نور العنبكي
منتجة منفذة في CNBC عربية
تبحر في مياه البحر الأحمر سفينة الصراعات الإقليمية من جديد مع انخراط مضيق باب المندب في مرمى حرب إسرائيل على غزة.
فهجوم للحوثيين دخل على خط الحرب واستهدف سفن تجارية تمر في ممر مائي يمثل 30% من إجمالي حركة سفن الحاويات العالمية، ويحتوي على سلع وبضائع بملايين الدولارات. وفتح الباب أمام مخاوف تتعلق بحجم الضرر الذي سيصيب سلاسل الإمداد العالمية وقطاع الطاقة إذا ما تطور الأمر وتوسع نطاقه.
يعد أمن البحر الأحمر وممراته الحيوية - ومضيق باب المندب وقناة السويس - مهماً للتجارة والاقتصاد العالمي برمته، حيث يربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي وبحر العرب من الجنوب مضيق باب المندب الاستراتيجي، فيما تربطه قناة السويس بالبحر المتوسط من الشمال والتي يمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية.
ويعني تعرض أمن البحر الأحمر -شريان التجارة العالمي- لأي تهديد يعني أن خللاً سيصيب سلاسل الإمداد ويفتح تساؤلات حول استقرار سوق الطاقة عالمياً حيث يحمل طريق البحر الأحمر نفسه ما يقرب من عُشر إمدادات النفط المنقولة بحرًا، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
كما وتشكل مياهه حلقة الوصل الملاحية الأقصر والأسرع بين آسيا وأوروبا وأي تغير لمسارات السفن يعني إطالة مدة الرحلة وهذا سيؤدي إلى تأخر وصول الإمدادات وارتفاع الأسعار مع ارتفاع تكلفة الإنتاج الصناعي وأيضا ارتفاع تكلفة النقل البحري ناهيك عن ارتفاع تكاليف التأمين سواء على السلع العالمية أم على تجارة النفط والغاز.
تشكل تكلفة التأمين في منطقة الشرق الأوسط عبئاً على النقل البحري خصوصاً وأنها تعد منطقة صراعات، ونظراً لطبيعة المضايق الجغرافية وضيقها، يكون استهداف السفن فيها أمرا سهلاً.
اقرأ أيضاً: قطاع الشحن يدق ناقوس الخطر مع تزايد الهجمات على السفن في البحر الأحمر
ويبلغ عرض مضيق باب المندب 29 كيلو متراً فقط، وهو من أكثر الممرّات البحرية ازدحاماً في العالم، ينتقل عبره ما بين 5.5 مليون برميل نفط إلى 6 ملايين برميل يومياً من الخليج إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يشكل نحو خمس الاستهلاك العالمي من النفط والذي يمثّل استقراره أهمية بالغة لأمن الطاقة العالمي، و8% من الغاز الطبيعي المسال، كما أنه من أهم المسارات المائية في العالم لشحنات السلع المتجهة إلى آسيا، بما في ذلك النفط الروسي.
كما يمر نحو 40% من تجارة النفط المنقولة بحراً عبر مضيق هرمز يومياً، إلى جانب شحنات الغاز الطبيعي المسال من قطر، والتي ساعدت أوروبا على استبدال الغاز الروسي.
التهديدات أجبرت عمالة الشحن العالمية كشركة MSC Mediterranean Shipping التي تستحوذ على خمس القدرة الاستيعابية لسوق الحاويات العالمي وميرسك التي تدير ثاني أكبر أسطول لشحن الحاويات في العالم، على تغيير مسار سفنهم بعيداً عن البحر الأحمر وتدرس هذه الشركات تجنب المرور في الطريق الأقصر ملاحياً إلى أوروبا مطالبين بوجود بند في العقود المبرمة مع الشركات بالسماح لهم بإرسال سفنهم عبر أفريقيا إذا أرادو تجنب المرور قبالة سواحل اليمن.
وهذا يعد تحولاً في خارطة الملاحة البحرية التجارية والعودة إلى ما قبل بناء قناة السويس كما أن الالتفاف حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح يعني إطالة زمن الرحلة بمقدار سبعة إلى 10 أيام مقارنة باستخدام قناة السويس بحسب منصة Flexport.
تطورات تأتي في وقت وصفته منظمة التجارة العالمية بالصعب بالنسبة لسلاسل التوريد العالمية، فقناة بنما التي يمر عبرها نحو 5% من حجم التجارة المنقولة بحراً يفتك بها هي الأخرى الجفاف ويتسبب في تأخير سفن الشحن التي تمر عبرها.
التهديد الجديد في عالم الشحن والذي من الممكن ان يؤثر على التجارة بدءاً من النفط إلى السيارات يضع قدرة صمود واحتمال الاقتصاد العالمي أمام اختبار جديد عبر سلاسل التوريد وهو الذي لم يفق بعد من أوجاع الجائحة التي قلبته رأساً على عقب وليس انتهاءً بالحرب الروسية الأوكرانية وزيادة التضخم وسياسة النقد التشددية في العامين الأخيرين.
اقرأ أيضاً: قناة بنما ترفع عدد السفن العابرة بداية من منتصف يناير