كشف بنك سوسيتيه جنرال Société Générale عن ثلاث علامات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي يقترب من الركود ظهرت مؤخراً.

وقال البنك إن الاقتصاد الأميركي بشكل غير مستقر من الركود، وأظهر مجموعة من العلامات التحذيرية في الأسبوع قبل الماضي فقط والتي تشير إلى أن الانكماش يلوح في الأفق.

حذر البنك من حدوث ركود في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، على الرغم من بقاء عديد من المستثمرين والاقتصاديين متفائلين بشأن الهبوط الناعم، بحسب موقع Business Insider.

وذكر كبير الاستراتيجيين العالميين بالبنك، ألبرت إدواردز، أن الأسهم والاقتصاد أطلقوا عدداً من الإشارات، مع ظهور ثلاث بيانات مثيرة للقلق خلال الأسبوع الماضي.

ما هو الركود؟

يمكن تعريف الركود بأنه فترة متواصلة من النمو الضعيف أو السلبي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (الناتج) الذي يصاحبه ارتفاع كبير في معدل البطالة. العديد من المؤشرات الأخرى للنشاط الاقتصادي تكون ضعيفة أيضاً خلال فترة الركود، بحسب البنك الاحتياطي الأسترالي.

3 علامات على اقتراب الاقتصاد الأميركي من الركود

يعتقد ألبرت إدواردز بأن ثلاث علامات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي يقترب من الركود والتي تتضمن:

1- خفض توقعات النمو الاقتصادي

خفض الاقتصاديون في الفدرالي الأميركي بأتلانتا توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني إلى النصف خلال الأسبوع الماضي، بانخفاض من 3.4% إلى 1.8%.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد الأميركي يضيف وظائف بأكثر من التوقعات في مايو .. ومعدل البطالة يرتفع لـ4%

وقال إدواردز: "انهارت توقعات النمو في الولايات المتحدة في أعقاب البيانات الأخيرة الأضعف من المتوقع. ومع تفكك نمو الناتج المحلي الإجمالي، يجب أن يشعر مستثمرو الأسهم بالقلق... من أن الركود قد يصل بعد كل شيء".

2- تباطؤ نشاط التصنيع

أضاف إدواردز أن نشاط التصنيع، وهو "مؤشر رئيسي" للنمو الاقتصادي، يتباطأ أيضاً. وانكمشت طلبات التصنيع الجديدة في شهر مايو/ أيار، وانكمش نشاط التصنيع الإجمالي للمرة الثامنة عشرة على التوالي، وفقاً لمعهد إدارة التوريد.

وكتب أنه على الرغم من أن الكثيرين قد يتجاهلون أهمية قطاع التصنيع بالنسبة للاقتصاد الكلي، فإنه لا يمكن إنكار أن الناتج المحلي الإجمالي الإجمالي ينحسر بشكل وثيق معه. وليس من المستغرب إذن عودة الخوف من الركود إلى الظهور من جديد.

3- تدابير التضخم آخذة في الانخفاض

تباطأ التضخم من أعلى مستوياته في عام 2022. كما أن معامل انكماش نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي القائم على السوق - وهو المقياس المفضل لدى الفدرالي الأميركي للتضخم، مطروحًا منه قطاعات مثل خدمات التمويل والتأمين - يشهد انخفاضاً حاداً، حيث سجل 2.8% لشهر أبريل/ نيسان. وهذه علامة قوية على أن الإنفاق الاستهلاكي - المحرك الرئيسي للاقتصاد في السنوات الأخيرة - يضعف.

ساعدت الفورة الطويلة للإنفاق على التجزئة منذ الأيام الأخيرة لوباء كوفيد 19 في تحفيز النمو إلى مستويات مفاجئة، حيث بلغ حوالي 5% في الربع الثالث من عام 2023، لكن النمو تراجع منذ ذلك الحين، حيث وصل إلى 1.3% في الربع الأول، وفقاً لأحدث مراجعة.

وقال إدواردز: "إن هذا الإنفاق الانتقامي قد تراجع الآن".

كان الفدرالي الأميركي يسير على حبل مشدود بين خفض التضخم والحفاظ على النمو من التراجع لمدة عامين. وفي حين يرى البعض أنه لا يزال على الطريق الصحيح لتحقيق الهبوط الناعم، فإن البعض الآخر ليس متأكداً من ذلك.

