- محللون مختصون يرصدون لـ CNBC عربية "سياسات الطاقة بين بايدن وترامب"

- سياسات الطاقة ترسم خريطة انتخابية محفوفة بالتحديات

- سيناريو وصول أسعار المضخات إلى 4 دولارات للغالون الواحد "يضر بفرص إعادة انتخاب بايدن"

- خطط الرئيس الأميركي مهددة بـ "الشلل".. وسيكون في موقف دفاعي إزاء سياسة الطاقة والمناخ حال فوزه 

- مع التضخم وارتفاع كلفة المعيشة.. بايدن مُحاصر بالضغوط "بغض النظر عن أرباح صناعة النفط المتزايدة"

- عودة ترامب تعني تعزيز التوقعات طويلة المدى للمنتجين.. بينما سيتم استهداف (أو إلغاء) دعم السيارات الكهربائية

- سياسة الطاقة الأميركية الأكثر ميلاً إلى الحمائية (في حالة عودة ترامب) قد تؤثر على أوروبا سلباً

- تنفيذ ترامب لتعريفات شاملة "قد يؤدي للإضرار بالاقتصاد ويمارس ضغطاً على النفط والسلع الأخرى"

CNBC عربية- محمد خالد

ترسم سياسات الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية خريطة انتخابية محفوفة بالتحديات، فعندما يتعلق الأمر بأسعار الوقود وتأثيراتها على الموازنة الشخصية للأميركيين وعلى معدلات التضخم بالبلاد، تتلاشى الألوان السياسية، لتكشف عن قضايا أساسية تحدد بوصلة الناخبين تبعاً لمصالحهم المباشرة ورؤيتهم للمرشح الذي يُلبي تلك المصالح.

ملف الطاقة يعد بمثابة لغزاً يعيشه الناخبون، في وقت ترتبط فيه خياراتهم الانتخابية بما يحدث في مضخات الوقود وأجهزة التدفئة على سبيل المثال، علاوة على عوامل أكثر تشعباً مرتبطة بالموقف حيال قضايا البيئة والمناخ وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني، وانعكاسات تلك التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على الناخبين المنقسمين ما بين بايدن وترامب، وسط فجوة السياسات الطاقوية الواسعة بينهما.

بايدن الذي واجهت إدارته تحديات ربما غير مسبوقة على عديد من الصُعد، وفي ظل بيئة دولية تموج بالصراعات المؤثرة والممتدة، وإلى جانب معدلات التضخم التي لا تزال بعيدة نسبياً عن هدف الـ 2% في واشنطن، يجد نفسه أمام موقف دفاعي حاسم، في خطٍ متوازٍ مع رهانات إدارته على الطاقة المتجددة والخضراء، بينما سيناريو ارتفاع أسعار الوقود يضعه تحت الضغط، وربما يقلص فرصه في الانتخابات القادمة لتأثير ذلك المباشر على المواطن. 

كما تضغط أسعار النفط المرتفعة على فرص الهبوط الناعم في الولايات المتحدة، وبما قد يقلص من فرص عودة السياسة النقدية لوضعها الطبيعي، والبدء في خفض أسعار الفائدة بالوتيرة المتوقعة هذا العام، الأمر الذي يضع الناخبين أمام معطيات ضاغطة وبقوة على الرئيس الحالي وحجم شعبيته.

على الجانب الآخر، فإن ترامب يُعيد للواجهة "هيمنة الطاقة الأميركية"، وتُنذر عودته بجملة من المتغيرات الجوهرية في سياسات الطاقة الداخلية والخارجية بالنسبة للولايات المتحدة، بما في ذلك استهداف إرث سياسات بايدن وإلغاء الكثير من الخطوات والقوانين في هذا السياق، وبما لذلك من تداعيات (بسلبياتها وإيجابياتها المختلفة).

