في عصر العولمة ورغبة أصحاب المواهب في تطوير تجاربهم خارج أوطانهم الأصلية، تجتذب بعض المدن هؤلاء كونها تؤمن البيئة المناسبة لتحقيق طموحاتهم والعيش والعمل فيها بما يؤمن لهم فرص الابتكار والنجاح، ولهذه المدن نيل ريادة "الاستثمار في العقول".
الرغبة في السفر والعمل في الخارج باتت تستأثر بفئات كبيرة من الموهبين، ووفق تقرير أصدرته مجموعة بوسطن الاستشارية، يبحث واحد من كل 4 محترفين بنشاط عن وظائف في الخارج على مستوى العالم، وفقاً لتقرير "فك تشفير المواهب العالمية لعام 2024" بالتعاون مع The Network وThe Stepstone Group.
وعلى الرغم من المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية واسعة النطاق التي يعانيها العالم مؤخراً، فإن هناك نسبة متزايدة من الأشخاص الذين يبحثون بنشاط عن وظائف في الخارج، وفقاً لما نقلته شبكة CNBC.
دبي وأبوظبي
للمدن العربية حصة في هذا التقرير، حيث برزت مدينتان عربيتان في قائمة أكثر 10 مدن جذباً للعقول المهاجرة، فاحتلت دبي المركز الثالث عالمياً، بينما العاصمة الإماراتية أبوظبي، جاءت في المركز الرابع عالمياً.
اقرأ أيضاً: دول هي حلم المواهب العالمية.. من هي الدولة الأكثر جاذبية؟
وأظهرت الدراسة العالمية، التي استندت إلى أكثر من 150 ألف مشارك في الاستطلاع عبر 188 دولة، أن نسبة الأشخاص الذين يتنقلون بنشاط ارتفعت إلى 23% في عام 2023 - من 21% في عام 2020.
وجاء في التقرير أن "ما يصل إلى 800 مليون محترف قد يبحثون بنشاط عن وظائف في الخارج".
دوافع الهجرة
ثلاثة من الأسباب الأكثر شيوعاً التي تدفع أصحاب المواهب للانتقال إلى الخارج تشمل الفرص الاقتصادية والتقدم الوظيفي وإمكانية تحسين نوعية الحياة.
من ناحية رعاة التوظيف، وجدت الدراسة أن "92% من قادة أصحاب العمل العالميين يقولون إن جذب المواهب والاحتفاظ بها هو من بين أولوياتهم الثلاث القصوى".
"إن توظيف العمال الأجانب لا يسد فجوات القدرات فحسب: فالشركات التي تتمتع بتنوع عالمي أكبر تكون أكثر ابتكاراً ونجاحاً. إنهم يحققون أرباحاً أعلى ومن المرجح أن يصبحوا مبتكرين على مستوى عالمي بنسبة 75%"، وفقاً لتقرير منفصل صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية في عام 2022.
أفضل وجهات العمل
أفضل 10 مدن وجهة للمواهب العالمية وفق الترتيب الصادر مؤخراً جاءت على الشكل التالي:
لندن (9%)
أمستردام (8%)
دبي (7%)
أبو ظبي (7%)
نيويورك (6%)
برلين (5%)
سنغافورة (5%)
برشلونة (5%)
طوكيو (5%)
سيدني (4%)
حافظت لندن على مكانتها الأولى منذ عام 2014، بحسب تقرير فك رموز المواهب العالمية 2024، وهو الأحدث في سلسلة بدأت قبل 10 سنوات.
نوعية الحياة
وأظهر الاستطلاع أن 9% من المشاركين في الاستطلاع يرغبون في الانتقال إلى لندن.
تشمل أهم العوامل التي تقود هيمنة المدينة ما يلي: كون اللغة الإنكليزية هي اللغة الأساسية، وشبكة عالمية قوية حيث يأتي الكثير من المواهب في المدينة من بلدان أخرى، وفرص مالية وفيرة، وعلامة تجارية مرحبة ومتعددة الثقافات، وإمكانية الوصول إلى كل من أوروبا والولايات المتحدة، وفقاً للتقرير.
اقرأ أيضاً: أبرز الوظائف الأكثر طلباً للعمل من أي مكان في العالم خلال عام 2024
آسيوياً، كانت سنغافورة الوجهة الأولى، واحتلت المرتبة السابعة. شهدت الدولة الجزيرة أكبر تدفق للمواهب من المواقع القريبة مثل ماليزيا (30%)، وتايلاند (22%)، وإندونيسيا (19%)، والفلبين (14%)، وهونغ كونغ (13%).
ومن بين الراغبين في الانتقال إلى سنغافورة، قال 74% إن جودة فرص العمل في البلاد جذبتهم إلى الدولة الجزيرة.
ووجد الاستطلاع أن 57% من المشاركين أعجبوا أيضاً بنوعية الحياة في سنغافورة بالإضافة إلى الدخل والضرائب وتكاليف المعيشة. وقال أكثر من النصف، أو 55%، إن السلامة والاستقرار والأمن كانت أيضاً من الاعتبارات التي دفعتهم إلى اختيار سنغافورة كوجهة أولى للعمل.
هجرة الأدمغة
وأشار التقرير إلى أن "فكرة أن البلدان الأصلية يمكن أن تستفيد من رحيل المواهب قد تبدو غير بديهية، لأنها، من وجهة نظر معينة، تعاني من "هجرة الأدمغة".
ومع ذلك، فقد استشهدت بتقرير منفصل صادر عن مركز التنمية العالمية وجد أن هناك "كسباً للعقول" يتعلق بحقيقة أن "المغادرين يمكن أن يعززوا نشر المعرفة والتكنولوجيات في بلدان الأصل ويمكن أن يساعدوا تلك البلدان على التواصل بشكل أكثر قوة بالعقل العالمي الكلي".
في عالم اليوم، هناك الكثير مما يمكن كسبه من توظيف المواهب العالمية، سواء بالنسبة لصاحب العمل أو الموظف.
وفقاً لتقرير فك رموز المواهب العالمية لعام 2024 يمكن أن تكون البلدان الأخرى مصدراً رائعاً للمواهب، حيث إن أصحاب العمل والدول التي تستفيد من هذه الطاقة الإيجابية من ملايين العمال ذوي التطلعات المتنقلة سوف يكتسبون ميزة تنافسية كبيرة.