ليس الوحيد الذي يدق ناقوس الخطر

لا يعد بنك Société Générale الوحيد الذي دق ناقوس الخطر محذراً من احتمالية الركود، ويقول اقتصاديون آخرون إن أسعار الفائدة المرتفعة بدأت تشق طريقها أخيراً عبر الاقتصاد وتؤدي إلى تثبيط النمو.

ويرى الاقتصاديون في الفدرالي الأميركي في نيويورك أن هناك فرصة بنسبة 52% لانزلاق الاقتصاد إلى الركود خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.

اقرأ أيضاً: اتساع العجز التجاري الأميركي في أبريل بنحو 8.7%

وفي تقرير نشرته شبكة CNBC في أبريل/ نيسان الماضي، يرى المحلل المالي غاري شيلينغ إن خطر حدوث انكماش اقتصادي أعمق لا يزال يلوح في الأفق، رغم تجنب الاقتصاد الأميركي الركود حتى الآن.

واعتبر شيلينغ تسريح العمالة في الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة أحد المؤشرات على الركود، وقال لشبكة CNBC: "الشركات الصغيرة حساسة للغاية للظروف الاقتصادية لأنها لا تميل إلى أن تكون ذات رأس مال كبير للغاية"، مشيراً إلى أن تلك الشركات تقوم بتقليص وظائفها ضمن أمور أخرى.

ومع ذلك، يرى شيلينغ سوق العمل بشكل عام هو السبب الرئيسي وراء تجنب الولايات المتحدة حتى الآن الركود، إلا أنه يعتقد بأن هناك دلائل على تباطؤ سوق العمل.

وقال: "هناك الكثير من العلامات الأولية على الضعف في سوق العمل"، مشيراً إلى مكاسب الأجور والاستقالة وتضخم الخدمات.

وذكر شيلينغ: "إن تضخم الخدمات هو الذي يمثل صعوبة حقيقية بالنسبة للفدرالي الأميركي، وإذا نظرت إلى الأجور في مجال الخدمات، فإنها ترتفع بنسبة 5 أو 6% على أساس سنوي". "الآن لا يتناسب هذا مع هدف الفدرالي المتمثل في التضخم بنسبة 2%".

وقال: "لا يوجد دليل واضح على أن الاقتصاد ينهار. وطالما أن معدل التوظيف قوي كما هو، فإن الفدرالي ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة".

هل يستمر الاقتصاد على المسار الصحيح؟

يرى U.S. Bank Wealth Management أن أحدث البيانات لا توضح ما إذا كان الاقتصاد قادراً على الحفاظ على زخمه أو ما إذا كان خطر التضخم تحت السيطرة بالكامل، بحسب تقرير حديث له.

قال كبير مديري استراتيجية الاستثمار في البنك، روب هاوورث: "تشير البيانات الأخيرة إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي، ولكن لا يزال هناك عدد من الإشارات الاقتصادية الإيجابية في بيانات أخرى". 

وأضاف: "ومع ذلك، فإن السؤال الكبير الذي قد يدفع الأسواق وتوقيت تخفيضات أسعار الفائدة الفدرالية هو ما إذا كان بإمكان المستهلكين الاستمرار في الإنفاق بوتيرة كافية للحفاظ على نمو الاقتصاد".

اقرأ أيضاً: مؤشر مديري المشتريات الأميركي في القطاع غير الصناعي يخالف التوقعات

وحتى هذه اللحظة، ظل المستهلكون متمسكين بموقفهم. يقول هاوورث: "لا يزال التضخم مرتفعاً إلى حد ما، مما يعني أنه لا يزال هناك طلب من المستهلكين". ويشير إلى أن هذا قد يكون مناسباً للمستثمرين. "يتيح الطلب الاستهلاكي المستمر للشركات قوة تسعير كافية لتحسين الإيرادات والأرباح".

وبحسب البنك، يمكن أن تؤدي اتجاهات أسعار الفائدة التصاعدية إلى تعقيد الأمور، خاصة فيما يتعلق باستثمار رأس المال التجاري. وقال هاوورث: "إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة أو ارتفعت، واضطرت الشركات إلى إصدار ديون بتكاليف تمويل أكبر، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف النشاط التجاري وتهديد التوقعات الحالية للنمو الاقتصادي".