أعاد اعتراف شركة أسترازينيكا AstraZeneca، خلال وثائق قدمتها للمحكمة، بأن اللقاح الذي طورته وأنتجته لمواجهة كوفيد-19 قد يؤدي إلى آثار جانبية، الجدل بشأن مدى الآثار الجانبية للقاحات المصنعة ضد فيروس كوفيد 19 ومدى احتمالية التعرض لها وخطورتها مقارنة بالتطورات التي قد تحدث للأشخاص في حالة الإصابة بالفيروس نفسه.
ووصفت الشركة هذه الآثار الجانبية للقاح Oxford-AstraZeneca Covid، بالنادرة، حيث باعت الشركة اللقاح عالمياً تحت الأسماء التجارية Covishield وVaxzevria وغيرها.
وبحسب بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) التابع لوزارة الصحة الأميركية، نرصد في السطور التالية تطور تاريخ الآثار الجانبية للقاحات خلال السنوات الماضية وأبرز الحوادث المتعلقة بها التي وقعت قبل ابتكار وتصنيع وإنتاج لقاحات كوفيد 19، ثم واقعة سحب لقاح أسترازينيكا.
لقاح شلل الأطفال 1955
في عام 1955، كانت بعض دفعات لقاح شلل الأطفال المقدمة للجمهور تحتوي على فيروس شلل الأطفال الحي، على الرغم من أنها اجتازت اختبارات السلامة المطلوبة.
تم إرجاع أكثر من 250 حالة إصابة بشلل الأطفال إلى اللقاحات التي تنتجها شركة واحدة: Cutter Laboratories. وأدت هذه الحالة، التي عرفت باسم حادثة Cutter، إلى إصابة العديد من حالات الشلل. تم سحب اللقاح بمجرد اكتشاف حالات شلل الأطفال.
اقرأ أيضاً: شركة AstraZeneca تعترف للمرة الأولى بأن لقاحها لكوفيد له آثار جانبية نادرة
كانت الحادثة لحظة حاسمة في تاريخ تصنيع اللقاحات والإشراف الحكومي عليها، وأدت إلى إنشاء نظام أفضل لتنظيم اللقاحات. وبعد أن قامت الحكومة بتحسين هذه العملية وزيادة الرقابة، استؤنفت التطعيمات ضد شلل الأطفال في خريف عام 1955.
الفيروس القردي 40 خلال الفترة من 1955 إلى 1963
في الفترة من عام 1955 إلى عام 1963، كان ما يقدر بنحو 10% إلى 30% من لقاحات شلل الأطفال المقدمة في الولايات المتحدة ملوثة بالفيروس القردي 40 (SV40).
جاء الفيروس من مزارع خلايا كلى القرود المستخدمة لصنع لقاحات شلل الأطفال في ذلك الوقت. وكان معظم التلوث في لقاح شلل الأطفال المعطل (IPV)، ولكن تم العثور عليه أيضاً في لقاح شلل الأطفال الفموي (OPV).
بعد اكتشاف التلوث، وضعت الحكومة الولايات الأميركية متطلبات اختبار للتحقق من أن جميع الدفعات الجديدة من لقاحات شلل الأطفال خالية من SV40.
بسبب الأبحاث التي أجريت على SV40 في النماذج الحيوانية، كان هناك بعض القلق من أن الفيروس يمكن أن يسبب السرطان لدى البشر. ومع ذلك، فإن معظم الدراسات التي تبحث في العلاقة بين SV40 والسرطانات مطمئنة، حيث لم تجد أي علاقة سببية بين تلقي لقاح شلل الأطفال الملوث بـ SV40 وتطور السرطان.
لقاح انفلونزا الخنازير ومتلازمة غيلان باريه 1976
في عام 1976، كانت هناك زيادة طفيفة في خطر الإصابة باضطراب عصبي خطير يسمى متلازمة غيلان باريه (GBS) بعد التطعيم بلقاح أنفلونزا الخنازير. كان الخطر المتزايد هو حالة إضافية واحدة تقريباً لكل 100 ألف شخص حصلوا على لقاح أنفلونزا الخنازير.
عندما تم تطعيم أكثر من 40 مليون شخص ضد أنفلونزا الخنازير، قرر مسؤولو الصحة الفدراليون في الولايات المتحدة أن احتمال وجود ارتباط بين هذه المتلازمة واللقاح، مهما كان صغيراً، يستلزم وقف التحصين حتى يتم استكشاف المشكلة.
