلال الربع المنتهي في ديسمبر كانون الأول.
وربما يرجع السبب الرئيسي وراء اهتمام الهنود بشراء جوالات تعمل بنظام أندرويد إلى السعر، حيث يتم تسعير معظم الهواتف المباعة في الهند بأقل من سعر آيفون الجديد الأقل تكلفة.
وقدر محلل الصناعة IDC في فبراير شباط أن متوسط سعر بيع الهاتف الذكي في الهند هو 224 دولاراً، والذي زاد بنسبة 18٪ في عام 2022، بينما يتم بيع هاتف - iPhone SE - بسعر 429 دولاراً في الولايات المتحدة.
وتتمثل إحدى طرق Apple لمعالجة هذه الفجوة في السماح للعملاء بالدفع على أقساط، أو منحهم خصومات لشراء نسخ أقدم طرازاً.
قال كوك: "لقد تم إنجاز الكثير من خيارات التمويل والمبادلات لجعل المنتجات في متناول الجميع ومنح المستهلكين المزيد من الخيارات للشراء".
ومن المتوقع أيضاً أن يسهم متجرا Apple، الذين تم افتتاحهما مؤخراً في الهند ومتجر Apple عبر الإنترنت الذي تم إطلاقه في البلاد في عام 2020، في نمو المبيعات.
"اصنع في الهند"
يتمثل الجزء الثاني من الاستراتيجية في صناعة منتجات Apple في الهند، وهو مشروع ضخم لا يتطلب اهتمام Apple فحسب، بل يتطلب أيضاً جهودًا من شركائها في التصنيع والجهات المحلية والوطنية.
في الوقت الحالي، يتم تجميع جميع أجهزة iPhone تقريبًا في الصين، مما تسبب في بعض المشاكل على مدار السنوات الخمس الماضية، بدءًا من التوترات التجارية والتعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين أثناء ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، ووصولاً إلى المزيد من الاضطرابات الأخيرة في سلسلة التوريد التي سببتها قيود الإغلاق المرتبطة بجائحة كوفيد-19 في الصين والتي أسفرت عن حدوث عجز في الإنتاج والمبيعات.
يمكن أن تصبح الهند في نهاية المطاف رابحاً كبيراً حيث تبحث Apple عن خيارات التصنيع بعيداً عن الصين، وفي يناير كانون الثاني الماضي، قال وزير التجارة الهندي لـCNBC إن شركة Apple تصنع أحدث هواتفها من iPhone 14 في البلاد، وكان لديها هدف لإنتاج ما يصل إلى 25٪ من جميع أجهزة iPhone في بلاده.
كما تتوسع شركة Foxconn، المورد الرئيسي في التصنيع لشركة Apple، والتي تشرف على جزء كبير من تجميع أجهزة آيفون الجديدة بالصين، في الهند أيضاً، ويقال إنها تبني مصنعاً باستثمارات تقدر بنحو 700 مليون دولار لقطع غيار آيفون في بنغالور.
وفي تنافسية أخرى مع الصين، تحرص الحكومة الهندية على تبني شركة Apple واستخدامها كرمز لجذب شركات التكنولوجيا الفائقة الأخرى إلى البلاد للتصنيع والتطوير.
ليس بهذه السرعة!
ليست هذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها المستثمرون بالحماس تجاه إمكانات Apple في الهند، لكن يحذر بعض المحللين من أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل أن تصبح الهند سوقاً ضخمة على غرار الصين.
وأوضح زينو: "لقد أخبرت المستثمرين بهذا: كل الضجيج الذي تسمعه عن الهند مؤخراً عظيم، أعني، إنها فرصة هائلة من وجهة نظرنا، على مدى العقد المقبل، لكن لا تتوقع أن تتغير الأمور بين عشية وضحاها."
وواجهت Apple أيضًا تحديات في تجاربها المبكرة للتصنيع في البلاد، وعلى الأخص في مصنع Wistron في بنغالارو لتجميع طرازات آيفون القديمة حيث اندلعت أعمال شغب عمالية في أواخر عام 2020.
وتركز آبل على التوسع في الهند منذ عام 2016 على الأقل، عندما التقى كوك سابقًا برئيس الوزراء مودي.
في ذلك الاجتماع، أخبر كوك مودي عن إمكانية تصنيع وبيع سلع منتجات Apple بالتجزئة في البلاد. الآن، بعد ست سنوات، عاد كوك إلى الهند لافتتاح أول متجرين تجزئة تابعين للشركة.
أفضل تلخيص لاستراتيجية Apple طويلة المدى في الهند هو ما تمثل في تصريحات كوك لوسائل الإعلام المحلية خلال رحلته عام 2016 إلى شبه القارة الهندية.
"نحن نضع طاقة هائلة هنا، ونحن لسنا هنا لمدة ربع أو ربعين سنويين، أو الربع القادم، أو العام المقبل، نحن سنبقى هنا لألف عام".