من مجرد منتج تولدت فكرته من شكوى إحدى الممثلات البريطانيات خلال لقاء مع الرئيس التنفيذي لشركة Hermès الفرنسية على متن طائرة عام 1984، إلى رمز للموضة الفرنسية.

حقيبة اليد "بيركين" عرّضت شركتها المنتجة "العلامة التجارية الفرنسية الفاخرة Hermès" أخيراً لدعوى قضائية في ولاية كاليفورنيا الأميركية، بسبب مزاعم بأن الشركة تسمح فقط للعملاء الذين لديهم تاريخ شراء كافٍ بشراء حقائب اليد المرغوب.

تسعى الدعوى التي قدمها اثنان من سكان الولاية إلى دعم الآلاف من العملاء الأميركيين، حيث يحاول المدعون الحصول على أمر من المحكمة، بما قد يجبر Hermès على الحد من هذه الممارسات.

اقرأ أيضاً: شركات Apple وMeta وGoogle ستواجه تحقيقات في الاتحاد الأوروبي

كانت الشركة قد واجهت كذلك ردود فعل عنيفة من قبل بسبب الظروف المعيشية للتماسيح، التي تستخدم العلامة التجارية جلودها في منتجاتها.

هل الأمر يستحق هذا النزاع؟

يُنظر إلى حقيبة "بيركين" منذ فترة طويلة على أنها قمة الموضة، مع قائمة انتظار طويلة لمدة أشهر، وسعر يصل إلى آلاف الدولارات للقطعة الواحدة، وقد يصل بعضها إلى الملايين أيضاً.

ويعود ذلك إلى تميز هذه الحقائب بالحرفية الفائقة والتصميم والحصرية، وبالتالي فإن توريد حقائب بيركين محدود للغاية وخاضع للرقابة، مما يزيد من جاذبيتها.

ويعني هذا أنها لا تكون متاحة عادةً في المتجر أو عبر الإنترنت، حيث تختار الشركة العملاء الذين يحصلون عليها، مما يجعل الحصول على واحدة بمثابة إنجاز كبير.

وتتهم الدعوى القضائية Hermès بأنها تجبر العملاء على شراء عديد من سلعها الأخرى مثل المجوهرات والأوشحة والأحذية للحصول على سجل شراء كافٍ للحصول على فرصة لشراء حقيبة "بيركين"، بما يتعارض مع قوانين مكافحة الاحتكار.

لماذا كل هذا الصخب؟

تعد حقائب "بيركين" ذات شعبية واسعة كرمز للموضة مما يرفع عليها الطلب بشكل كبير رغم ثمنها الباهظ، وذلك نظراً لارتباطها بإحدى رموز الموضة في العقود الماضية، وهي الممثلة البريطانية جين بيركين، والتي سميت على اسمها، وأيضاً لارتباط إنتاجها بالعلامة التجارية العريقة في مجال الموضة وهي شركة Hermès الفرنسية.

وبحسب تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية، بعد أن أصبحت أول حقيبة من نوع بيركين متاحة للشراء في عام 1984، ظلت تباع بشكل مطرد منذ ذلك الحين، مع تجاوز الطلب العرض باستمرار.

فحتى العملاء الذين لديهم الرصيد البنكي المطلوب لا يمكنهم ببساطة الدخول إلى متجر Hermès وشراء الحقيبة. هناك دائماً قائمة انتظار، حجمها الدقيق محاط بالسرية، لكن يمكن للعملاء أن يتوقعوا بشكل روتيني الانتظار عدة سنوات، وذلك بالإضافة إلى سعرها الباهظ.

اقرأ أيضاً: مبيعات Nike خلال العطلات تعزز الأرباح وتوقعات النمو في أميركا الشمالية

وفي العام 2019، حطمت حقيبة "هيمالايا بيركين"، وهي عبارة عن جلد تمساح أبيض غير لامع يبلغ من العمر عشر سنوات، الرقم القياسي الأوروبي لحقيبة بيعت في مزاد ببيعها بمبلغ 162.5 ألف جنيه إسترليني.

وفي 2020، تم بيع أخرى  من نوع "هيمالايا بيركين" إلى مشترٍ مجهول مقابل 231 ألف جنيه إسترليني، مسجلاً رقماً قياسياً عالمياً جديداً لما أطلق عليه اسم "الكأس المقدسة" لحقائب اليد.

وذكرت الصحيفة أن عديداً من خبراء الموضة يعتبرون أن Hermès هي القمة في العلامات التجارية الفاخرة، وهي دار عريقة ذات تاريخ مقنع مثل منتجاتها.

