لمياء نبيل - محررة في CNBC عربية
كشفت المناظرات التلفزيونية الأولى بين المرشحين الستة للانتخابات الإيرانية بشكل كبير أن الاقتصاد المتأزم هو أكثر ما يشغل الشارع الإيراني، وأن من يقدم الحلول للمواطنين هو الأقرب للفوز بالمنصب.
وفي الساعات الأخيرة قبل توجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع يوم 28 يونيو / حزيران، لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي لقي مصرعه في حادث تحطم مروحية الشهر الماضي، يكثف المرشحون من مساعيهم لإقناع الناخبين ببرامجهم، خاصة ما يتعلق بحلول إنعاش الاقتصاد المتضرر بشدة من آثار العقوبات الغربية المستمرة منذ سنوات تصل إلى نحو 45 عاماً.
أي أن أجيال كاملة لم تعرف سوى العيش في ظلها، والتي باتت تنعكس بشكل تام على أوضاع المواطنين وتصعب من قدراتهم على تصريف أمورهم اليومية.
التضخم والبطالة
ورغم التطلعات الحكومية الجيدة إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي بنسبة 8% اعتماداً على زيادة الصادرات النفطية، مقارنة بنمو بلغ 5.7% في العام الماضي، إلا أن "الشارع الإيراني" لا يشعر بأثر ذلك.
فوسط تضخم خانق يلامس 40%، ومعدلات بطالة مرتفعة، وتراجع قياسي لقيمة العملة المحلية (الريال الإيراني) مقابل الدولار، يواجه 85 مليون مواطن إيراني صعوبات يومية تتطلب وعوداً مختلفة من المرشحين للرئاسة. وبالفعل، عمل المرشحون على عروض تفصيلية لما يطرحونه من حلول اقتصادية على الناخبين، سواء خلال الحملات أو المناظرة التليفزيونية.
بداية، فإن مجلس صيانة الدستور، المشرف على العملية الانتخابية، أعلن عن تأهل المرشحين الستة من بين أكثر من 80 طلباً للترشح، وهم كل من البرلماني الإصلاحي المعتدل ووزير الصحة الأسبق مسعود بزشكيان، ورجل الدين والمحام ووزير العدل الأسبق مصطفى بورمحمدي، والمرشح الرئاسي السابق ومندوب المرشد الإيراني المتشدد سعيد جليلي، والسياسي الأصولي وعمدة طهران الحالي علي رضا زاكاني، والطبيب والسياسي الأصولي المتشدد أمير حسين قاضي زاده هاشمي، إضافة إلى محمد باقر قاليباف رئيس مجلس الشورى الإسلامي والقائد السابق في الحرس الثوري الإيراني.
وفي غياب استطلاعات الرأي، يعتبر الخبراء أن قاليباف وجليلي وبيزشكيان هم المرشحون الثلاثة الأوفر حظاً في الانتخابات. وتعهد كل المرشحين بتعزيز قيمة عملة البلاد، التي تهاوت لتسجل 580 ألف ريال مقابل الدولار.
وخلال المناظرات المتلفزة، قال قاليباف: "أعد العمال والمتقاعدين بأننا سنعزز الاقتصاد من أجل مكافحة التضخم والحفاظ على قدرتهم الشرائية"،
رفع العقوبات
واعتبر ثلاثة من المرشحين، من بينهم قاليباف وبيزشكيان، أنه ينبغي إعطاء الأولوية لرفع العقوبات التي تؤثر على الاقتصاد منذ انسحاب الولايات المتحدة الأحادي الجانب من الاتفاق النووي عام 2018.
وتفرض واشنطن خصوصاً حظراً على المنتجات البترولية وقطاعي الطيران والتعدين، كما تمنع استخدام الدولار في المعاملات التجارية مع إيران.
ورأى المرشح الإصلاحي قاليباف أنه "من المستحيل تحقيق هدف النمو بنسبة 8% من دون إعادة إرساء علاقات اقتصادية طبيعية "مع الدول الأخرى"، بما في ذلك الدول الغربية التي هجرت شركاتها إيران بالكامل في الأعوام الأخيرة.
وقدر مرشح آخر، هو المحافظ أمير حسين غازي زاده هاشمي، حجم الاستثمارات المطلوبة بـ"250 مليار دولار"، خاصة لتحديث القطاعات الرئيسية لإنتاج النفط والغاز. من جانبه، قال مصطفى بور محمدي، إنه بسبب العقوبات "أصبحت التحويلات المالية مستحيلة واقتصادنا متوقف".
لكن بالنسبة لمنافسه علي رضا زاكاني، رئيس بلدية طهران المحسوب على التيار المحافظ المتشدد، فإن "مشاكل الاقتصاد الإيراني ليست مرتبطة بالعقوبات الأميركية القاسية"، خاصة أنه اقترح أنه "يجب علينا تعزيز استقلال البلاد"، لا سيما من خلال "التخلص من الدولار في الاقتصاد والاعتماد على العملة الوطنية وزيادة قوة الأخيرة".