بايدن وترامب في مواجهة تاريخية "تحبس الأنفاس".. واقتصاديون أميركيون لـ CNBC عربية: الاقتصاد والهجرة على رأس الأولويات
⬅️ المنافسة حول تصوير ترامب على أنه غير متوازن وخطير أو تصوير بايدن على أنه رجل عجوز مرتبك!
⬅️ رئيس جمعية الإدارة المالية: أشعر بخيبة الأمل لأن الديمقراطيين والجمهوريين لم يتمكنوا من التوصل إلى مرشحين أفضل
⬅️ أستاذ اقتصاد بكلية ويليامز: سوف يفحص الناس بعناية قدرات بايدن العقلية بحثاً عن أي علامات ضعف
⬅️ أكاديمي أميركي: القضايا التي تتم مناقشتها قد لا تؤثر على توجهات الناخبين ممن حسموا أمرهم
CNBC عربية- محمد خالد
"أشعر بخيبة أمل؛ لأن الديمقراطيين والجمهوريين لم يتمكنوا من التوصل إلى مرشحين أفضل".. يُعبر استاذ التمويل بمعهد Cornell بجامعة فلوريدا الأميركية، رئيس جمعية الإدارة المالية، جاي ر. ريتر، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، عن شعوره الشخصي حيال السباق الانتخابي المرتقب في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.
ريتر يعبر بذلك عن حال كثيرٍ من الأميركيين ممن شملتهم استطلاعات الرأي الأخيرة، لا سيما من المستقلين الذين فضّلوا الوقوف في المنطقة الرمادية ما بين بايدن وترامب، سواء لأنهم لم يحسموا أمرهم بعد، أو أنهم يشعرون بنفس "خيبة الأمل" لا سيما وأن المرشحين سكنا البيت الأبيض من قبل، وسياساتهما مُجرّبة بشكل عملي، ويُمكن الحكم عليها استناداً لمعايير حقيقية.
تمثل هذه الفئة الأخيرة (ممن لا تثق بأي من ترامب أو بايدن) ما يصل إلى 17% وفق أحدث استطلاعات الرأي، وهي نسبة يُمكن أن تكون حاسمة في نتائج الانتخابات حال ما إن تحركت إلى أي من المرشحين.
الاستطلاع (الذي أجري في الفترة من 30 مايو/ أيار إلى 3 يونيو/ حزيران - مباشرة بعد إدانة ترامب الجنائية في نيويورك بشأن دفع "أموال الصمت" للممثلة الإباحية ستورمي دانيلز) وجد أن نسبة 41% من الناخبين المسجلين في جميع أنحاء البلاد قالوا إنهم يثقون في ترامب، مقارنة بـ 37% وضعوا ثقتهم في بايدن. وقال 17% إنهم لا يثقون بأي منهما، بينما النسبة المتبقية لم تحسم أمرها.
وفق استطلاع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، وكلية روس للأعمال بجامعة ميشيغان الأميركية، فإن النتائج تلك تأتي على الرغم من استمرار قوة الاقتصاد الأميركي، حيث ساعد الإنفاق الاستهلاكي القوي وانخفاض البطالة على دفع الناتج المحلي الإجمالي ودفع أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية.
لكن على الرغم من المخاوف وحالة "خيبة الأمل" تلك التي يعيشها البعض، فإن ثمة كثيراً من الأمل والرهانات على التوازنات داخل الإدارة الأميركية والمؤسسات الحاكمة في دحض كثيرٍ من التوجهات التي ربما تبدو سلبية من جانب أي من المرشحين حال وصوله للبيت الأبيض مرة أخرى، وهو ما يعبر عنه ريتر بقوله: "صحيح أن الأنظمة الديمقراطية لا تعمل على النحو الأمثل، ولكن هناك ما يكفي من الضوابط والتوازنات في الولايات المتحدة لمنع أغلب القرارات السيئة في العموم".
والمنافسة بين بايدن (81 عاماً) والرئيس السابق ترامب (78 عاماً) هي منافسة متقاربة وقوية. بحسب ما تكشف عنه استطلاعات الرأي، مع وجود شريحة كبيرة من الناخبين لم تحسم رأيها بعد قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر.
ومن شأن تلك المناظرة المرتقبة،الخميس، أن تكشف عن مدى التباين الصارخ بين الرجلين، وهما أكبر المرشحين سناً على الإطلاق لرئاسة الولايات المتحدة في وقت يشكك فيه ناخبون في كفاءتهما الذهنية وقدراتهما على إدارة شؤون البلاد في هذا السن.
