- الغرض الأساسي من التنصيف التحكم في تضخم البيتكوين عن طريق تقليل وتيرة إنتاج عملات بيتكوين جديدة إلى الأسواق

- تقليل المعروض من بيتكوين  يؤثر غالباً على نشاط المعدنيين بالانخفاض وعلى حركة الأسعار بالارتفاع

- تأثير التنصيف على العملات الأخرى يمكن أن يكون متفاوتاً بسبب الاختلافات في حجم السوق

CNBC عربية- محمد خالد

بدأ العد التنازلي للحدث الذي تترقبه سوق الكريبتو، وهو "تنصيف البتكوين"، المعروف أيضاً باسم Bitcoin Halving،  وهو حدث يحدث تلقائياً في شبكة البتكوين كل 210 ألف كتلة تقريباً يتم إنشاؤها، أو تقريباً كل 4 سنوات. وخلال هذا الحدث، يتم تقليص مكافأة تعدين البتكوين بنصفها.

عندما تم إطلاق البتكوين لأول مرة في العام 2009، كانت مكافأة تعدين كل كتلة تساوي 50 بتكوين. بعد 210 ألف كتلة تقريباً تم تقليص هذه المكافأة إلى 25 بتكوين لكل كتلة. ثم حدث تنصيف آخر بعد 210,000 كتلة أخرى، حيث تم تقليص المكافأة إلى 12.5 بتكوين لكل كتلة، وتكرر ذلك كل أربعة أعوام.

اقرأ أيضاً: البتكوين ليست من بينهم .. أفضل 5 عملات مشفرة أداءً في 2024

والهدف من تنصيف "البتكوين" هو تقليل إمدادات البتكوين الجديدة بشكل تدريجي حتى يتم إنتاج الحد الأقصى للبتكوين المحدد البالغ 21 مليون بتكوين. وبمجرد الوصول إلى هذا الحد، لن يُنتج المزيد من البتكوين.

في الأثناء، تشهد سوق العملات المشفرة مضاربات واسعة خلال الفترات الأخيرة، يعتقد معها البعض بأنها مرتبطة بشكل مباشر بعملية التنصيف التي تُجرى خلال ساعات.

ويشار إلى أنه في الوقت الحالي يصل عدد عملات البتكوين التي تم إصدارها إلى 19 مليون عملة. وتصل القيمة السوقية للبتكوين إلى 1.2 تريليون دولار.
ومع انخفاض المعروض بعد حدث التنصيف، فما الذي ينتظر المستويات السعرية للبتكوين على المدى القصير والمتوسط؟ وكيف تتأثر العملات المشفرة الأخرى بهذا الحدث؟

ومع صعوبة التكهن بمستويات البتكوين في ظل التقلبات المعتادة لأقوى العملات المشفرة، إلا أن الوقائع التاريخية السابقة المرتبطة بحدث التنصيف منذ العام 2009 ربما تعطي صورة بشكل أو بآخر للاتجاهات المحتملة لسعر البتكوين، غير أن ثمة تغيراً هذه المرّة من شأنه إضفاء حالة من الزخم على حدث التنصيف، وهو ما يتعلق بالصناديق المتداولة المرتبطة بالبتكوين بعد الموافقة عليها مطلع العام من جانب هيئة البورصات الأميركية.

التحكم في تضخم البتكوين

ويشار إلى أن الغرض الأساسي من تنصيف المكافأة هو التحكم في تضخم البيتكوين عن طريق تقليل وتيرة إنتاج عملات بيتكوين جديدة إلى الأسواق؛ كاستجابة مباشرة في محاولة لتقليل التضخم تدريجياً في كل أربع سنوات.

وبحسب محلل أول لأسواق المال في Equiti Group، أحمد عزام، فإن "تقليل المعروض من البيتكوين عن طريق تخفيض مكافأة المعدنين بمقدار 50% يؤثر غالباً على نشاط المعدنين بالانخفاض وعلى حركة الأسعار بالارتفاع".

