بقلم نجوى عسران

مديرة مكتبي CNBC عربية في القاهرة والكويت

فبراير شباط من عام 1970 – منطقة الأحمدي في الكويت تشهد افتتاح أول فرع لمحلات "ويمبي" في منطقة الشرق الأوسط . تبع ذلك افتتاح الفرع الثاني في شارع فهد السالم في شهر مارس آذار من العام نفسه، لتنطلق نواة أكبر شركة أغذية في العالم العربي، تعمل اليوم في 12 دولة  وأكثر من 100 مدينة،  ويبلغ عدد موظفيها 60 ألفاً، وقيمتها السوقية تتجاوز الستة مليارات دولار. 
 
شركة امريكانا التي ظلت شركة كويتية لأكثر من خمسين عاما، تُعد نموذجا لنجاح القطاع الخاص الكويتي في خلق علامة تجارية عالمية قدمت قيمة مضافة ليس فقط لمستثمريها ولكن أيضا للعلامات التجارية التي أصبحت صاحبة حقوق الامتياز لها. وقبل الإعلان عن صفقة بيع الشركة لتحالف "أدبتيو" الإماراتية في عام 2016، كانت امريكانا تمتلك 1670 مطعما وعددا من مصانع الأغذية، وحققت أعلى ربحية ضمن الشركات المدرجة في بورصة الكويت، ومثلت ثاني أعلى قيمة دفترية للسهم بين كافة الشركات المدرجة في السوق. 
 
ولا يخفى على أحد أن امريكانا كانت تعتبر درة التاج لمجموعة الخرافي الكويتية التي تتضمن شركات مثل زين والكابلات والاستثمارات الوطنية وغيرها. ولكن بعد رحيل المؤسس، ناصر الخرافي صاحب رؤية التوسع للمجموعة، في عام 2011،  شهدت المجموعة تغيرات جوهرية فرضت عددا من التخارجات، أهمها التخارج من حصتها في شركة  امريكانا البالغة نحو 67%. وكانت امريكانا من نصيب تحالف اديبتيو التي دفعت نحو  3.4 مليار دولار للاستحواذ على كامل أسهم الشركة، لتخرج امريكانا من بورصة الكويت.  
 
ولا شك أن ادبتيو ومعه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي اشترى 50% من الشركة بعد أشهر قليلة من إتمام الصفقة في الكويت، لا شك انهما اليوم يحصدان مكاسب كبيرة من خلال تنفيذ عملية طرح لثلاثين في المائة من امريكانا بقيمة 1.8  مليار دولار وإدراجها في سوقي السعودية وأبوظبي، ليشهد السهم في أول يوم لتداوله بعد الإدراج ارتفاعا بنسبة 10% مقارنة بسعر الطرح. 

 فاليوم وبعد 6 سنوات من الاستحواذ على امريكانا  تضاعفت قيمتها السوقية لتتجاوز الستة مليارات دولار، هذا الى جانب الأرباح التي حققتها خلال هذه السنوات. 
  
والخاسر الأكبر في قصة امريكانا هي الكويت. فقد كانت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية من ضمن المرشحين للاستحواذ على الشركة عند طرحها للبيع. وطبقا للمعلومات التي نشرت وقتها تم بالفعل عمل دراسة جدوى والتوصية بالشراء، خاصة أنها تُصنف من ضمن القطاعات الدفاعية أي قطاع الأغذية. ولكن مع الأسف بسبب المخاوف من تسييس الموضوع كما هو الحال مع معظم القضايا في الكويت، وتعالت بعض الأصوات ضد شراء الهيئة لإحدى شركات القطاع الخاص ، خرجت الهيئة من الصورة – حيث أن الكويت – خاصة خلال السنوات الأخيرة،  طغت فيها الجرعة السياسية على الجدوى الاقتصادية. وخسرت الكويت امريكانا  لتفوز بها الإمارات والسعودية. 
 
ولا شك أن شركة امريكانا ما زال أمامها فصولا أخرى لم تكتب بعد. وتنتقل الرؤية الكويتية التي كانت المبادر في خلق نموذجا هو الأول من نوعه في حينها،  تنتقل لتدرج في أسواق أخرى وتستمر برؤية ملاك جدد، لتقدم درسا في كيفية اقتناص فرص الاستثمار فلعلها تكون درساً يستفيد منه البعض مستقبلاً.