
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن العديد من الدول الأوروبية لا تنوي الاعتراف بفلسطين كدولة في المؤتمر المزمع عقده خلال الأسبوع المقبل.
ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية قولها إن بريطانيا وفرنسا وعدداً من الدول الأوروبية لا تخطط للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال المؤتمر المزمع عقده في الفترة بين 17 و20 حزيران/ يونيو الجاري، مفضلة اتباع نهج تدريجي، وتجاهل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة والضفة الغربية، التي تعاني تحت وطأة الحصار والاحتلال والعنف المستمر.
ويُعتبر هذا التراجع في الأهداف السياسية للمؤتمر خطوة واضحة عن الخطط الأصلية، التي كانت تتجه نحو إصدار إعلان مشترك من عدة دول، من بينها فرنسا وبريطانيا، للاعتراف بفلسطين، في خطوة رمزية تهدف إلى كسر الجمود السياسي وتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال لأكثر من سبعة عقود.
وعلى الرغم من تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي وصف فيها الاعتراف بفلسطين بأنه "واجب أخلاقي"، فإن مسؤولين فرنسيين طمأنوا نظراءهم الإسرائيليين بأن المؤتمر لن يشهد إعلاناً رسمياً بهذا الشأن، مما يعكس تأثير الضغوط الإسرائيلية على الحكومات الغربية وقدرتها على توجيه السياسات، حتى في المسائل المتعلقة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
وفي الوقت الراهن، أصبح الاعتراف مشروطاً بعدة متطلبات سياسية وأمنية تُستخدم كأسباب لتأجيل الخطوة، مثل وقف إطلاق النار في غزة، وتشكيل حكومة فلسطينية "مقبولة"، واستبعاد حركة حماس، وهي شروط تُحمل الاحتلال مسؤولية أقل وتلقي العبء على الضحية.
يجدر بالذكر أن فرنسا والسعودية شكّلتا فرق عمل مشتركة لوضع إطار لحل الدولتين، إلا أن مشاركة إسرائيل في الاجتماعات التحضيرية تثير التساؤلات، خاصة مع استمرار حكومة نتنياهو في بناء المستوطنات، وتصعيد القمع ضد الفلسطينيين، ورفضها الصريح لحل الدولتين.
كما صادقت إسرائيل مؤخراً على بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، في أكبر توسع استيطاني خلال عقود، ووصف وزير دفاعها هذه الخطوة بأنها "إستراتيجية" لمنع قيام دولة فلسطينية، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والشرعية الدولية.
من جانبه، وصف السفير الإسرائيلي في باريس مبادرة ماكرون بأنها "كارثية"، معبراً بوضوح عن رفض إسرائيل لأي مسار يؤدي إلى إنهاء الاحتلال.
أما بريطانيا، فتشترط ضمن مخرجات المؤتمر وجود ضمانات واضحة لتشكيل حكومة فلسطينية لا تشمل حماس، وهي نقطة تتوافق عليها بعض الخطط العربية الحديثة التي قد تستبعد الحركة من إدارة غزة.
ويشهد البرلمان البريطاني تأييداً متزايداً من نواب حزب المحافظين للاعتراف بفلسطين، من بينهم المدعي العام السابق السير جيريمي رايت، مما يعكس تغيراً في الرأي السياسي داخل المؤسسة التشريعية.
وفي ظل اعتراف عدد من الدول الأوروبية، مثل أيرلندا وإسبانيا والنرويج، بدولة فلسطين، تتزايد الضغوط على الحكومات الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة، لاتخاذ خطوات عملية تتجاوز الكلمات الرمزية.
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وحرمان الفلسطينيين من أبسط حقوقهم، تكشف مواقف بعض العواصم الغربية هشاشة التزامها بالقيم الإنسانية، وتناقضاً صارخاً بين خطاب السلام والدعم الضمني للاحتلال.