تحتاج الشركات إلى تطبيق العديد من الحلول من أجل مواجهة تعقيدات سلاسل توريد البضائع التي أصبحت متنامية في السنوات الأخيرة، سواء بسبب الإغلاقات خلال فترة جائحة كورونا، أو ما حدث بعدها من توترات جيوسياسية وصراعات مثل الحرب الروسية الأوكرانية، أو الحرب في غزة وما تبعها من توترات في البحر الأحمر، أو حتى جفاف قناة بنما.

هناك حاجة ملحة إلى المرونة لمواجهة اضطرابات سلاسل التوريد، وقال نائب الرئيس الأول للنمو الدولي في شركة Shippeo المتخصصة في مجال النقل متعدد الوسائط، كريستوفر مازا: "سواء كان الأمر يتعلق بالبحر الأحمر، أو قناة بنما، أو التوترات الجيوسياسية، فهناك قدر كبير من التباين في سلاسل التوريد، ويجب على العملاء التفاعل مع ذلك".

وأضاف: "إذا كنت لا تعرف المشكلة، فلن تتمكن من حلها. ما هو الطريق لمعرفة المشكلة؟ يجب أن تكون لديك رؤية واضحة"، بحسب شبكة CNBC.

وتؤدي اضطرابات سلاسل الإمداد إلى تأخر وصول البضائع إلى الأسواق وبالتالي قد ينعكس ذلك على حجم المعروض منها وزيادة الأسعار، وأيضاً زيادة أسعار المواد المنتجة منها لو كانت من المواد الخام وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب حدوث مشكلات في مواعيد تسليم المنتجات والمشروعات وانعكاس ذلك سلباً على الأداء الاقتصادي.

اقرأ أيضاً: ثلاث مشكلات رئيسية أحدثت فوضى في التجارة العالمية

عند حدوث انقطاع في سلسلة التوريد، تحتاج الشركات إلى الحصول على رؤية شاملة للبضائع الموجودة في المستودع أو في البحار والمحيطات أو على الطريق في أي وقت. 

يقول نائب الرئيس للمبيعات والتسويق في الأميركتين في Shippeo، بريان شولتز: "هذا النوع من المعلومات، في متناول يدك، مع التوصيات بشأن ما يجب فعله، هو أمر قوي للغاية".

كيف يمكن التعامل مع اضطرابات سلسلة التوريد؟

لا يمكن التنبؤ بالاضطرابات والتي يمكن أن تسبب ضرراً لجميع حلقات سلاسل التوريد، لكن جزءاً أساسياً من التخطيط اللوجستي هو فهم أين يمكن أن تكون المخاطر ونقاط الضعف وإيجاد طرق لتقليل تأثيرها. 

وفي حين أن هناك الكثير مما يصعب السيطرة عليه، إلا أن هناك خطوات يمكن للشركات اتخاذها لتقليل آثار الاضطرابات أو تجنبها تماماً، بحسب ما ذكرته شركة Maersk للوجستيات في أحد تقاريرها، ومن بين هذه الخطوات:

1- العثور على طرق متعددة للوصول إلى الأسواق

في أوقات الاضطرابات، يمكن أن يكون الطريق الأكثر مباشرة إلى السوق مليئاً بالعقبات. يمكن أن يساعد العمل مع شريك لوجستي متكامل في عثور الشركات على طرق متعددة للوصول إلى السوق، ويمكن أن يمنح ذلك الشركات القدرة على تسريع أو إبطاء تحركات سلسلة التوريد عند الحاجة. 

سيكون هذا الاتجاه مفيداً في التغلب على الاختناقات في سلاسل التوريد، مع السماح بتلبية طلبات المستهلكين.

2- إنشاء خطط للطوارئ

يمكن تصنيف الاضطرابات إلى مجموعتين: غير متوقعة ومتوقعة. فالاضطرابات السياسية والحوادث الطبيعية مثل الزلازل والانفجارات البركانية، غير متوقعة ولا يمكن التخطيط لها مسبقاً. لكن يمكن في بعض الأحيان التنبؤ بالاضطرابات المتوقعة مثل الأحداث المناخية القاسية ومنها مواسم الأعاصير/ العواصف، ومواسم الجفاف ودمجها في التخطيط الشامل للمرونة في سلاسل التوريد. 

ويجب على الشركات إيجاد طرق جديدة للدخول في شراكة مع مقدمي الخدمات اللوجستية المتكاملة القادرين على الاستفادة من شبكتهم للمساعدة في تقديم معلومات تنبؤية وتقليل تداعيات الاضطرابات. 

ومن خلال وضع خطط طوارئ أقوى وقابلة للتطبيق، ستتمكن الشركات من تخفيف بعض الضغوط في سلاسل التوريد الخاصة بها والبقاء صامدة.