واستعرض عزّام تاريخ سعر البيتكوين جراء تنصيف المكافأة، في حديثه مع CNBC عربية، قائلاً: "شهد البيتكوين بعد حدث التنصيف في العام 2012 مضاعفة السعر 93 مرة تقريباً في أوائل العام 2013، حيث ارتفعت من 13 دولاراً إلى 1000 دولار".

بينما تضاعفت الأسعار بعد حدث العام 2016 بمقدار 30 مرة،  حيث شهدت عملة البيتكوين صعوداً كبيراً في العام 2017. وارتفع سعرها إلى ما يقرب من 20000 دولار بحلول نهاية العام.

وقد أدى تنصيف العام 2020 إلى مضاعفة الأسعار ثماني مرات. كانت التكهنات منتشرة فيما يتعلق بالاعتماد المؤسسي المتزايد للبيتكوين وإمكاناتها كتحوط ضد التضخم مع ذلك الحدث، والذي شهد صعوداً آخر حتى العام 2021.

وعلى الرغم من أن هذه الارتفاعات السعرية لا تعود إلى عمليات التنصيف فقط، إلا أن التحركات السعرية باتت مرتبطة بها وبمثابة إشارات صعودية بسبب ضغط العرض المتوقع.

ويضيف عزام: بالنظر إلى حدث 2024 قد يكون التفاؤل مخيماً على الأسواق؛ خاصة مع الاعتماد المؤسسي بشكل أوسع من ناحية. ومع دخول صناديق الاستثمار المتداولة الفورية التي تم إطلاقها في يناير/ كانون الثاني 2024 من ناحية آخرى.

ومن ثم، فقد يبدو أن التاريخ أقرب إلى أن يعيد نفسه كما حدث في العام 2020، حيث اندفعت الأسعار إلى مستوى أعلى من 64 ألف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وفي حال تكرار هذه الاتجاهات الثيرانية القوية، فقد نشهد صعود يتجاوز مستويات 150 ألف حتى العام 2025. خاصة مع بقاء مليون ونصف من معروض البيتكوين، في الوقت الذي يصادف فيه طلب عالي جداً من صناديق الاستثمار، مما يعني بأن المعروض قد يقترب من النفاد في منتصف عام 2025.

تأثير تنصيف المكافأة على العملات الرقمية الآخرى

وفي السياق، فإن التأثير على العملات الرقمية الأخرى يمكن أن يكون متفاوتاً بسبب الاختلافات في حجم السوق، والأنظمة البيئية للعملات الرقمية الآخرى، وبيئة المعدنين، وحجم العرض والطلب، ومشاريعها.

إلا أن البيتكوين -والحديث على لسان عزّام- بوصفه قائد للعملات الرقمية، فإن تسجيله ارتفاعات متتالية يعطي حالة التفاؤل في الأسواق عامة ويعطي دفع عرض جيد على العملات الرقمية الآخرى.

وقد يبدو التفاوت في قوة التوجهات السعرية واضح بين العملات الرقمية، إلا أن النظر إلى العملات الرقمية الكبيرة ذي المشاريع القوية وصاحبة بلوكتشين قائم قد يكون مفيد في تنويع المحفظة الاستثمارية مثل الايثيريوم وسولانا وعديد من العملات الرقمية الأخرى.

ويختتم عزام حديثه بقوله: كما يتعين على المستثمرين الحذر من التقلبات السعرية العالية في مجتمع العملات الرقمية، فقد أميل إلى تبني التوجه الاستثماري باستخدام استراتيجية متوسط التكلفة بالدولار Dollar-Cost Averaging (DCA) وهي استراتيجية استثمار مبلغ معين بالدولار الأأميركي في أحد العملات الرقمية على فترات متباعدة، دون النظر لسعر السهم في توقيت الشراء أو تقلبات السوق.

حماس

ثيران البيتكوين متحمسون لما كان تاريخيًا حافزًا كبيرًا لمزيد من المكاسب وهو حدث "التنصيف" الذي سيقلل العرض ويعزز نظريًا سعر الأصل. لكن الحدث سيخفض أيضًا عدد "التوكنات" الصادرة على أساس يومي بمقدار النصف، مما يعني أن القائمين بالتعدين سيحصلون على نصف مكافأة الإصدار، الأمر الذي يضر بأرباحهم وسط ارتفاع تكاليف الإنتاج.