وأجرى معهد الطب الأميركي (IOM) - الأكاديمية الوطنية للطب حالياً - مراجعة علمية شاملة لهذه القضية في عام 2003 وخلص إلى أن الأشخاص الذين تلقوا لقاح أنفلونزا الخنازير عام 1976 كان لديهم خطر متزايد للإصابة بـ GBS. لدى العلماء نظريات متعددة حول سبب حدوث هذا الخطر، لكن السبب الدقيق لهذا الارتباط لا يزال مجهولاً.
واليوم، تراقب مراكز (CDC) باستمرار سلامة لقاحات الأنفلونزا الموسمية والوبائية، وتناقش اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين أي مشكلات محتملة تتعلق بالسلامة.
لقاح التهاب الكبد B والتصلب المتعدد 1998
في عام 1998، أثارت بعض الأبحاث قلقاً من أن التطعيم ضد التهاب الكبد B قد يكون مرتبطاً بالتصلب المتعدد (MS)، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي. ومع ذلك، لم يتم العثور على هذه العلاقة في مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تم إجراؤها منذ ذلك الوقت.
اقرأ أيضاً: القيمة السوقية لهذه الشركة تتضاعف خلال 24 ساعة في وول ستريت بسبب صفقة ضخمة
وفي عام 2002، قام معهد الطب الأميركي بمراجعة شاملة لجميع الأدلة المتاحة ونشر خلال تقريراً أن لجنة المعهد خلصت إلى عدم وجود صلة بين التطعيم ضد التهاب الكبد B ومرض التصلب العصبي المتعدد.
لقاح RotaShield والانغلاف 1998-1999
في عام 1998، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على لقاح RotaShield، وهو أول لقاح للوقاية من التهاب المعدة والأمعاء الناتج عن فيروس الروتا (أحد الفيروسات التي تسبب الإسهال والتقيؤ).
بعد وقت قصير من ترخيصه، أصيب بعض الأطفال بما يعرف بـ "الانغلاف" (نوع نادر من انسداد الأمعاء يحدث عندما تنثني الأمعاء على نفسها) بعد التطعيم.
في البداية، لم يكن من الواضح ما إذا كان اللقاح أو أي عامل آخر هو سبب انسداد الأمعاء. وسرعان ما أوصت مراكز(CDC) بتعليق استخدام اللقاح وبدأت على الفور تحقيقين طارئين لمعرفة ما إذا كان تلقي لقاح RotaShield يسبب بعض حالات الانغلاف.
أظهرت نتائج التحقيقات أن لقاح RotaShield تسبب في الانغلاف لدى بعض الأطفال الأصحاء الذين تقل أعمارهم عن 12 شهراً والذين عادة ما يكونون أقل عرضة لهذه الحالة.
وسحبت اللجنة الاستشارية لممارسات التحصين (ACIP) توصيتها بتطعيم الرضع بلقاح RotaShield، وسحبت الشركة المصنعة اللقاح طوعاً من السوق في أكتوبر/ تشرين الأول 1999.
لقاح Menactra ومتلازمة غيلان باريه بين عامي 2005-2008
كانت هناك مخاوف من أن لقاح المكورات السحائية Menactra تسبب في متلازمة غيلان باريه (GBS). بين عامي 2005 و2008، أبلغ عدد من الشباب عن الإصابة بالمتلازمة بعد تلقي اللقاح.
ومع ذلك، للتحقق مما إذا كان سبب المتلازمة هو اللقاح أو كانت الإصابات متزامنة مع التطعيم، تم إجراء دراستين كبيرتين، مع إجمالي أكثر من 2 مليون مراهق تم تطعيمهم. أظهرت نتائج هذه الدراسات عدم وجود صلة بين Menactra وGBS.
سحب لقاحات Hib في 2007
في عام 2007، سحبت شركة Merck & Co طوعاً 1.2 مليون جرعة من لقاحات المستدمية النزلية من النوع (ب) المعروفة باسم (Hib) بسبب مخاوف بشأن التلوث المحتمل ببكتيريا تسمى (B. cereus).
كان سحب اللقاحات بمثابة إجراء احترازي، وبعد مراجعة متأنية، لم يتم العثور على أي دليل على الإصابة بعدوى B. cereus لدى متلقي لقاحات Hib التي تم سحبها.
