بقلم رائد حامد الخضر 
رئيس قسم الأبحاث في مجموعة Equiti

 

 

عانت الأسواق العالمية من تقلبات قوية خلال الفترة الماضية مع تصاعد مخاوف انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود. ويأتي هذا في الوقت الذي يستمر فيه الطلب على الملاذات الآمنة وعلى رأسهم الذهب الذي سجل قمة جديدة في 2023 بالقرب من مستويات 2045 دولار للأونصة.

ولكن على الجانب الأخر، أصبح الدولار الأميركي يتعرض للعديد من الضغوطات، حيث عاد مؤشر الدولار لمستويات 101.00 من جديد.

وتشير العديد من التوقعات أن العملة الخضراء قد تواصل تراجعها الفترة المقبلة للعديد من الأسباب نستعرض أبرزها معًا كالأتي:


مخاوف ركود الاقتصاد الأميركي


في الآونة الأخيرة، أصبحت مخاوف ركود أكبر اقتصاد عالمي تلوح في الأفق وبالأخص بعد أزمة سيليكون فالي. فيرى البعض أن الأزمة مختلفة تمامًا عن الأزمة المالية العالمية، فهي غير متربطة بارتفاع أسعار سلع معينة دونًا عن غيرها، أو ارتفاع شهية المخاطرة لدى المستثمرين.

فالأزمة الحالية تتمثل في استثمار بنك سيليكون فالي في السندات طويلة الأجل لتحقيق المزيد من الأرباح مع اتباع الفدرالي الأميركي سياسة خفض الفائدة وضخ سيولة ضخمة في السوق وقت أزمة كوفيد-19 عام 2020.

ومع عدم اتخاذ البنك تدابير وقائية كافية، عرض البنك لما يُعرف بمخاطر سعر الفائدة. فقد بدأ الفدرالي الأميركي في رفع الفائدة بأعلى وتيرة وبقوة تسبب هذا في تراجع عوائد السندات بشكل مبالغ فيه.

بالإضافة إلى أن أغلب المستثمرين وبالأخص شركات التكنولوجيا الناشئة توجهوا إلى سحب أموالهم لتوفير السيولة في ظل استمرار السياسة النقدية التشديدية.

ولكن يجب الوضع بعين الاعتبار، التداعيات السلبية التي لا يجب الإغفال عنها الناجمة عن رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة طوال العام الماضي، حيث تعتبر أقوى وتيرة تشديد نقدي لجأ لها الفدرالي. 

وبالتالي، حتى لو لم تظهر تداعيات تلك السياسات في الوقت الحالي، ولكنها لن تمنع الضغط على الاقتصاد بوجه عام الفترة المقبلة.
 

استمرار البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال


منذ بداية الربع الثاني من 2023 وتستمر البيانات المخيبة للآمال في الهيمنة على الاقتصاد الأميركي. ويرى البعض أن التداعيات السلبية الناجمة عن رفع الفائدة الأميركي بدأت تظهر على أغلب القطاعات التي عانت الفترة الماضية من انكماش أو تباطؤ نمو ملحوظ.

ولكن في هذا الوقت تستعد الأسواق لموسم أرباح الشركات في الربع الأول من العام، حيث ستكون الفيصل في تقييم الوضع الاقتصاد الأميركي، ومدى تأثر الشركات بسياسات التشديد النقدي.

فأي علامات أو دلائل على معاناة الشركات أو البنوك الأميركية، فسيكون هذا مؤشر مبكر على احتمالات فعلا انزلاق أكبر اقتصاد عالمي إلى الركود، وتصاعد مخاوف حمى عدوى إفلاس البنوك الأميركية.
 

استعداد الأسواق إلى تقليل وتيرة التشديد النقدي


بعد عام من سياسة التشديد النقدي القوية التي لجأ لها الفدرالي الأميركي والتي لم يسبق لها مثيل، بدأت الأسواق تستعد أن يبدأ البنك في التخلي عن تلك السياسات.

ويأتي هذا بعدما أثبتت البيانات الاقتصادية نجاح الفدرالي الأميركي في السيطرة على وتيرة التضخم التي كانت سبب رئيسي في رفع الفائدة بقوة. فبعدما ارتفع التضخم إلى أعلى مستوياته منذ ثمانينات القرن الماضي، بدا يتباطأ نموه تدريجيا حتى وصل إلى نسبة 5% في مارس.

طبعاً مستويات 5% لاتزال بعيدة عن هدف الفدرالي، ولكن استمرار تباطؤ نمو التضخم جعل الأسواق تستعد أن يكون هناك تقليل واضح في وتيرة رفع الفائدة، خاصة أن أغلب البيانات الاقتصادية مخيبة للآمال، ومخاوف أزمة سيليكون فالي تلوح في الأفق.

أغلب التوقعات الآن تدعم رفع الفائدة في اجتماع مايو بواقع ربع نقطة أساس أخرى، ولكن ابتداء من اجتماع يونيو تتوقع الأسواق طبقا لأداة CME Group تثبيت الفائدة للمرة الأولى منذ فبراير 2022.