المملكة المتحدة على موعد مع إجراء انتخابات عامة خلال أسابيع قليلة، واستطلاعات الرأي تخلص حتى الآن إلى احتمال عودة حزب العمال إلى السلطة بعد 14 عاماً، الأمر الذي سيترك أثراً إيجابياً على سوق الأسهم وفق قراءة المحللين.

من شأن فوز حزب العمال سيؤدي إلى إقالة حزب المحافظين اليميني بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي أعلن عن التصويت الذي سيجري في 4 يوليو/ تموز القادم.

في مذكرة صدرت مؤخراً، تحلل تحركات الأسهم منذ عام 1979 حتى اليوم، قال بنك سيتي إن أسهم المملكة المتحدة كانت تاريخياً "مستقرة نسبياً أو منخفضة" في الأشهر الستة التي تلت الانتخابات، باستثاء البحث "الظروف المالية المتقلبة" لانهيار دوت كوم والأزمة المالية العالمية.

تأثير المحافظين

وفقًا لبنك سيتي، ارتفع مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال MSCI الذي يضم أسهم شركات المملكة المتحدة ذات القيمة السوقية المتوسطة إلى الكبيرة بنحو 6% بعد ستة أشهر من فوز حزب العمال، وانخفض بنحو 5% بعد فوز المحافظين.

وذكر البنك أن مؤشر فوتسي 250 الذي يركز بشكل أكبر على الشركات المحلية، كان أداءه أفضل من مؤشر فوتسي 100 بعد الانتخابات، مع أداء متفوق أقوى بعد فوز حزب العمال.

شاهد أيضاً: ماذا تترقّب أسواق المال والأسهم بحال فوز حزب العمال في انتخابات بريطانيا؟

إلى ذلك، تبيّن للبنك أن الأسهم الدفاعية والأسهم المالية تميل إلى تحقيق أداء أفضل بعد الانتخابات، مع أداء جيد للطاقة في كلا الحالتين، سواء فاز حزب العمال أو حزب المحافظين.

تاريخ التعثر المالي

من جهتها، رأت شركة كابيتال إيكونوميكس، أن سوق الأسهم في المملكة المتحدة تعثّرت في خمس مناسبات في ظل حكومات حزب العمال السابقة.

لكن كبير اقتصاديي الأسواق في الشركة الاستشارية، جون هيغينز، قال إنه سيكون “غير صادق” القول إن تلك الانخفاضات الاقتصادية تسبب بها بالكامل حزب العمال.

وأضاف، في مذكرة صادرة الخميس الفائت، إن أحداث انخفاضات في الأسواق المالية البريطانية قد حدثت خلال الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وفي فترة ما بعد الحرب في الأربعينيات، وفي أعقاب صدمة سوق النفط في أوائل السبعينيات، وانهيار الدوت كوم في عام 2000، وأثناء الأزمة المالية الكبرى في 2008.

كما لاحظ هيغينز أن الأداء النسبي لأسهم المملكة المتحدة كان "بشكل عام مخيباً للآمال منذ عام 2010" ، عندما تولى المحافظون السلطة.

وأضاف هيغينز: "بغض النظر عن وجهة نطرك للتاريخ، فأننا نشك في أن عودة حزب العمال إلى السلطة سيكون لها تأثير كبير على المستثمرين هذه المرة".

 قيادة حزب العمال، ولا سيما وزيرة المالية في حكومة الظل راشيل ريفز وزعيم الحزب كير ستارمر، كررت مراراً خلال العام الماضي على أنها سوف تركز على الانضباط المالي وتتطلع إلى خفض الدين الوطني كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما سعى ريفز، وهو مصرفي سابق، إلى جذب قادة الأعمال والمؤسسات المالية، من خلال الاجتماع مع المديرين التنفيذيين وحضور أحداث اقتصادية مثل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

المخاطر السياسية

وفي تصريحات لـ CNBC، قال الرئيس التنفيذي لشركة باركليز، سي إس فينكاتاكريشنان، في يناير/ كانون الثاني الماضي إن المخاطر السياسية في المملكة المتحدة "أقل بكثير مما كانت عليه في أي وقت مضى" وأن الاختلاف في السياسات الاقتصادية بين الأحزاب كان "ضئيلاً إلى حد ما".

اقرأ أيضاً: تباطؤ التضخم في بريطانيا خلال إبريل إلى 2.3% على أساس سنوي

في السياق، أوضح بعض الأعضاء في حزب العمال أنهم سيتهمون المحافظين، خلال الحملة الحالية، بتراكم ورفع الدين العام وبالإضرار وتقويض مصداقية الاقتصاد البريطاني خلال ما يُعرف بـ"أزمة الميزانية المصغرة" تحت قيادة ليز تراس، التي ترأست الحكومة لوقت قصير قبل ريشي سوناك.

وفي تعليقات الأسبوع الماضي، قال سوناك إن التضخم "عاد إلى طبيعته"، وأن الاقتصاد ينمو والأجور "ترتفع بشكل مستدام".

مسار الإسترليني 

أما بالنسبة إلى العملة المحلية، قال المحلل في كابيتال إيكونوميكس جون هيغينز إن حكومات حزب العمال السابقة تزامنت مع خمسة انهيارات في الجنيه البريطاني على مدى المئة عام الماضية، لكن عوامل أوسع كانت تلعب دورها مرة أخرى.

وأوضح أن ثلاثة انهيارات يمكن أن تُعزى إلى "عدم استدامة أنظمة سعر الصرف الثابت" بين الثلاثينيات والسبعينيات، وانهيار واحد يرجع إلى الأزمة المالية العالمية، والانهيار الخامس إلى أزمة الديون عام 1976.

يتوقع المحللون أن قلة الاختلاف في السياسة المالية بين الحزبين، المتنافسين في الانتخابات البريطانية، يعني أن نظرة المستقبل للجنيه الإسترليني وسندات الحكومة البريطانية، ستظل مرتبطة بشكل أكبر بتوقعات أسعار الفائدة. 

وفق مذكرة صدرت، يوم الجمعة الماضي، عن رئيس تحليل العملات الأجنبية في مجموعة أرجنتكس، جو تاكي "تكون ردود فعل سوق الصرف الأجنبي أقوى عندما يكون هناك درجة كبيرة من عدم اليقين حول الانتخابات. لا يمكن تطبيق ذلك على الوضع الحالي"،  مضيفاً "وإذا كان التاريخ مرشداً، فيجب أن نتوقع مكاسب متواضعة للجنيه الإسترليني خلال الأسابيع القليلة القادمة، ويكاد لا يكون هناك رد فعل على نتائج الانتخابات نفسها".

كان هذا هو السيناريو في الفترة التي سبقت فوز حزب العمل الجديد في عام 1997، حيث ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 2.5% فقط في الأسابيع القليلة قبل يوم الاقتراع، وفق تاكي. 

لكن برأيه سيعيد الجنيه الإسترليني التركيز حول التضخم وسياسة أسعار الفائدة لبنك إنكلترا والتي من المرجح أن تكون أكثر تحديداً لتحركات الأسعار من نتيجة الانتخابات.