بعد ثلاث سنوات من الخطط العشوائية لإعادة العمال إلى مكاتبهم، دخلت حركة العودة إلى المكتب في مرحلة الندم.

يأسف 80%من الرؤساء على قرارات عودتهم الأولية إلى المكتب، ويقولون إنهم كانوا سيتعاملون مع الخطط بشكل مختلف إذا كان لديهم فهما أفضل لما يريده موظفوهم، وفقًا لبحث جديد من Envoy.

لاري غاديا، الرئيس التنفيذي ومؤسس Envoy ، قال إن كثر من الشركات اكتشفت أنها كان من الممكن أن تكون أكثر منطقية إذا نظرت إلى بيانات العاملين بدلا من مجرد اتباع قرارات حادة وآراء قاطعة للرؤساء... وذلك بناء على نتائج مقابلات مع أكثر من 1000 من المديرين التنفيذيين للشركات الأميركية ومديري أماكن العمل.

أعرب بعض القادة عن أسفهم للاضطرار لاتباع السياسات الداخلية، بينما قال آخرون إنه كان من الصعب القيام باستثمارات عقارية طويلة الأجل (في المكاتب) من دون خطط لوجود الموظفين هناك.

كاثي كاتشر، رئيس Caree Life Alliance Services، وهي مستشارة تقدم المشورة للشركات بشأن خطط العودة إلى المكاتب، تشير إلى أنها تفاجأت بالنسب المنخفضة المتحققة من تلك الخطوات. مؤكدة أن كثير من المؤسسات التي حاولت فرض ذلك على الموظفين اضطرت للتراجع عن خططتها أو تعديلها بسبب معارضة الموظفين.

وبينما بدأ بعض قادة الأعمال في تقبل "العمل الهجين" على أنه وضع قائم ودائم، فإن آخرين يتراجعون عن التعهدات السابقة للسماح للموظفين بالعمل من المنزل على أساس التفرغ الكامل أو الجزئي.

اعتبارًا من يوليو (تموز)، عاد 59% من الموظفين بدوام كامل إلى العمل بنسبة 100% في الموقع، بينما يعمل 29% بشكل هجين، و12% لا يزالون يعملون عن بعد، وفقًا لبيانات جديدة من WFH Research.

وبشكل عام، فإن المكاتب حاليا "نصف ممتلئة" تقريبا من حيث السعة التشغيلية، مقارنة مع الوضع قبل "كوفيد-19".

وهناك شركات كبرى تطلب قضاء الموظفين وقتا أكثر في المكاتب، وذلك على غرار Disney و Starbucks و BlackRock.

وأحدث من ينضم لسياسة "عكس المسار" كان Zoom  على سبيل المثال، ومؤخرا صارت تبلغ موظفيها -القاطنين في دائرة قطرها 50 ميلا- أن عليهم الحضور إلى المكاتب مرتين أسبوعيا على الأقل. ويعد ذلك تحولا مفاجئا عن سياسة الشركة السابقة، التي سمحت للموظفين بالاختيار بين العمل الهجين أو الشخصي، أو العمل عن بُعد الدائم.

وقال متحدث باسم الشركة في بيان: "نعتقد أن نهجًا هجينًا منظمًا - بمعنى أن الموظفين الذين يعيشون بالقرب من مكتب يجب أن يكونوا في الموقع يومين في الأسبوع للتفاعل مع فرقهم - هو الأكثر فاعلية لـ Zoom".

موضحا أن الشركة "ستستمر في دعم منصة Zoom للحفاظ على اتصال موظفينا وفرقنا المشتتة والعمل بكفاءة... وتوظيف أفضل المواهب، بغض النظر عن الموقع".

وترى كاشير أن التكلفة المهدرة للمساحات المكتبية غير المستخدمة كانت عاملاً رئيسياً في قرارات الشركات لتغيير نهج العمل عن بعد الخاص بهم. وقبل ستة أشهر فقط، كانت الشركات على استعداد لتحمل هذه التكاليف وسط ضغوط سوق العمل من أجل توظيف المواهب والاحتفاظ بها. لكن الآن، "بدأ صبر بعض الشركات ينفد، وتريد تعويض هذه المدفوعات الكبيرة".

ففي مدينة نيويورك مثلا، تبلغ تكلفة المساحات المكتبية في المتوسط، حوالي 16 ألف دولار سنويًا لكل موظف، وفقًا لتقارير نيويورك تايمز.

ومع ذلك، فإن المخاطرة المستمرة بفقدان أفضل المواهب كانت كافية لجعل الشركات تعيد النظر في قراراتها الصارمة. فقد أظهرت الأبحاث أن الشركات التي تمارس ضغوطًا على الموظفين للعودة إلى المكتب من المرجح أن تواجه مشكلات هروب الموظفين أكثر من تلك التي لا تفعل ذلك.

وتضيف كاشير أن الشركات التي فرضت عودة صارمة إلى المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع، من دون دراسة ظروف الموظفين أولا، هي الأكثر توترا. وتقول: "إنهم يكافحون من أجل الحفاظ على موظفيهم. لقد قامت بعض الشركات التي أعمل معها بتقليص عدد أيام العمل التي تتطلبها استجابةً لرد فعل الموظفين العنيف".

وتخلص كاشير إلى نتيجة أن "الشركات التي تحقق أكبر قدر من النجاح في العودة إلى المكتب، يبدو أنها تلك التي تتخذ القرارات مع موظفيها، وليس بمعزل عنهم".