تأسست الشركة في باريس عام 1837 على يد تييري هيرميس، وبدأت مسيرتها في صناعة أحزمة الخيول، وفي عام 1880، افتتحت أول متجر لها، وتفرعت إلى السلع الجلدية في عام 1922 والملابس في عام 1925. وتبعتها الأوشحة الحريرية في عام 1937، وما زالت أندرها يتم جمعها بشغف مثل حقائب اليد.

اليوم، تنتج الشركة حقائب اليد، والملابس الرجالية، والملابس النسائية، والمجوهرات، والمنسوجات، والأدوات المنزلية، والعطور، وكل قطعة تحظى بالاحترام لجودتها، والتي تميل إلى أن تأتي بسعر باهظ الثمن.

وعلى الرغم من أن الجميع مرحب بهم من الناحية النظرية، فإن منتجاتها ترف لا يستطيع تحمله سوى القليل، وقاعدة المعجبين هي عبارة عن قائمة لأسماء النساء الأكثر أناقة وشهرة في العالم، بما في ذلك فيكتوريا بيكهام (التي يقال إن مجموعتها الشخصية من حقائب بيركين يبلغ عددها أكثر من 100)، وجيري هول، وجوليا روبرتس، وكيت موس، وجنيفر لوبيز، وعائلة كارداشيان جينر بأكملها.

هل حقاً هي حقائب نادرة وتعتبر استثماراً؟

ترى صحيفة "ديلي ميل" أن ندرة حقائب بيركين يعد بالفعل أمراً واقعاً، فصنعها يستغرق وقتاً طويلاً للغاية. ويعمل حوالي 3000 حرفي في 15 ورشة عمل مختلفة منتشرة في جميع أنحاء فرنسا، كل منهم مدرب تدريباً عالياً على المواصفات الفريدة لصناعة بيركين.

وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة Hermès أكسل دوماس، فإن إتقان فن صناعة تمثال بيركين للتمساح، وهو أحد أكثر النماذج تعقيداً، يستغرق سبع سنوات.

مع ارتفاع الطلب على منتجات بيركين الجديدة تماماً، وندرة العرض، فإن قيمة إعادة بيعها مرتفعة بشكل مفهوم.

وفقاً لموقع إعادة البيع الفاخر "Vestiaire Collective"، تعد حقيبة بيركين واحدة من أكثر الحقائب طلباً دائماً، وهو اتجاه تردده شركات إعادة البيع الراقية الأخرى.

وتشير التقديرات إلى أن بيركين تحقق حوالي 130% من قيمتها الأصلية للبيع بالتجزئة عند إعادة البيع، وهو عائد يتفوق بشكل مثير للإعجاب على الاستثمارات التقليدية مثل الماس والذهب وأسواق الأسهم والعقارات.

وتتوقع منصة Baghunter عبر الإنترنت، التي ساعدت العملاء على شراء وبيع حقائب Hermès منذ عام 2014، ارتفاعاً في القيمة يتراوح بين ثمانية وعشرة أضعاف القيمة السوقية اليوم على مدى الخمسين عاماً القادمة.

على الرغم من أن سعر بيركين باهظ الثمن، فإنه تم تصميمه ليدوم طويلاً. مثل الساعة أو الخاتم أو أي إرث آخر، فقد تم تصميمها لتنتقل إلى الجيل التالي، وفقا لـ "ديلي ميل".

كيف ولدت فكرة حقائب بيركن؟

في العام 1980، تصادف أن جلست النجمة البريطانية جين بيركين البالغة من العمر 33 عاماً في هذا الوقت بجوار جان لويس دوماس، الرئيس التنفيذي لشركة Hermès آنذاك، على متن طائرة من باريس إلى لندن.

عندما حاولت النجمة البريطانية وضع حقيبة سفرها المصنوعة من القش في المقصورة العلوية، سقط كل شيء، وتساقط على كل منهما.

اعتذرت جين وأوضحت لدوماس أنه كان من المستحيل العثور على حقيبة عطلة نهاية الأسبوع الجلدية التي أعجبتها والتي يمكن أن تحتوي على جميع العناصر التي تحتاجها كأم شابة.

وأمضى الثنائي معظم الرحلة وهما يتحدثان عن الشكل المثالي لحقيبتهما، والنتيجة: حقيبة يد بسيطة مستطيلة الشكل مع غطاء وخياطة مميزة، لتصبح أول حقيبة من منتج بيركين متاحة للشراء بعدها بنحو 4 سنوات.

لتبقى على اطلاع بآخر الأخبار تابع CNBC عربية على الواتس آب اضغط هنا وعلى تليغرام اضغط هنا