تُظهر بيانات جديدة ارتفاعاً في التجارة بين الصين والمكسيك في وقت توترت فيه المحادثات بشأن التعريفات الجمركية بين الدولة الآسيوية والولايات المتحدة خلال فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية.
كشفت بيانات الجمارك عن زيادة كبيرة في المواد الخام والمكونات من الصين التي تدخل المكسيك لتصنيعها في عناصر مجمعة بالكامل، ثم يتم نقلها إلى الولايات المتحدة عبر السكك الحديدية أو بالشاحنات.
قال رئيس شركة Redwood Mexico المتخصصة في الخدمات اللوجستية عبر الحدود، جوردان ديثوارت: "نرى المزيد من الشركات الصينية تنقل مرافق إنتاجها من الصين إلى المكسيك"، مشيراً إلى أن هذه المرافق تستخدم شركات لوجستية صينية تابعة لجهات خارجية، والتي تقدم خدمات مثل التخزين وإدارة المخزون والشحن، بحسب شبكة CNBC.
وأضاف: "يمكنهم إحضار أجزائهم وموادهم الخام من الصين ثم إنتاج المنتج في المكسيك في منشآتهم الصينية ثم شحن هذه السلع إلى الولايات المتحدة. إنهم يضيفون بعض القيمة من خلال العمل في المكسيك والاستفادة من اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لتصنيع منتجاتهم في المكسيك".
تغيير الجنسية الاقتصادية للمنتجات
تسمح هذه العملية للشركات بتغيير أصل البضائع التي ينتجها المنتج، وهو ما يشار إليه أيضاً باسم "الجنسية الاقتصادية" للمنتج. فعندما يتم استيراد المكونات أو المواد الخام إلى بلد ما واستخدامها لإكمال منتج ما، فإنها تخضع لما يطلق عليه مسؤولو التجارة "تحولاً كبيراً"، ويحدد موقع التصنيع الرسوم الجمركية وغيرها من التكاليف التي يمكن فرضها على هذا المنتج.
الشركات التي تستورد المكونات والمواد الخام الصينية إلى المكسيك وتصنع منتجاتها في المكسيك سوف تحمل ختم "صنع في المكسيك"، وليس "صنع في الصين".
اقرأ أيضاً: الدول غير المنحازة.. أبواب خلفية جديدة للصين في الأسواق الغربية
وقالت زميلة أنتوني سولومون في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ماري لوفلي: "كانت القطاعات الرئيسية دائماً السيارات والمنسوجات من حيث تحديد المنشأ. وللحصول على منتج يحمل علامة مكسيكية بدلاً من صينية المنشأ، يتعين عليك تحويل المنتج بشكل كبير، وهذا يعني أنه يجب أن يصبح منتجاً مختلفاً. لذا إذا حصلت على مجموعة كاملة من الألواح الخشبية، وتم تصنيعها في شكل مكتب. فيجب أن يغير المنتج فئات الجمارك".
كما أدى التحول في التصنيع إلى تغيير الطريقة التي تعمل بها الشركات الأوروبية عبر مجموعة واسعة من المنتجات. قال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Henco Logistics، سيمون كوهين: "لدينا شركات مقرها أوروبا كانت تصنع في الصين فقط، وهي الآن تصنع منتجاتها هنا".
وذكر أن الوتيرة القوية للطلب على النقل القريب، مع تصنيع العناصر وتعبئتها وشحنها إلى الولايات المتحدة من المكسيك، مدفوعة باستراتيجية "الصين زائد واحد" (استراتيجية تجنب الاستثمار في الصين فقط وتنويع الأعمال في بلدان أخرى)، واتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
ارتفاع تجارة الحاويات بين الصين والمكسيك
تُظهر البيانات الصادرة عن شركة تحليلات الشحن، Xeneta، أن تجارة الحاويات من الصين إلى المكسيك ارتفعت بنسبة 26.2% من يناير/ كانون الثاني إلى يوليو/ تموز 2024، بعد أن نمت بنسبة 33% في العام 2023. سجل شهر مايو/ أيار على وجه الخصوص أكبر عدد من الحاويات من الصين إلى المكسيك، مع تأخر يونيو/ حزيران بمئات الحاويات فقط عن حجم مايو.
