يبدو أن شهية العالم تنمو بشكل سريع بدافع البحث عن المعادن المطلوبة لانتاج الطاقة، لذا من المتوقع أن يبدأ قريباً الصراع على قاع البحار من أجل التعدين والحصول على المعادن النفيسة التي قد تستخدم في صناعة التكنولوجيا أيضاً.

إنها مسألة وقت قبل أن يصبح تجريف قاع المحيط بحثاً عن المعادن الثمينة أمراً واقعاً، وفقاً لرئيس الهيئة الدولية لقاع البحار، وهي الهيئة التنظيمية التابعة للأمم المتحدة التي تشرف على التعدين في أعماق البحار.

في هذا الشأن، قال الأمين العام لـ ISA، مايكل لودج، لـ CNBC إن الاهتمام العالمي بالتعدين في أعماق البحار ارتفع إلى مستويات لم نشهدها منذ السبعينيات، مع حماس المدافعين عن التجارة الجديدة بوضوح عن الدور المحتمل للصناعة في تحول الطاقة.

وقال لودج لشبكة CNBC عبر الفيديو: "أحد المحركات الرئيسية للاهتمام الصناعي هو إمكانية إنتاج كميات أكبر من المعادن بتكلفة تعادل أو أقل مما يمكن إنتاجه على الأرض".

ويخشى العلماء من "تدافع" محتمل بحثاً عن معادن ثمينة في أعماق المحيطات، الأمر الذي قد ينذر بعواقب وخيمة على الحياة البحرية. إلا أن مؤيدين يقولون إن هذه المعادن ضرورية لتلبية الطلب العالمي على التكنولوجيا الخضراء، التي تحافظ على البيئة.

وأضاف لودج “هذا هو المحرك التجاري وبالتأكيد هناك إمكانات هائلة للموارد في معادن قاع البحر. والسؤال هو ما إذا كان من الممكن في النهاية إنتاجها اقتصادياً”.

 

ثروات تحت الماء

إمكانات الموارد موجودة بالتأكيد، هذا واضح. والتكنولوجيا المتقدمة قادرة على نبش الأعماق، لذا يبدو أن الأمر ممكن. وفي الوقت نفسه، من المؤكد أن الطلب على المعادن يتزايد بشكل كبير وسيستمر في الزيادة.

يمكن العثور على المعادن الأساسية مثل الكوبالت والنيكل والنحاس والمنغنيز في قاع البحر. وتستخدم هذه المعادن، إلى جانب المعادن الاستراتيجية الأخرى، في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والألواح الشمسية.

ونتيجة لذلك، فإن الطلب ينمو بسرعة، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر هذا الاتجاه مع زيادة وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة، مشيرة إلى أن الطلب على الكوبالت والنيكل قفز بنسبة 70% و40% على التوالي، بين عامي 2017 و2022.

وتأتي تصريحات لودج في الوقت الذي تستعد فيه وكالة ISA لاستئناف المحادثات حول التعدين في أعماق البحار في كينغستون، جامايكا الشهر المقبل. وستسعى الجلسة المقبلة لهيئة مراقبة قاع البحر إلى وضع إطار تنظيمي، من شأنه، في حالة اعتماده، أن يعطي الضوء الأخضر للتعدين في أعماق البحار على نطاق تجاري.

تأسست هيئة ISA أو The International Society of Automation قبل 30 عاماً، وهي تنظم التعدين والأنشطة ذات الصلة في منطقة تغطي حوالي 54% من محيطات العالم. وتتكون المجموعة من 168 دولة عضواً والاتحاد الأوروبي. إلا أن الولايات المتحدة ليست عضواً فيها.

 

مخاطر بيئية

حذر العلماء من صعوبة التنبؤ بالآثار البيئية الكاملة للتعدين في أعماق البحار. وفي الوقت نفسه، ترى جمعيات حماية البيئة أن هذه الممارسة لا يمكن تنفيذها بشكل مستدام وستؤدي حتماً إلى تدمير النظام البيئي وانقراض الأنواع.

والجدير بالذكر أن البرلمان النرويجي صوت مؤخراً بالموافقة على اقتراح حكومي بفتح منطقة محيطية شاسعة للتعدين في أعماق البحار على نطاق تجاري. ويشير القرار إلى نية الدولة الاسكندنافية البدء في أنشطة التعدين في أعماق البحار في مياهها الوطنية بالقرب من أرخبيل سفالبارد.

