في بلد يتجاوز تعداد سكانه 105 ملايين نسمة، أصبح التضخم الهاجس الأكبر الذي يؤرق حياة الأسرة المصرية، بل وتسبب في تغيير أنماط الاستهلاك لكثير من المصريين. 
 
يحاول الكثيرون التكيف مع زيادات الأسعار وغلاء المعيشة؛ فالبعض توقف عن شراء السلع غير الضرورية والاعتماد على بدائل أقل تكلفة حتى ولو كانت أقل جودة، فيما بدأ آخرون البحث عن وظائف إضافية لزيادة دخولهم، وتحولت شريحة أخرى لفئة النباتيين بسبب ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك، فيما يكتفي الكثيرون بالقليل من قوت يومهم دون النظر لحسابات غد.    
 

 


سجل التضخم في المدن المصرية مستوى تاريخيا هو الأعلى على الإطلاق خلال شهر سبتمبر الماضي عند 38% بينما تباطؤ خلال شهري أكتوبر ونوفمبر ليصل إلى 34.6%. 
 

 


أجج التضخم الحاد والنابع من عوامل داخلية وخارجية أسعار المواد الغذائية وكل ما هو معروض على أرفف المحال من سلع ومنتجات غذائية وغير غذائية، فالتضخم لم يستثن شيئا في مصر من الخضر والفاكهة إلى اللحوم والدواجن ومنتجات الجبن والألبان وصولا إلى السكر الذي تضاعفت أسعاره خلال الأسابيع الماضية لتصل إلى 50 جنيها للكيلو رغم تأكيد الحكومة على توفيره في المجمعات الاستهلاكية بسعر 27 جنيها. 
 
تسعى الحكومة المصرية لسد فجوة السكر الحالية بين العرض والطلب من خلال ضخ كميات كبيرة في السوق إما عبر الاستيراد من الخارج أو زيادة الإنتاج المحلي.   
 
ويصل حجم استهلاك مصر من السكر سنويًا إلى نحو 3.2 مليون طن، فيما يتراوح حجم الإنتاج من 2.7 إلى 2.8 مليون طن سنويًا.  
 
التضخم متهم أيضاً بتعكير مزاج المصريين، فارتفاعات السجائر التي تضاعفت مؤخراً جعلت أحمد رمضان المحاسب بإحدى شركات القطاع الخاص يقلع عن التدخين بسبب الزيادات غير المسبوقة، يعلق: "العيشة بقت غالية وعلبة السجائر كانت وصلت 100 جنيه.. ده حرام، بيتي أولى بها".  
 
ارتفعت أسعار منتجات التبغ والسجائر في مصر بشكل حاد خلال الفترة الماضية، قبل أن تعود للهدوء مؤخراً، لكنها ظلت فوق الأسعار الرسمية بما يترواح 2 جنيه إلى 10 جنيهات لبعض الأصناف.   
 
على جانب آخر وفي بلدة فقيرة تقع وسط الدلتا، توقفت صابرين التي تعول أسرة مكونة من 4 أفراد عن شراء اللحوم والدواجن وحتى الأسماك، نظراً لارتفاع أسعارها. 
 
"بقالنا 5 شهور مش قادرين نشتري لحمة".. هكذا عبرت صابرين عن تحولها الحتمي إلى فئة النباتيين. 

تأثرت أيضاً تكاليف التشغيل للمصانع الغذائية في مصر، لذا شهدت أسعار الجبن والألبان أكثر من زيادة خلال هذا العام وصلت لأكثر من 30% في بعض منها، كما كان الحال في منتجات أكثر الشركات استحواذاً على سوق الألبان في مصر: "جهينة ودومتي وعبور لاند".   
 
ومن بين تقليل النفقات والإقلاع عن التدخين والتوقف عن شراء اللحوم، ثمة جولات للعديد من أرباب الأسر للبحث عن وظائف إضافية لزيادة الدخول.   
 
أجبر التضخم وتكاليف المعيشة محمود السيد ويبلغ من العمر 45 عاماً على العمل في وظيفة إضافية "دليفري" للفترة المسائية، في إحدى الصيدليات، في محاولة لتعزيز دخله الشهري وتلبية حاجات أسرته المكونة من أم وأربعة أطفال.  

 
 
يبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر 3500 جنيهاً تعادل 113 دولار تقريباً، وفق أسعار الصرف الرسمية.  

 


 
تحاول الحكومة المصرية تخفيف الأعباء والزيادات السعرية على المواطنين؛ وتتفق مع السلاسل التجارية لإطلاق تخفيضات لأسعار السلع الغذائية الأساسية، وسط مطالبات بفرض مزيد من الرقابة على التجار لفرض التغيير والانخفاضات المأمولة. 

ساهم انخفاض الجنيه بنحو 98% منذ شهر مارس 2022 في وصول التضخم لمستويات قياسية، حيث دفعت أزمة نقص النقد الأجنبي البنك المركزي لخفض قيمة الجنيه ثلاث مرات متتالية. 
 
تسببت أزمات خارجية في انخفاض الجنيه سيما بعد أزمتي "كورونا والحرب الروسية الأوكرانية" حيث تعرض الاقتصاد المصري لضغوط عدة كان على رأسها خروج أكثر من 22 مليار دولار من أدوات الدين الحكومية ما تسبب في نقص حاد في النقد الأجنبي.  

 

 

لتبقى على اطلاع بآخر الأخبار تابع CNBC عربية على الواتس آب اضغط هنا وعلى تليغرام اضغط هنا