تقول شركة VesselBot، التي تتبع أيضاً تدفقات الحاويات، إن الربع الثاني من 2024 سجل أعلى أحجام صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة هذا العام.
قال كبير المحللين في منصة Xeneta لقياس أسعار الشحن البحري والاستخبارات، بيتر ساند، إن النمو في الطلب على حاويات شحن الواردات من الصين إلى المكسيك في النصف الأول من عام 2024 يزيد من الشكوك في أنها أصبحت "باباً خلفياً للولايات المتحدة".
اقرأ أيضاً: كيف علقت الصين على الزيادات الجديدة للرسوم الجمركية الأميركية؟
وأضاف: "لقد أصبح هذا الطريق شائعاً بشكل متزايد على مدار العام ونصف العام الماضيين".
تجعل اتفاقيات التجارة الحرة والتحالفات الاقتصادية المكسيك موقعاً جذاباً لإنشاء عمليات التصنيع. لدى المكسيك 13 اتفاقية تجارة حرة تشمل 50 دولة، بما في ذلك اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، واتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، ومنطقة التجارة الحرة الأوروبية، واليابان، وإسرائيل، و10 دول في أميركا اللاتينية، والشراكة عبر المحيط الهادئ المكونة من 11 دولة. المكسيك عضو أيضاً في تحالف المحيط الهادئ، وهو كتلة تجارية تتكون من المكسيك وتشيلي وكولومبيا وبيرو.
زيادة الواردات الأميركية من المكسيك
يأتي الارتفاع في التجارة والتصنيع بين أكبر منافس جيوسياسي واقتصادي للولايات المتحدة وجارتها الجنوبية وسط استمرار الرياح السياسية المعاكسة، مع فرض تعريفات جمركية جديدة على الصين وحملة أميركية محتملة على التصنيع المكسيكي، وهما من القضايا الرئيسية في حملة الرئيس السابق دونالد ترامب.
قال نائب رئيس الاستشارات في شركة الاستشارات والمشتريات وسلسلة التوريد والخدمات وحلول البرمجيات، GEP Worldwide، جون بياتيك: "سرّع الرئيس ترامب التحول في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين". "يستمر في جعل الصين بمثابة الفزاعة وأشار إلى أنه سيصبح أكثر عدوانية".
لكن الرئيس بايدن احتفظ بمعظم الحماية التجارية لترامب، وكانت إدارته أيضاً عدوانية في "دعم الصناعات الأميركية"، مثل أشباه الموصلات، كما قال بياتيك، بالإضافة إلى إدخال حواجز تجارية جديدة أمام تكنولوجيا المركبات الكهربائية، من بين مجالات أخرى، بما في ذلك الإمدادات الطبية.
وذكر بياتيك أن البيانات تظهر أن الواردات من المكسيك إلى الولايات المتحدة زادت بنسبة 20% سنوياً بين العام 2020 ومنتصف العام 2024، وهو ما يأتي على النقيض من اتجاه التجارة بين الصين والولايات المتحدة. انخفضت الواردات مباشرة من الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 13.5% و17.7% خلال الفترة من العام 2020 إلى منتصف العام 2024.
وقال بياتيك خلال الحملة الانتخابية: "يتحدث كلا المرشحين عن إدخال المزيد من الحواجز التجارية، وليس أقل".
وذكرت ماري لوفلي أن التعريفات الجمركية الإضافية تأتي بعواقب سلبية. وقالت: "كلما زادت التعريفات الجمركية التي نفرضها، وكلما زاد الشعور بالفوضى التي نخلقها، زاد الحافز لظهور سوق سوداء حولها، فضلاً عن الفساد مع المسؤولين في البلدان النامية".