3- الاستفادة من الخيارات الأقرب للسوق

يمكن أن تكون تأثيرات الدومينو الناجمة عن اضطرابات سلاسل التوريد طويلة الأمد ومنتشرة على نطاق واسع، بحسب ما ذكرت شركة Maersk، وسلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على الحاجة إلى سلاسل توريد أكثر مرونة، في حين سلطت مواقف أخرى، مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، الضوء على التوجه نحو بيع البضائع في المناطق القريبة بدلاً من نقلها إلى الأماكن البعيدة، والاتجاه إلى التصنيع في الأماكن  القريبة من أسواق الاستهلاك.

ومع تزايد شيوع عدم القدرة على التنبؤ، وتغير أنماط الطقس والاضطرابات السياسية، فإن بعض الشركات سوف تستفيد من الانتقال إلى المناطق القريبة للأسواق، من خلال الإنتاج في نفس قارة أو منطقة الاستهلاك، بالإضافة إلى الاقتراب من مصادر المواد الخام، وستتمكن تلك الشركات بذلك من التحوط بشكل أفضل ضد التأخير والاضطرابات. 

يمكن لاستخدام الخيارات الأقرب إلى السوق أن يسمح للشركات بالتكيف بشكل أفضل مع التغيرات في احتياجات المستهلكين وسلوكهم، وتوفير المزيد من الحماية ضد الاضطرابات. وفي ظل المناخ السياسي المتقلب، من المنطقي توقع أن يصبح هذا اتجاهاً أقوى في عام 2024.

4- الاستفادة من التطورات التكنولوجية

طوال العقدين الأول والثاني من القرن الحادي والعشرين، كانت هناك زيادة ملحوظة في توقعات المستهلكين عندما يتعلق الأمر بمواعيد التسليم ورؤية حركة البضائع. 

أدى التقدم التكنولوجي إلى تقصير وقت التسليم وإعطاء نظرة عامة أعمق على رحلة المنتج، بالإضافة إلى التقدم في التحكم في المناخ ودرجة الحرارة.

اقرأ أيضاً: وسط توقعات بمزيد من الهجمات بالبحر الأحمر .. ارتفاع تكلفة الشحن

وسمحت هذه التطورات التكنولوجية للشركات بضبط سلاسل التوريد الخاصة بها، مما أدى إلى خفض التكاليف وتحسين الطرق وسلاسل التوريد. ومع ذلك، عندما يحدث ما هو غير متوقع، وتحتاج الخطة إلى التعديل، ستحتاج الشركات نفسها إلى شريك لوجستي يمكنه استخدام وتقديم الحلول التكنولوجية لإبطاء أو تسريع كل شيء بشكل متزامن.

5- التعاون بين الشركات بقدر الإمكان

سلط عام 2023 الضوء على الحاجة إلى إنشاء شراكات تقدم حلولاً مفيدة تعمل عندما وأينما تكون الشركات في أمس الحاجة إليها. في حين واجهت العديد من الصناعات تحديات خلال الجائحة، فإن فترة ما بعد الوباء ستتميز باحتياجات جديدة وغير متوقعة.

ومن المفهوم أن العديد من الصناعات ستواجه عقبات جديدة، مع تحول الطلب مرة أخرى، وتغير السوق بما يتماشى مع احتياجات المستهلكين. ومع تزايد الدعوات لحلول أكثر استدامة، فإن إنشاء الشراكات المناسبة سيضمن أن تكون الشركات أكثر استدامة مع الاستمرار في تلبية احتياجات عملائها، بحسب التقرير.

حلول أخرى

وفي ذات السياق، أشارت مجلة SupplyChain Managment Review في تقرير لها أيضاً إلى عدد من العوامل التي يمكن من خلال لها تقليل تأثير اضطرابات سلاسل الإمداد، منها:

1- العمل على توسيع الرؤية لتقليل النقاط غير الواضحة، حث يعد الافتقار إلى الرؤية أحد أهم العوامل المساهمة في اضطرابات سلسلة التوريد. تحتوي كل سلسلة توريد على نقاط اضطراب متعددة، ويلزم إجراء تشخيصات مستمرة لتحديدها والتخفيف منها. 

2- عدم الاعتماد على مورد واحد، حيث قد يعرض ذلك عمل الشركات لخطر كبير من التعطيل. قد تؤدي الاضطرابات أو بعض أحداث الطقس القاسية إلى جعل المورد لا يمكنه توريد البضائع لفترة طويلة، ومن الضروري معرفة الموردين والشركاء اللوجستيين الآخرين الذين يمكنك الاعتماد عليهم.

3- تطوير خطة لإدارة المخاطر، حيث يجب أن تشمل خطة إدارة المخاطر استراتيجيات الوقاية والتأهب وخطط الاستجابة والتعافي. ومن خلال إجراء تقييم شامل لجميع المخاطر المحتملة على سلسلة التوريد (بدءاً من الإعصار وحتى إعادة هيكلة الموظفين)، يمكن للشركة تطوير استراتيجيات تشغيلية مرنة خاصة بتلك الاضطرابات التي تسمح لها بالاستجابة بسرعة.