ملف الطاقة هو واحد من أهم الملفات المتداخلة التي يضعها الناخبون نصب أعينهم، لجهة التأثيرات المباشرة وغير المباشرة على الوضع الاقتصادي بالبلاد، وبما يضعهم أمام اختيار صعب، لا سيما وأنهم جرّبوا عملياً سياسات ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، وعاشوا فترة مماثلة -بسياسات مختلفة- مع بايدن.. فإلى أين تتجه البوصلة؟

أسعار البنزين ومعدلات التضخم

رئيس Rapidan Energy Group، بوب ماكنالي، يقول في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، إنه "إذا وصلت أسعار المضخات إلى 4 دولارات للغالون الواحد في المتوسط على مستوى البلاد، مقارنة بـ 3.60 دولار الآن، فستكون قد عبرت إلى منطقة من شأنها أن تجتذب قدراً كبيراً من اهتمام الصحافة والناخبين، مما يضر بفرص إعادة انتخاب الرئيس بايدن".

وبالإضافة إلى عدم رغبة المستهلكين في دفع المزيد عند محطات الوقود، هناك خطر إضافي هذا العام يتمثل في أن "ارتفاع أسعار النفط قد يهدد الهبوط الآمن (الناعم) اقتصادياً، ولكنه يؤدي إلى تأخير -إن لم يكن إجهاض- تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي والإضرار بمشاعر (ثقة) المستهلكين، بحسب ماكنالي.

وبشكل عام، يعتقد رئيس Rapidan Energy Group، بأنه من المرجح أن يصاب الرئيس بايدن، إذا أعيد انتخابه، بالشلل أمام مجلس الشيوخ الجمهوري، إن لم يكن أيضاً مجلس النواب، من ناحية، والمحكمة العليا المحافظة من ناحية أخرى. وسيكون في موقف دفاعي عندما يتعلق الأمر بسياسة الطاقة والمناخ.

أما في حالة فوز الرئيس السابق، دونالد ترامب، فإنه سيعمل -وفق ماكنالي- على تعزيز التوقعات طويلة المدى لمنتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة من خلال تقليل، إن لم يكن إزالة، العقبات التنظيمية التي تعترض تنميتهم. سيتم استهداف دعم السيارات الكهربائية والإنفاق عليها إن لم يكن إلغاؤها. وقد ترتفع أسعار النفط في البداية إذا عاد الرئيس ترامب إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط على صادرات النفط الإيرانية. ومع ذلك، إذا قام الرئيس ترامب بتنفيذ تعريفات شاملة، فقد يؤدي ذلك إلى الإضرار بالاقتصاد ويمارس ضغطًا هبوطيًا على النفط والسلع الأخرى.


أسعار النفط

وفي سياق متصل، يعتقد محللون بأن الارتفاع الأخير في أسعار النفط الخام يمثل عقبة ملحوظة أمام فرص الرئيس جو بايدن لإعادة انتخابه في العام 2024، وهو ما يذهب إليه الخبير الاستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر في  جامعة جورج ميسون، في الولايات المتحدة الأميركية، أوميد شكري، لدى حديثه مع CNBC عربية، موضحاً أن تصاعد تكاليف النفط يؤدي إلى زيادة معدلات التضخم في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي تتجاوز باستمرار المعدل المستهدف للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. 

هذا الضغط التضخمي، وخاصة مع ارتفاع أسعار البنزين الذي يؤثر على المستهلكين بشكل مباشر، يمارس بالفعل ضغوطًا هبوطية كبيرة على معدلات التوافق على بايدن، بحسب شكري، الذي يوضح في الوقت نفسه أن قدرة إدارة بايدن على التأثير بشكل مباشر على أسعار النفط العالمية مقيدة، حيث تتأثر هذه الأسعار في الغالب بالقرارات التي تتخذها دول أوبك + مثل روسيا والمملكة العربية السعودية لتقليص الإنتاج. 

وعلى الرغم من بعض الإجراءات التي اتخذتها الإدارة (الأميركية)، مثل الوصول إلى الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، إلا أن التأثير على الأسعار كان محدوداً وقصير الأمد.

وعليه، فإذا استمرت أسعار النفط والوقود في الارتفاع في الفترة التي تسبق انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل دعم بايدن بين الناخبين الذين يعتبرون ارتفاع التضخم وتكاليف الوقود بمثابة مخاوف اقتصادية محورية. 