والحكومة النرويجية لا تنوي البدء على الفور في التنقيب عن المعادن. وبدلاً من ذلك، ستحتاج شركات التعدين إلى تقديم مقترحات للحصول على تراخيص سيتم التصويت عليها على أساس كل حالة على حدة في البرلمان.

وعندما سُئل عما إذا كان الأمر الآن مسألة وقت قبل أن تبدأ البلدان في التعدين في أعماق البحار، أجاب لودج من ISA: "من الواضح الآن أننا وصلنا إلى مستوى عالٍ جدًا من الاهتمام، لذا أود أن أقول نعم يبدو أنه أمر لا مفر منه".

وأضاف: "سواء حدث ذلك في المياه الدولية أو في المياه الوطنية، سواء كانت النرويج أو دولة أخرى، فمن المستحيل تحديد ذلك". الأمر يعتمد الأمر جزئياً على الشروط والأحكام التي يجب الالتزام بها”.

وكان مجلس ISA، وهو هيئة مكونة من 36 دولة عضو، قد قال في وقت سابق إنه يعتزم مواصلة عمله بشأن لوائح التعدين في أعماق البحار، بهدف الانتهاء من الإجراءات بحلول يوليو/ تموز 2025.

حتى الآن، دعت 24 دولة حول العالم إلى وقف هذه الصناعة بشكل مؤقت، في حين تعهدت الشركات متعددة الجنسيات مثل غوغل وسامسونغ وفولفو بعدم استخراج أي معادن من قاع البحر.

ويخشى الناشطون من أن تؤدي أنشطة الاستكشاف والاستغلال في أعماق البحار إلى تغيير موطن فريد من نوعه للمخلوقات البحرية وأعماق البحار وما هو غير مكتشف حتى الآن في المحيطات.

في هذا الشأن قال لودج “من الصعب جداً القول بشكل قاطع أنه سيكون مدمراً كما يرى البعض".

لقد استمرت عمليات الاستكشاف منذ أكثر من 30 عاماً، حتى تم جمع قدر كبير من المعلومات والبيانات. ولا تزال التكنولوجيا في طور التطور، وكانت النتائج الأحدث لاختبارات التكنولوجيا مشجعة للغاية من حيث كونها في الواقع ذات تأثير منخفض للغاية مقارنة بأشكال التعدين الأخرى.

 

شهية مفتوحة في قطاع الطاقة

يبدو أن شهية العالم تنمو بشكل سريع بدافع البحث عن المعادن المطلوبة لانتاج الطاقة، لذا من المتوقع أن يبدأ قريباً الصراع على قاع البحار من أجل التعدين والحصول على المعادن النفيسة التي قد تستخدم فس صناعة التكنولوجيا أيضاً.

ومع ذلك، حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن الإمدادات اليوم أقل من المطلوب لتحويل قطاع الطاقة. وذلك لأن هناك تركيزاً جغرافياً مرتفعاً نسبياً لإنتاج العديد من عناصر تحول الطاقة.

في السياق، صرح وزير الطاقة النرويجي تيري آسلاند لـ CNBC الشهر الماضي أن قرار الحكومة بالمضي قدماً في التعدين في أعماق البحار يمثل خطوة ضرورية نحو المجهول والتي يمكن أن تساعد في كسر هيمنة الصين وروسيا على المعادن النادرة.

وقال لودج: "نحن في وضع يائس إلى حد ما"، مستشهداً بتوقعات وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب على المعادن الحيوية من المتوقع أن يزداد بسرعة في السنوات المقبلة.

و”أضاف نحن لسنا قريبين من تحقيق هذه الأهداف في الوقت الحالي مع الاحتياطيات البرية الحالية. وأضاف: "حتى مع الزيادة السريعة في الإنتاج التي تحدث في دول مثل إندونيسيا، فإننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق أي هدف". "والمدة المسموح بها، على سبيل المثال، في أمريكا الشمالية، لمنجم جديد تصل إلى أكثر من عقد من الزمن، لذا فإن الأمر صعب للغاية."

 

 

لتبقى على اطلاع بآخر الأخبار تابع CNBC عربية على الواتس آب اضغط هنا وعلى تليغرام اضغط هنا