الاقتصاد والهجرة
في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، يشير الاستاذ بكلية كنيدي في جامعة هارفارد، جيفري فرانكل (وهو أحد المشاركين في اللجنة الوطنية للبحوث الاقتصادية التي تضم مجموعة من الأكاديميين، ومكلفة بالإعلان الرسمي عن الركود)، إلى أن "القضايا السياسية التي ينبغي أن تحدد المناظرة تشمل الإجهاض والهجرة والاقتصاد والشؤون الخارجية".
في الممارسة العملية، ربما يكون العامل الأكثر أهمية لتحديد النتيجة هو ما إذا كان سلوك المرشحين يقنع الناخبين المتأرجحين القلائل المتبقين بأن تصوير ترامب على أنه غير متوازن وخطير هو الأكثر دقة أو تصوير بايدن على أنه رجل عجوز مرتبك.
ويضيف الاقتصادي الأميركي: "فيما يتعلق بالقضايا السياسية، يدعم غالبية الأميركيين الديمقراطيين في قضية الإجهاض، وربما الجمهوريين في قضية الهجرة.
بينما "يميل الأميركيون إلى عدم متابعة الشؤون الخارجية"، في إشارة إلى كونها لن تكون الفيصل الأساسي في تحديد بوصلة الناخبين.
وفي سياق متصل، يقول فرانكل، إنه فيما يتعلق بسلوك المرشحين، نشر أنصار ترامب صورة لبايدن على أنه عاجز بسبب تقدمه في السن، وهو تصور غير دقيق من المرجح أن يكون قادرًا على دحضه في المناظرة.
وكان كبير مستشاري حملة ترامب، بريان هيوز، قد ذكر أن معسكر الرئيس الأميركي السابق يريد أن يجعل بايدن في موقف دفاعي عن سجل إدارته فيما يتعلق بالهجرة والتضخم وطريقة تعامله مع "عالم مشتعل"، في إشارة إلى الحرب في غزة، والحرب الروسية الأوكرانية.
القدرات العقلية
إلى ذلك، يقول أستاذ الاقتصاد بكلية ويليامز بالولايات المتحدة، كينيث ن. كوتنر، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، عن المُرتقب من المُناظرة: "سوف يفحص الناس بعناية قدرات بايدن العقلية بحثاً عن أي علامات ضعف.. وإذا بدا حاداً ومتماسكاً، فسيخفف ذلك من بعض المخاوف بشأن عمره".
أما القضية الأخرى هي الهجرة وأمن الحدود، بحسب كوتنر، الذي يشدد على أن "هذه القضية إلى قضية مثيرة للجدل. وأظن أن ترامب سوف يضغط عليها بشدة وسوف يحاول بايدن إقناع الناس بأنه أصبح صارماً".
كما قد تظهر تكلفة المعيشة أيضاً (ضمن أبرز الملفات). والغريب هو أن الناس يبدو أنهم يعتقدون بأن الرئيس لديه سيطرة على التضخم، في حين أن التضخم مدفوع بالسياسة النقدية، لذلك "يجب على الناس إلقاء اللوم على بنك الاحتياطي الفدرالي بدلاً من ذلك"، بحسب كوتنر.
لكن تجدر الإشارة هنا إلى تحذيرات مجموعة من الاقتصاديين من احتمالية ارتفاع معدلات التضخم حال عودة ترامب. فقد وقع 16 اقتصادياً من الحائزين على جائزة نوبل، رسالة مشتركة، قبيل أيام، تحذر مما يعتبرونه مخاطر اقتصادية إذا تولى الرئيس السابق دونالد ترامب فترة ولاية ثانية، بما في ذلك التضخم. (المزيد من التفاصيل: 16 اقتصادياً حائزاً على جائزة نوبل: ولاية ترامب الثانية قد "تشعل" التضخم)
وكتب الاقتصاديون: "في حين أن لكل منا وجهات نظر مختلفة حول تفاصيل السياسات الاقتصادية المختلفة، فإننا نتفق جميعاً على أن الأجندة الاقتصادية لجو بايدن تتفوق بشكل كبير على أجندة دونالد ترامب".
ويعتقد الاقتصادي الأميركي بأن "الرئيس بايدن (في المناظرة) سيلعب دور الدفاع.. وقد يزعم ترامب بشكل معقول أنه أكثر صرامة في التعامل مع الهجرةوأمن الحدود،من خلال اتخاذ تدابير صارمة للغاية (نشر الجيش، ومعسكرات الاحتجاز، والترحيل).. وسيتعين على بايدن أن يزعم أن هذه التدابير غير ضرورية ومتطرفة، وأنه اتخذ خطوات قوية بما فيه الكفاية".
