بقلم أحمد عزام
محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي
استقر اقتصاد المملكة المتحدة في الربع الثالث متحديًا التوقعات بانكماش بسيط، إذ أنقذت التجارة القوية النشاط المحلي الضعيف ليطفو الاقتصاد البريطاني على النقطة الصفرية ويتجنب الركود في عام 2023 في حال عدم مراجعة القراءة مستقبلاً.
إن الناتج المحلي الإجمالي لم يتغير عن الربع الثاني، وكان الاقتصاديون يتوقعون انخفاضًا بنسبة 0.1% في الربع الثالث. بينما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في شهر سبتمبر أيلول.
حيث أن توقعات بنك إنكلترا كانت تميل نحو حدوث ربع منكمش، ويتوقعون ألا يسجل الاقتصاد أي نمو على الإطلاق في العام المقبل. فقد انخفض الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري والإنفاق الحكومي في الربع الثالث، مما ترك الاقتصاد مدعومًا بأداء تجاري أفضل مع ارتفاع الصادرات وانخفاض الواردات.
هذه التوقعات تعكس النظرة الاقتصادية القاتمة، وسوف تشكل معضلة لرئيس الوزراء ريشي سوناك بينما يستعد للانتخابات المتوقعة العام المقبل. وتضع استطلاعات الرأي حزب المحافظين الحاكم في طريقه لخسارة السلطة لصالح حزب العمال المعارض. وتأتي هذه الأرقام قبل أقل من أسبوعين من إلقاء المستشار جيريمي هانت بيانه الخريفي أمام البرلمان، والذي من المتوقع أن يكشف النقاب عن تدابير لتعزيز النمو.
بريطانيا دولة تعاني من انخفاض النمو وتكافح من أجل تأمين النمو الاقتصادي المستدام منذ الأزمة المالية، إن معالجة هذه المشكلة هي المهمة الأساسية التي تواجهها كدولة، ويجب أن تكون في قلب بيان الخريف الذي سيصدره المستشار خلال 10 أيام.
كما أن تباطؤ النمو ناجم جزئيًا عن ارتفاع أسعار الفائدة، حيث شرع بنك إنجلترا برفع سعر الفائدة من 0.1% إلى 5.25% في أقل من عامين، وقد يساعد الانكماش في الاقتصاد المحلي في إقتاع صناع القرار في بنك إنكلترا بأنهم فعلوا ما يكفي للسيطرة على التضخم. حيث أن الرهان بالاستمرار على المزيد من رفع أسعار الفائدة سيدفع الاقتصاد بكل تأكيد للمزيد من الألم والهبوط نحو اتجاه الركود.
لكن التضخم العنيد سيحتاج المزيد من الجهود، وتبقى أداة البقاء على فائدة مرتفعة لفترة زمنية طويلة هي المفتاح... لا بل سيكون الوقت للبقاء على فائدة متشددة هي الأداة لمحاولة كبح جماح التضخم.
ما تتوقعه الأسواق عن الفائدة البريطانية
ويراهن المتداولون على أن أسعار الفائدة قد بلغت ذروتها، ومن المتوقع أن يبدأ بنك إنكلترا في خفض أسعار الفائدة اعتبارًا من أغسطس آب من العام المقبل. واستمر مسار توقعات أسعار الفائدة لدى بنك إنكلترا دون تغيير مع احتمال بنسبة 15٪ لزيادة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل وتخفيضات بمقدار ثلاثة أرباع نقطة أساس تقريبًا بحلول نهاية العام المقبل.
بيان المستشار البريطاني قد يلغي توقعات تخفيض الفائدة
إن التضخم المرتفع هو أكبر عائق أمام النمو الاقتصادي. إن أفضل طريقة لتنمية الاقتصاد بشكل مستدام في الوقت الحالي هي كيفية جعل الاقتصاد ينمو بشكل صحي مرة أخرى من خلال فتح الاستثمار وإعادة الناس إلى العمل وإصلاح الخدمات العامة في ظل الالتزام بالفائدة المرتفعة لمحاولة ضرب التضخم.
فقد واجه الاقتصاد رياحًا معاكسة على عدة جبهات في الربع الثالث. وأضرت إضرابات القطاع العام بالمدارس والخدمات الصحية بينما عانى تجار التجزئة من الطقس الرطب في يوليو تموز ودرجات الحرارة الدافئة على غير المعتاد في سبتمبر أيلول مما دفع المستهلكين إلى تأجيل شراء ملابس الخريف والشتاء. وعلاة على ذلك ضغط تكاليف الاقتراض المرتفعة.
لا يزال بنك إنكلترا متفائلاً، لكن...
وتوقع البنك المركزي أيضًا نموًا بنسبة 0.1٪ في الربع الرابع واستقرارًا حتى عام 2024. هو أمر متفائل نظرًا لأن حوالي نصف التشديد النقدي منذ عام 2021 لم يتم الشعور به بعد. لكن يبقى الخطر الحقيقي في عام 2023 هو تعديل القراءة الصفرية الحالية إلى القراءة السلبية، وأن تكون القراءة القادمة للربع الرابع في الجانب السلبي، مما يعني أن بريطانيا قد تدخل مرحلة الركود تقنياً.
ومن المتوقع أن تعطي أرقام الأسبوع المقبل سببًا إضافيًا لبنك إنكلترا للتوقف مؤقتًا، مع توقع انخفاض التضخم إلى أقل من 5٪ من 6.7٪ في سبتمبر أيلول بينما يظل نمو الأجور بالقرب من 8٪ - وهو أعلى بكثير من المستوى المتوافق مع هدف التضخم البالغ 2٪.
قد تعني الأرقام الحالية أن بنك إنكلترا قد يتجه للتوقف عن رفع سعر الفائدة لبعض الوقت لمتابعة التأثير الاقتصادي، بينما البقاء على سعر فائدة مرتفعة لفترة زمنية طويلة قد يكون وارد أيضاً وهو ما لا تتوقعه الأسواق حالياً.