ويضيف الخبير الاستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر في  جامعة جورج ميسون: "من المرجح أن ينتقد المتنافسون الجمهوريون إدارة بايدن الاقتصادية ويربطون نفقات الطاقة المرتفعة بسياساته المتعلقة بالمناخ والطاقة، على الرغم من حقيقة أن إنتاج النفط الأميركي ارتفع خلال فترة ولاية بايدن".

إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأميركية ارتفع إلى 13.3 مليون برميل يومياً خلال العام الماضي 2023، مع تقديرات بنموه بـ 400 ألف برميل يومياً خلال العام الجاري، و800 ألف برميل يوميا في العام المقبل.

إيرادات الصناعة

وبينما يذهب عديد من المحللين الاستراتيجيين إلى فرضية دعم عائدات النفط الكبيرة في الولايات المتحدة إعادة انتخاب بايدن، يرى شكري على الجانب الآخر أنه "من غير المرجح أن يترجم الارتفاع الكبير في أرباح قطاع النفط والغاز في ظل إدارة الرئيس بايدن إلى دعم سياسي كبير له في انتخابات 2024 المقبلة". ويبرر ذلك بقوله: على الرغم من الزيادة الملحوظة في عائدات النفط، فإن بايدن قد لا يجني فوائد انتخابية كبيرة بسبب عدة عوامل رئيسية.

في مقدمة تلك العوامل، يأتي اهتمام الناخبين في المقام الأول بالتأثيرات المباشرة الناجمة عن ارتفاع أسعار البنزين والطاقة على مواردهم المالية الأسرية، وليس الأرباح التي جمعتها شركات النفط خلال هذه الفترة. 

ومن ثم، فإنه مع استمرار معدلات التضخم في الارتفاع وتصاعد تكاليف المعيشة، تواجه معدلات تأييد بايدن بالفعل ضغوطًا كبيرة، بغض النظر عن الأرباح المتزايدة في صناعة النفط.

ويستعد المرشحون الجمهوريون للاستفادة من استياء الرأي العام من تصاعد نفقات الطاقة، ومن المرجح أن يعزونها إلى سياسات بايدن في مجال الطاقة والمناخ، بغض النظر عن ربحية شركات النفط. 

وفي حين أن زيادة عائدات النفط قد توفر بعض المزايا الاقتصادية، إلا أنها لا ترتبط بشكل مباشر بمكانة بايدن السياسية، خاصة عندما يميل الناخبون إلى تقييم المرشحين بناءً على ظروفهم الاقتصادية الشخصية بدلاً من أداء الصناعة. 

على الجانب الآخر، يرسم الخبير الاستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر في  جامعة جورج ميسون، السيناريوهات المحتملة في ملف سياسات الطاقة حال عودة ترامب، موضحاً أن "رئاسة ترامب الثانية المحتملة تشير إلى تحول نحو سياسات مؤيدة للوقود الأحفوري، مع إجراءات تنفيذية مقترحة تهدف إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز من خلال تخفيف اللوائح والسماح بالعمليات". 

ومن الممكن التراجع عن السياسات واللوائح التي سنتها إدارة بايدن لتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة تحت قيادة ترامب، بما في ذلك خفض الدعم للسيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة النظيفة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يدعم ترامب تطوير الوقود الأحفوري وصادراته، وربما يوافق على مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة ويحافظ على الدعم لاستهلاك الوقود الأحفوري. ومع ذلك، فإن مدى تأثير ترامب على إنتاج النفط والغاز قد يكون مقيدًا بديناميكيات السوق العالمية، التي تمارس تأثيرًا كبيراً، وفق شكري.

بينما من المرجح أن يدعم استمرار ولاية بايدن أجندته المناخية الطموحة، مع إعطاء الأولوية للانتقال إلى الطاقة النظيفة من خلال برامج الدعم واللوائح الأكثر صرامة بشأن الوقود الأحفوري. 

ويشير إلى أنه على الرغم من مستويات إنتاج النفط والغاز القياسية التي تحققت في عهد بايدن، مدفوعة في المقام الأول بقوى السوق، تؤكد إدارته أن الإنتاج المحلي يدعم التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال ضمان إمدادات مستقرة من الطاقة. 