لقاح الأنفلونزا H1N1 ومرض الخدار 2009-2010
تم العثور على زيادة خطر الإصابة بالخدار (اضطراب النوم المزمن) بعد التطعيم باستخدام Pandemrix، وهو لقاح أحادي التكافؤ لأنفلونزا H1N1 خلال عام 2009، والذي تم استخدامه في العديد من البلدان الأوروبية خلال جائحة أنفلونزا H1N1. تم اكتشاف هذا الخطر في البداية في فنلندا، ثم اكتشفت بعض الدول الأوروبية الأخرى أيضاً وجود ارتباط بين المرض واللقاح.
يتم تصنيع لقاح Pandemrix بواسطة شركة GlaxoSmithKline في أوروبا وتم إنتاجه خصيصاً لعلاج جائحة أنفلونزا H1N1 عام 2009. لم يتم ترخيص Pandemrix مطلقاً للاستخدام في الولايات المتحدة.
في عام 2014، نشرت مراكز (CDC) الأميركية دراسة حول العلاقة بين لقاحات الأنفلونزا H1N1 لعام 2009، ولقاحات الأنفلونزا الموسمية 2010-2011، ومرض الخدار. ووجدت الدراسة أن التطعيم لم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخدار.
في عام 2018، قام فريق دراسة يضم علماء من مراكز (CDC) بتحليل ونشر بيانات سلامة اللقاحات على لقاحات pH1N1 المساعدة (arenaprix-AS03، وFocetria-MF59، وPandemrix-AS03) من 10 مواقع دراسة عالمية. ولم يكتشف الباحثون أي ارتباط بين اللقاحات والخدار.
فيروس (PCV) في لقاحات فيروس الروتا 2010
فيروس (PCV) هو فيروس شائع يوجد في الخنازير. في عام 2010، تم اكتشاف أن لقاحي فيروس الروتا المرخصين في الولايات المتحدة - Rotarix وRotaTeq - يحتويان على PCV من النوع 1. ومن غير المعروف أن PCV1 يسبب المرض للحيوانات أو البشر.
اقرأ أيضاً: بوتين يعلن توافر لقاح مضاد للسرطان قريباً ويحذر من تفشي الأوبئة
في الواقع، يعد فيروس PCV شائعاً في الخنازير السليمة، ويتعرض البشر بشكل روتيني للفيروس عن طريق تناول لحم الخنزير. لم تظهر مراقبة سلامة كلا اللقاحين أي سبب للقلق بشأن فيروس PCV.
سحب لقاح HPV في 2013
في عام 2013، قامت شركة Merck & Co بسحب دفعة واحدة من لقاح Gardasil، وهو لقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) (الذي يصيب الجلد والمنطقة التناسلية والحلق وفي بعض الحالات قد يسبب السرطان).
كان الاستدعاء إجراءً احترازياً بعد حدوث خطأ في عملية التصنيع. كان لدى الشركة مخاوف من احتمال احتواء عدد صغير من القوارير على جزيئات زجاجية بسبب الكسر. ولم يتم الإبلاغ عن أي مشاكل صحية تتعلق بهذا الاستدعاء بخلاف الآثار الجانبية المعروفة التي يمكن أن تنجم عن أي تطعيم، مثل احمرار الذراع والألم في مكان إعطاء الحقنة.
سحب لقاح Oxford-AstraZeneca ضد كورونا في 2024
قالت صحيفة التلغراف البريطانية، الأربعاء 8 مايو/ أيار، إنه سيتم سحب لقاح Oxford-AstraZeneca ضد فيروس كورونا من جميع أنحاء العالم، مضيفةً أن هذا يأتي بعد أن اعترفت شركة الأدوية العملاقة أسترازينيكا أنه يمكن أن يسبب آثاراً جانبية نادرة وخطيرة.
ولم يعد من الممكن استخدام اللقاح في الاتحاد الأوروبي، بعد أن سحبت الشركة طوعاً "ترخيص التسويق" الخاص بها. وتم تقديم طلب سحب اللقاح في 5 مارس/ آذار ودخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء 7 مايو.
وسيتم تقديم طلبات مماثلة في الأشهر المقبلة في بريطانيا وفي البلدان الأخرى التي وافقت على اللقاح المعروف باسم Vaxzevria.