محمد الدروي- خبير أبحاث الأجور والموارد البشرية

في السنوات الأخيرة واجهت المنطقة العربية مستويات متفاوتة من التضخم، مما أثر بشكل كبير على اتجاهات الرواتب واستقرار الاقتصاد.

يكشف تحليل مفصل لحركة الرواتب عبر الصناعات المختلفة عن اتجاهات بارزة لعام 2023 وتوقعات لعام 2024، مسلطًا الضوء على كيفية تكيف الشركات مع هذه التقلبات الاقتصادية.

النظرة الإقليمية

عبر الدول العربية، شهدت الرواتب زيادات معتدلة؛ يُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى التعافي الاقتصادي العالمي بعد الجائحة والضغوط التضخمية التي تلت ذلك.

وفقاً للنسخة الثالثة من تقرير حركة الرواتب الصادر عن Mercer لعام 2023، تظهر التوقعات لزيادات الرواتب لعام 2024 نهجاً حذراً ولكن متفائلاً من قبل الشركات في قطاعات مثل التكنولوجيا العالية والعلوم الحياتية والسلع الاستهلاكية والطاقة.

على سبيل المثال، تتوقع الإمارات العربية المتحدة زيادة ثابتة حول 4.1% إلى 4.5% عبر الصناعات المختلفة، مما يعكس بيئة اقتصادية مستقرة. بالمثل، تتوقع دول مثل المغرب والمملكة العربية السعودية زيادات في الرواتب في نطاق 4.2% إلى 4.5%، متماشية مع الاتجاهات الإقليمية والتوقعات الاقتصادية.

نظرة استثنائية لمصر 

مع ذلك، تبرز مصر بسيناريو استثنائي. في عام 2023، شهدت البلاد زيادة فعلية في الرواتب بنسبة 23%، مع توقعات بزيادة بنسبة 25% لعام 2024، متجاوزةً بكثير المتوسط الإقليمي.

اقرأ أيضاً: السيسي يرفع الحد الأدنى للأجور 50% ويطلق حزمة مساعدات بقيمة 180 مليار جنيه

هذه الزيادة الكبيرة ترجع بشكل أساسي إلى معدلات التضخم الاستثنائية التي واجهتها مصر، مما دفع الشركات إلى تعديل الرواتب وفقاً لذلك؛ للحفاظ على مستويات المعيشة ورضا الموظفين وبدء صرف الأجور لبعض خدمات التكنولوجيا بالدولار.

تدفع معدلات التضخم المرتفعة في مصر الشركات إلى اعتماد تدابير استثنائية لضمان استقرار القوى العاملة والاحتفاظ بها. على عكس نظرائها الإقليميين؛ حيث تتماشى زيادات الرواتب أكثر مع اتجاهات التضخم العالمية، وتتطلب الحالة في مصر نهجاً أكثر سرعة  لتعديلات الرواتب.

رؤى محددة حسب القطاع

مع نظرة أقرب على التوقعات الخاصة بالقطاعات المختلفة لعام 2024، من المتوقع أن تشهد قطاعات التكنولوجيا العالية والسلع الاستهلاكية في مصر زيادات كبيرة بنسبة 18% و20% على التوالي. هذا يدل على مرونة هذه القطاعات وأهميتها الاستراتيجية لاستقرار ونمو الاقتصاد المصري. بينما تظهر قطاعات العلوم الحياتية والطاقة زيادات أكثر تحفظاً، مما يعكس التحديات والفرص المتنوعة ضمن هذه الصناعات.

تؤكد البيانات على التفاعل المعقد بين التضخم وحركة الرواتب في المنطقة العربية، مع تقديم مصر كحالة فريدة للتضخم العالي الذي يؤدي إلى تعديلات كبيرة في الرواتب.

بالنسبة للمهنيين في مجال الموارد البشرية وقادة الأعمال، فإن فهم هذه الاتجاهات أمر حاسم للتخطيط الاستراتيجي والاحتفاظ بالمواهب والتنقل في التحديات الاقتصادية المقبلة يُبرز التباين الواضح بين تعديلات الرواتب في مصر وتلك في جيرانها الإقليميين الحاجة إلى استراتيجيات متكيفة في إدارة الموارد البشرية والتخطيط المالي.

يقدم السيناريو التضخمي الاستثنائي في مصر تحديات وفرصاً للمهنيين في الموارد البشرية بالبلد وعبر المنطقة العربية. وستكون القدرة على التنقل في هذه المياه الاقتصادية المضطربة عاملاً حاسمًا في جذب  المواهب.

لتبقى على اطلاع بآخر الأخبار تابع CNBC عربية على الواتس آب اضغط هنا وعلى تليغرام اضغط هنا