ومع ذلك، يواجه بايدن انتقادات من المعارضين الذين يعزون ارتفاع أسعار الطاقة إلى سياساته، مثل وقف عقود الإيجار الجديدة، مما أثر سلبا على مكانته السياسية. 

ويختتم أوميد حديثه مع CNBC عربية، بالإشارة إلى أنه يمكن أن تتوقف نتيجة انتخابات 2024 على تصورات الناخبين لأسعار الطاقة وتكاليفها، مع تفضيل رئاسة ترامب الثانية لسياسات الوقود الأحفوري واستمرار ولاية بايدن في إعطاء الأولوية للانتقال إلى الطاقة النظيفة، وإن كان ذلك مع قيود محتملة بسبب ديناميات السوق الأوسع.


سياسات المناخ

استثمر الرئيس بايدن ما يصل إلى 300 مليار دولار أميركي  في مبادرات الطاقة النظيفة والمناخ (عبر قانون الحد من التضخم)، علاوة على قيام إدارته بوضع أهداف طموحة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة والمركبات، وتحفيز اقتصاد الطاقة الخضراء. لكن لا يزال يُواجه ببعض  الانتقادات من نشطاء المناخ في ظل إجرءات موازية اتخذها لتعزيز إنتاج النفط والغاز، من بينها مشروع زيت الصفصاف في ألاسكا. 

بينما على الجانب الآخر، فقد تعهد ترامب بـ "الحفر، التنقيب، الحفر" وإطلاق العنان لإنتاج الطاقة المحلي، جزئياً لخفض الأسعار في محطات الضخ. لكن الإنتاج المحلي ارتفع في عهد خليفته.

من شأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض من جديد استعادة خطاب "الهيمنة الأميركية" لا سيما فيما يتصل بملف الطاقة، وبما يدفع إلى عديد من المتغيرات في سياسات الطاقة بالولايات المتحدة، من بينها الانسحاب (مرة أخرى) من اتفاقية باريس للمناخ، إلى جانب محاولة إلغاء قوانين ولوائح الطاقة النظيفة التي صدرت خلال إدارة الرئيس الحالي جو بايدن. 

وذلك رغم أنه من المستبعد أن تستطيع إدارة ترامب -حال فوزه- في الإبحار بهدوء والمضي قدماً في تلك السياسات المحتملة، إذ ستواجه بتحديات واسعة لإحباطها والمحافظة بشكل أو بآخر على جوانب من إرث سياسات بايدن الطاقوية، لا سيما فيما يتعلق بالطاقة النظيفة.

ويشار في هذا السياق، فيما يتعلق بالمناخ وسياسات الرئيس ترامب المتوقعة، إلى تحليل صادر عن منصة Carbon Brief ومقرها المملكة المتحدة، وهي منصة متخصصة في علوم وسياسة تغير المناخ، أشار إلى أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني قد يؤدي إلى 4 مليارات طن إضافية من الانبعاثات الأميركية بحلول العام 2030 مقارنة بخطط جو بايدن.

من شأن هذه الأربعة مليارات طن الإضافية من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (GtCO2e) بحلول عام 2030 أن تتسبب في أضرار مناخية عالمية تبلغ قيمتها أكثر من 900 مليار دولار، بناءً على أحدث تقييمات الحكومة الأميركية .

ويشير تحليل المنصة إلى أنه إذا حصل ترامب على فترة ولاية جديدة، فمن المرجح أن تفشل الولايات المتحدة أيضا في تعهدها بشأن المناخ العالمي بهامش كبير، مع انخفاض الانبعاثات إلى 28٪ فقط أقل من مستويات العام 2005 بحلول العام 2030. والهدف الحالي للولايات المتحدة بموجب اتفاق باريس هو تحقيق هدف 50٪ من الانبعاثات. تخفيض بنسبة 52% بحلول عام 2030.


العلاقات عبر الأطلسي

وعن المتغيرات التي يُمكن أن تشهدها سياسات الطاقة الأميركية حال فوز ترامب، يقول المؤسس المشارك لـ ECERA، خبير الطاقة أندريه كوفاتاريو، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، إنه "في حين أنه من الصعب تقييم التأثير الدقيق، فإن إدارة ترامب الثانية قد تكون أقل طموحاً في نشر الطاقة النظيفة. في حين أن قانون الحد من التضخم (IRA) لا يمكن عكسه بالكامل، حيث أن بعض المشاريع هي بالفعل في مراحل متقدمة، فقد تحدث بعض التأخيرات". 

