بقلم أحمد عزام
محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي
توقعات بدخول الركود ثم الركود المتوسط ثم اللاركود، هذه كانت توقعات الفدرالي الأميركي تباعًا.
الأسواق تفاءلت بأن الأسوء قد مرّ، وبأن مرحلة الركود المتوقعة باتت في غياهب الماضي، كل شيء كان مبنياً على أن المكونات الأساسية للاقتصاد أصبحت أفضل من المتوقع في الأشهر الآخيرة على الرغم من وتيرة عمليات رفع الفائدة.
إن الأرقام الاقتصادية الآخيرة تثير التساؤلات والانقسام حول الركود القادم. لذلك انتهز الفرصة للنظر في الأدوات الرئيسية القادرة على توقع مرحلة الركود.
الأداة الأولى
العلاقة بين مؤشر S&P 500 ومكون التوظيف في مؤشر التصنيع مهم جداً لمعرفة حالة الركود وتوقعاته بناء على التاريخ، حيث أن احتمال حدوث الركود بناءً على معطيات المؤشرات هو 52%، حيث انخفضت القراءة في الربع الثاني من 55% في الربع الأول. لكن تبقى القراءة أعلى من 50% لأربعة من الأرباع الخمسة الماضية زمنياً.
إن التاريخ يذكر بأن المؤشر عندما يتجاوز 50%، فإن الاقتصاد يشهد مرحلة الركود خلال الأرباع الأربعة التالية.
وبناء على الأداة الأولى، يبقى شبح الركود مرجحاً خلال العام القادم.
الأداة الثانية
هي الفرق بين عوائد سندات الخزانة لمدة 10 سنوات و 1 سنة. حيث أنه من الطبيعي في عوائد السندات أن يكون العائد للسندات الأطول فترة زمنية أكبر، وعندما يبدأ منحنى العوائد بالتحول ويصبح الاقتصاد يوفر عائداً أكبر للسندات الأقصر زمنياً، يصبح هناك فوراق بين السندات، ما يطلق عليه "انقلاب منحنى العوائد".
إن انقلاب منحنى عوائد السندات استطاع توقع جميع مراحل الركود العشرة الماضية، بمتوسط انتظار منذ بداية انقلاب المنحنى حتى 12 شهر لدخول مرحلة الركود.
إن الأداة الثانية تعطي انطباع على أن عوائد السندات بين 10 أعوام وعام قد وصل إلى -162 نقطة أساس في يونيو الماضي مما يشير إلى أن الركود فعلاً لا يزال في الأفق.
الأداة الأخيرة
هي مقارنة عائد سندات الخزانة لمدة عشر أعوام وسعر الفائدة على الأموال الفدرالية. في بيئة ارتفاع سعر الفائدة ومع تشديد السياسة النقدية بشكل متتالي، فقد وصلت سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 5.25%-5.50%، بينما عائد السندات لأجل العشر أعوام حالياً يحوم حول مستويات 4%.
إن إشارة الركود هي عندما تتجاوز دورة سعر الفائدة أدنى عائد لمدة 10 سنوات في تلك الدورة، فهي إشارة ممكنة لحصول الركود في الأشهر الثمانية عشر القادمة. وقد تجاوز سعر الفائدة تلك المستويات في مارس 2022 عندما بدأت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة دورة التشديد.
نعم، النمو الاقتصادي في منطقة إيجابية وقراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني عند مستويات 2.4%، مما يعطي الأسواق حالة من التفاؤل بأننا بعيدين عن مرحلة الركود والتي يعرّفها الاقتصاد بشكل كلاسيكي بأنه ربعين متتالين من نمو اقتصادي سلبي، مما أعطى التفاؤل بأن الركود بعيد المنال. لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الإشارات التي ناقشناها سابقاً أعطت جدوتها بتتبع حالة الركود سابقاً. فالركود لايزال ممكناً في عام 2024، والتاريخ قد يعيد نفسه!