ويرى JP Morgan في تقرير سابق له، أن عواقب هذا الأمر تمثل خطرًا سلبيًا على عملة البيتكوين. وعلى الرغم من أن تكاليف الإنتاج قد وضعت حدًا أدنى لسعر البيتكوين في الماضي، إلا أنه يمكن دفع هذا الحد إلى الأسفل بعد التنصيف.

وبمجرد أن تستقر الأجواء بعد التنصيف، يقول JP Morgan إن عملة البيتكوين قد تنخفض إلى ما يصل إلى 42000 دولار، أو 33٪ من مستوى 62608 دولارات حيث تم تداولها في أول مارس/ آذار.

وارتفعت عملة البتكوين إلى مستوى قياسي بلغ 73800 دولار في منتصف مارس/ آذار، لكنها انخفضت أكثر من 14% هذا الشهر، إلى أقل من 60 ألف دولار يوم الأربعاء.

صعوبة التنبؤ

وإلى ذلك، يقول كبير الاقتصاديين بشركة ACY، نضال الشعار، لـ CNBC عربية، إنه: "عندما نتحدث عن سوق العملات المشفرة، فإننا نتحدث عن سوق غير تقليدية، تختلف عن الأسواق الأخرى كالأسهم والسندات والمواد وخلافه"، موضحاً أنه "لا يمكن إسقاط عوامل قوى العرض والطلب على هذه السوق بالشكل التقليدي الذي نعتمد عليه".

من ناحية العرض، فإن العملات المشفرة مختلفة بطبيعتها وطبيعة إصدارها، كما أن منها ما هو مركزي ومنها ما هو رموز وغير مركزي "وحتى الآن لم تتفق الآراء حول ماهية العملات، وما إذا كانت تفي بمتطلبات أن تكون عملة للتداول كالعملات الورقية والمعدنية الأخرى (..)".

أما من ناحية الطلب، فيظل غير ثابت إلى حد كبير، رغم الطلب الحالي لإتمام الصفقات فيما يخص البتكوين وإيثريوم، ولكنه -في تقدير الشعار- لا يشكل الطلب على العملات المشفرة التي لا يزال استخدامها جزئياً مقارنة بالعملات التقليدية.

ومن خلال هذه المعطيات، ينتقل كبير الاقتصاديين بشركة ACY، بالحديث إلى حدث التنصيف المرتقب خلال ساعات قليلة (الجمعة 19 أبريل/ نيسان)، موضحاً أنه حدث مؤثر إذا تم استخدام قاعدة "العرض والطلب" التقليدية في تحليل أبعاده، لا سيما وأن عملية التنصيف ستؤدي إلى نقص في كمية العرض، وبالتالي ارتفاع الأسعار، وهو شيء لا يمكن في الأخير تحديده -بسبب طبيعة العملات المشفرة المذكورة- أو التنبؤ بمداه.

ويضيف: "سيكون لعملية التصنيف تأثير.. لكن بالنظر إلى فترات سابقة عندما حدثت عمليات تخفيف تعدين البيتكون في البداية (في رد الفعلي الفوري) كانت هناك ارتفاعات، لكن الأسعار بعد ذلك انحفضت نسبياً.. بما يعني أن العملية  ليس لها دائماً أثر صعودي مستمر"، على حد وصفه.

تقلبات البتكوين

ويستطرد الشعار في معرض حديثه مع CNBC عربية، قائلاً: "إلى الآن الأمر غير واضح.. والتحركات التي رأيناها خلال الأيام القليلة الماضية (صعوداً أو هبوطاً بنحو أربعة آلاف دولار للبتكوين) تكعس حالة التقلبات التي تبنئ بدورها بأن الأمر غير مستقر في أذهان المستثمرين، مع صعوبة التنبؤ بالأسعار المستقبلية".