على المدى المتوسط، قد تتضمن بعض السيناريوهات أيضاً سياسة طاقة أكثر حمائية، مما قد يؤثر على صادرات الغاز الطبيعي المسال أيضاً.

ومن ناحية أخرى، يُبرز كوفاتاريو، تأثير تلك السيناريوهات (المبنية على فرضية احتمالية عودة ترامب) على أوروبا، لا سيما فيما يتصل بسياسات الطاقة، مشدداً على أن سياسة الطاقة الأميركية الأكثر ميلاً إلى الحماية (في حالة عودة ترامب للبيت الأبيض) قد تؤثر على أوروبا.. على سبيل المثال، في ظل سيناريو ــ وهو ليس ممكناً بشكل ضمني أو مباشر، ولكنه أيضاً غير مستبعد تماماً ــ المتمثل في انتهاج سياسة أكثر حمائية فيما يتصل بصادرات الغاز الطبيعي المسال، فقد تواجه أوروبا قضايا أكبر تتعلق بأمن الطاقة.

وفي هذا السياق، وفيما يخص التأثير عبر الأطلسي، فمن شأن إدارة ترامب الجديدة أن تنهي بسرعة "الإيقاف المؤقت" الحالي بشأن تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركية الجديدة للدول التي تفتقر إلى اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وستتم الموافقة على تراخيص التصدير المعلقة بعد ذلك بوقت قصير. ومن المرجح أن تتحرك رئاسة بايدن الثانية أيضًا في هذا الاتجاه، وإن كان ذلك ربما، مع شروط ترخيص التصدير التي تقلل بشكل أكبر من انبعاثات الغازات الدفيئة من محطات الغاز الطبيعي المسال، وفق تقرير لصندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة، مقره واشنطن.

 وقد يشمل ذلك طلب استخدام المحركات الكهربائية أو تكنولوجيا احتجاز الكربون. لكن بايدن بعد إعادة انتخابه قد يشعر بالحاجة إلى رفض واحد أو أكثر من تصاريح التصدير لإرضاء الناشطين في مجال البيئة.

وذكر التقرير الذي كتبه كل من أليكس فرانجيل ألفيس ودوجلاس هينغل، أنه لن يؤثر ساكن البيت الأبيض العام المقبل على إمدادات الغاز الطبيعي المسال. وسيكون الغاز الطبيعي المسال الأميركي متوفرًا لتلبية الطلب الأوروبي حتى عام 2030، حيث لن تتأثر سبع محطات تصدير أميركية عاملة وخمس محطات إضافية قيد الإنشاء بنتيجة الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، فمن غير الواضح ما إذا كان العرض الأميركي سيستمر في النمو.

ويشار إلى أن اعتماد أوروبا المتزايد على إمدادات الطاقة الأميركية، والتي لعبت دوراً محورياً في ضمان أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي مع احتدام الحرب في أوكرانيا، ينبغي أن يدفع بروكسل إلى النظر في المزيد من تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها. 

ويشعر الأوروبيون بالقلق على نحو متزايد بشأن احتمال وصول رئيس جمهوري إلى السلطة، تغذية ذكريات عصر ترامب المضطرب. لكن إدارة بايدن الثانية يمكن أن تستسلم للضغوط السياسية وتقييد صادرات الطاقة. وفي كلتا الحالتين، يتعين على أوروبا أن تسعى إلى تحقيق سيادة استراتيجية أكبر وشراكات بديلة في مجال الغاز الطبيعي وغيره من مصادر الطاقة حتى لو ظلت الولايات المتحدة مورداً أساسياً.

والنتيجة هي أن أجندة التجارة عبر الأطلسي فيما يتعلق بالطاقة سوف تكون متوترة بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد تقول إدارة بايدن الثانية إنها تريد العمل بشكل وثيق مع أوروبا بشأن تحول الطاقة، لكن الدوافع الحمائية ستستمر.