ويستطرد: "سيحاول بايدن أيضاً الإشارة إلى أن التضخم انخفض كثيراً منذ ذروته، لكن هذا ربما لن يساعد على أن الناس يدركون أن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، ربما لأنهم أكثر تركيزاً على مستوى الأسعار (الأسعار أعلى بكثير مما كانت عليه في السابق، حتى لو تباطأ معدل تغيرها). وهذا أمر مثير للسخرية لأنه إذا كان هناك أي شيء، فمن المرجح أن تؤدي سياسات ترامب إلى رفع الأسعار".
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤول في حملة الرئيس الأميركي، قوله أن فريق بايدن سيركز على تعزيز الحجج ونقاط الانتقاد بشأن "سياسات متطرفة" ينتهجها ترامب بشأن الإجهاض وقضايا أخرى بالتأكيد على أنها تشكل خطراً على الديمقراطية وسببها مانحون أثرياء يحررون له الشيكات. وقال المسؤول إن الرئيس الحالي لن يخجل من مهاجمة ترامب على تصرفاته السابقة، ومن بينها دوره في أعمال شغب شهدها الكونغرس يوم السادس من يناير/ كانون الثاني 2021، لكنه يريد أيضاً إظهار نفسه كزعيم حكيم ورصين على عكس تشتت ترامب وفوضويته.
لا تأثير!
بدوره، يعتقد الاستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، جوناثان د.أرونسون، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية، بأن القضايا التي تتم مناقشتها "غير مهمة في التأثير على النتيجة"، متفقاً في ذلك مع تصريحات أستاذ الشؤون الدولية في كلية الإدارة الحكومية، كلية هاملتون بالولايات المتحدة الأميركية، آلان كفروني، لـ CNBC عربية، والتي قال فيها: "تاريخياً، هناك كم كبير من الأدلة على أن المناظرات الرئاسية كان لها تأثير ضئيل جداً على النتيجة الإجمالية.. لقد اتخذ معظم الناخبين قراراتهم بالفعل وهم يفسرون أداء المرشحين وفقاً لذلك"، على حد وصفه. (المزيد من التفاصيل: مواجهة الـ 90 دقيقة بين بايدن وترامب.. ما هي أبرز الملفات الحاسمة؟).
يشدد أرونسون على حالة الاستقطاب السياسي، موضحاً أن هناك انقساماً كبيراً (بين من يؤيدون ترامب ومن يعارضونه). ويعتقد بأن مستوى الدعم لترامب لا يتغير كثيراً، حيث أن لديه قاعدة ثابتة من المؤيدين تمثل حوالي 40% من الناخبين، على حد وصفه.
اقرأ أيضاً: بايدن وترامب يواجهان "هاوية ضريبية" وسط عجز الميزانية
ويشير إلى أن جزءاً كبيراً من قاعدة ترامب تتألف من أشخاص يشعرون بالغضب والخوف. هؤلاء الأشخاص يميلون إلى الانعزالية (..)، موضحاً أن هؤلاء الناخبين يدعمون حظر الإجهاض، ويخشون المهاجرين، ويظهرون عداءً تجاه بعض الفئات (...).
على الجانب الآخر، يتحدث عن بايدن واصفاً إياه بأنه يحاول أن يكون شاملاً (يشمل جميع الفئات في سياسته ويحدث التوافق)، غير أنه كبير في السن والشباب لا يتواصلون معه، كما أنه لم يتمكن من إيجاد السلام لأوكرانيا أو الإغاثة لسكان غزة المحاصرين (..).
انغوغرافيك: في التعامل مع الملفات الاقتصادية من يفوز .. ترامب أم بايدن؟
وعن المناظرة المرتقبة، يستطرد: "لا تهم القضايا كثيراً باستثناء الديمقراطية والإجهاض بالنسبة للديمقراطيين، والأسلحة والهجرة بالنسبة للجمهوريين.. لن يغير النقاش أي آراء حول هذه القضايا".
وفي تصور الاستاذ بجامعة كاليفورنيا الجنوبية، فإن بايدن يحتاج إلى كسب عدد صغير من المستقلين والناخبين غير الحاسمين في 6 أو 7 ولايات (بما في ذلك عليه إقناع المسلمين في ميشيغان واللاتينيين في نيفادا وأريزونا بالخروج للتصويت وعدم الانشقاق إلى روبرت كينيدي جونيور وغيره من المرشحين الهامشيين من الأحزاب الثالثة.. يحتاج أيضًا إلى إقناع الناخبين الشباب بالتصويت له لأن ترامب سيقوض الديمقراطية الأميركية، ربما بشكل لا رجعة فيه"، على حد قوله.
اقرأ أيضاً: كيف يتعين على أوروبا الاستعداد لترامب؟