وفي سياق متصل، يعتقد بأنه لولا أن BlackRock وشركات كبرى أخرى حصلت على الموافقة بخصوص صناديق الاستثمار المتداولة بالبتكوين لما كنا شهدنا الارتفاعات الأخيرة في سعر العملة المشفرة، والتي كان يُمكن أن تصل إلى 10 آلاف دولار في حالة عدم الموافقة (..) لكن تلك المؤسسات وبحصولها على الموافقة من قبل هيئة البورصات الأميركية، أعطت زخماً للبتكوين.

ويشدد على أن عملية التنصيص سوف تنعكس على المعدنيين -الذين يقومون بالعدين- لجهة ارتفاع التكاليف، بما لذلك من آثار إيجابية وسلبية ملموسة، مردفاً: "في مرات سابقة رأينا أن المعدنيين عندنا انخفضت قدرتهم على التعدين قاموا في الأخير ببيع البتكوين لديهم لتغطية مصاريفهم.. وبالإضافة إلى ذلك، كلما كان هناك تخفيض في كمية التعدين، فإن ذلك سيواجهه ارتفاع في تكاليف التداول، أو الرسوم التي يحصلها المعدنيين (..)".

ومن ثم فإن الأمر يظل شائكاً ومركباً ويحمل قدراً من التعقيد، بما يجعل من الصعوبة بمكان التنبؤ به في تقدير الشعار.

تخزين

يخزن القائمون بتعدين العملات المشفرة كميات شبه قياسية من عملة البتكوين، على أمل أن ترتفع قيمة العملة المشفرة ويعوض الانخفاض في المعروض الجديد منها مع خفض مكافآت التعدين إلى النصف.

قامت شركات التعدين المدرجة، مثل Marathon Digital، وCleanSpark، وBitfarms، بتخزين عملة البتكوين مجتمعة بقيمة تبلغ نحو 2.8 مليار دولار، وفقاً لمزود البيانات The Miner Mag، قبل تخفيض مكافأة التعدين إلى النصف فيما يسمى "عملية التنصيف".

بعد التغيير، المقرر إجراؤه يوم الجمعة 19 أبريل/ نيسان، سيشارك القائمين على التعدين ما مجموعه 450 عملة بتكوين جديدة يومياً، بانخفاض عن 900 وحدة. 

اعتبارات رئيسية

وإلى ذلك، يشير خبير أسواق المال، مدير عام TradeSys Advisors، عمرو زكريا عبده، لـ CNBC عربية، إلى أن تنصيف البيتكوين هو حدث محدد مسبقاً ومسجل في كود البيتكوين والذي يخفض مكافأة الكتلة للقائمين بالتعدين إلى النصف تقريباً كل أربع سنوات. ويمكن أن يكون لهذا عدة تأثيرات هامة، يرصدها على النحو التالي:

أولاً فيما يتعلق بالسعر: يقلل التنصيف إلى النصف من المعروض من عملات البيتكوين الجديدة التي تدخل التداول، مما قد يؤدي نظرياً إلى رفع السعر بسبب الندرة.  ومع ذلك، فإن التأثير على السعر معقد ويعتمد على عوامل مختلفة مثل الطلب في السوق.

وفيما يخص معدل التجزئة، فيشير معدل التجزئة إلى القوة الحسابية المجمعة المخصصة لتعدين عملات البيتكوين. بعد التنصيف، قد يجد بعض شركات التعدين أنه من غير المربح مواصلة التعدين باستخدام المعدات القديمة بسبب انخفاض المكافآت.

وقد يؤدي هذا إلى انخفاض مؤقت في معدل التجزئة، تليها زيادة مع استثمار القائمين بالتعدين في معدات أكثر كفاءة.

ويضيف: قد يتم إغلاق عمليات التعدين الأقل ربحية بعد انخفاضها إلى النصف، مما يؤدي إلى انخفاض عدد شركات التعدين. ومع ذلك، فإن هذا يمكن أن يجعل التعدين أكثر ربحية بالنسبة للقائمين بالتعدين المتبقين حيث يتعين عليهم التنافس مع قوة حاسوبية أقل.

أما لجهة معدات التعدين، فيرى أنه قد تحفز المكافآت المخفضة شركات التعدين على الاستثمار في معدات تعدين أكثر كفاءة لتحقيق الربح.