 

اقرأ أيضاً: مختصون أميركيون يرصدون لـ CNBC عربية.. كيف يقود الاقتصاد دفة انتخابات نوفمبر؟ (خاص)

هل يدفع بايدن الثمن؟!

من لندن، يقول خبير اقتصاديات النفط والطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، إن الرئيس الأميركي جو بيدن دخل البيت الأبيض بأجندة معادية للطاقة الأحفورية وداعمة للطاقة النظيفة، وكان أول إجراء اتخذه في هذا السياق هو إلغاء مشروع خط أنابيب Keystone XL النفطي الذي كان سينقل  850 ألف برميل يومياً من النفط الكندي إلى ولاية تكساس، والسبب هو الاستجابة للمدافعين عن البيئة والمناخ. 

اتخذت واشنطن خطوات تعتبر معادية للطاقة الأحفورية، بما في ذلك فرض قيود على شركات إنتاج النفط والغاز، وتعليق تصاريح التنقيب عن الغاز والنفط في الأراضي الفدرالية، وهذا العام تم إيقاف إصدار تصاريح لتصدير الغاز الطبيعي المسال مما أجبر الشركات على توقيف وإلغاء مشاريع إنتاجية ومرافق للتصدير،  علماً بأن الطلب على الغاز المسال الأميركي ارتفع بشكل كبير في أوروبا بعد مقاطعة الغاز الروسي بسبب (الحرب في أوكرانيا).

ويستطرد إسماعيل: سياسات بايدن حسب لوبيات الطاقة الأحفورية الأميركية تهدد أمن الطاقة الأميركي والعالمي، وتقدم خدمة مجانية لروسيا ومنظمة أوبك، فقد ارتفعت أسعار الطاقة في الولايات المتحدة و 66 مليون سائق اميركي هم أيضا ناخبون وسيعاقبون بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل إذا كانت أسعار البنزين مرتفعة أي قريبة من 4 دولارات للغالون أو أعلى من ذلك. 

وبناءً على ذلك، يعتقد بأن السياسة الأميركية للطاقة ستتغير إذا تم انتخاب دونالد ترامب للمرة الثانية، وإذا سيطر الجمهوريون على الكونغرس سيتم مراجعة القوانين والأنظمة التي فرضتها إدارة بايدن وإلغاء معظمها، وإعطاء شركات الطاقة المزيد من الحرية للاستثمار ورفع الإنتاج والتصدير، وكذلك أيضاً إلغاء اتفاقات مكافحة المناخ التي التزمت بها إدارة بايدن.

كما يتعين التذكير بأن نمو الطلب الأميركي على السيارت الكهربائية بدا يتراجع، مما يشير إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري سيستمر حتى 2060 أو أبعد من ذلك.

ويوجد على الطرق الأميركية أكثر من 250 مليون سيارة -حسب صحيفة نيويورك تايمز في مارس/ آذار 2021 (ارتفع العدد إلى حوالي 283.4 مليون مركبة في الولايات المتحدة في 2022 وفق statista) - أغلبيتها تعمل بالبترول وتقريبا 1% تعمل بالبطاريات الكهربائية، والآن شركات كبرى مثل Tesla وFord وGeneral Motors تعيد حساباتها لتنويع الإنتاج وتلبية الطلب على السيارات التقليدية غير الكهربائية، وفق إسماعيل، الذي يختتم حديثه بالإشارة إلى أن سياسات بايدن للطاقة اصطدمت بالواقع، وقد يدفع الثمن بعد سبعة أشهر في الانتخابات الرئاسية المقبلة.


اقرأ أيضاً: اقتصادي أميركي يرصد السيناريوهات المتوقعة لما بعد انتخابات نوفمبر  (خاص CNBC عربية)



اقرأ أيضاً: الاقتصاد بين بايدن وترامب.. هل يكون الملف الأبرز في حسم الانتخابات الأميركية؟


اقتصاديون أميركيون يرصدون لـ CNBC عربية.. ما الذي ينتظر "العلاقات التجارية مع الصين" بعد انتخابات نوفمبر؟ (ملف خاص)