بدا الاقتصاد والتجارة في روسيا صامدين على الرغم من العقوبات الغربية الشاملة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. ومع ذلك، يبدو أن روسيا لم تتمكن من إعادة الكثير من الأموال إلى الداخل. 

زادت الأصول المالية الأجنبية بنحو 45 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، وفقاً لتقرير صادر يوم الثلاثاء 13 أغسطس/ آب عن البنك المركزي الروسي. لكن لا تظهر البيانات سوى الزيادة في الأصول العالقة في الخارج، وليس المبلغ الإجمالي، بحسب موقع Business Insider.

ارتفعت الأصول المالية الأجنبية لروسيا بمقدار 44.6 مليار دولار خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى يوليو/ تموز - أكثر من ضعف الزيادة البالغة 21.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لتقرير البنك المركزي.

لم يقدم البنك تفصيلاً للأصول لكنه قال إن الزيادة كانت بسبب فترات التأخير الأطول و"التعقيد المتزايد" المطلوب للتسويات الأجنبية. كان هناك أيضاً زيادة في استثمارات أخرى غير محددة.

وقال الخبير الاقتصادي الروسي في بلومبرج إيكونوميكس، أليكس إيساكوف، إن الأموال العالقة في الخارج لها تأثير غير مباشر على سيولة الشركات.

الهند والصين

هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها روسيا - عملاق السلع الأساسية - مشاكل مع عائدات التجارة العالقة في الخارج.

في العام الماضي، اعترفت روسيا بوجود مشكلات مع الحصول على مليارات الروبيات الهندية التي حققتها من الصادرات إلى الهند. وانخفض المبلغ منذ ذلك الحين حيث تمكنت الشركات الروسية من استخدام الأموال لدفع مستحقات المصدرين الهنود، حسبما ذكرت رويترز يوم الأربعاء 14 أغسطس، نقلاً عن مصدر حكومي هندي لم يذكر اسمه.

اقرأ أيضاً: روسيا تدرس قانوناً يسمح باستخدام العملات المشفرة للمدفوعات الدولية

حتى البنوك الصينية، التي تخشى العقوبات الثانوية الأميركية، لا تريد التعامل مع روسيا

على الرغم من أن اقتصاد روسيا كان يسير بخطى حثيثة خلال 29 شهراً منذ اندلاع الحرب مع أوكرانيا، فإنه كان مدفوعاً في الغالب بالإنفاق الحكومي في زمن الحرب على الأنشطة العسكرية والإعانات.

تصاعد ضغوط العقوبات

في الآونة الأخيرة، أشار البنك المركزي الروسي إلى ارتفاع كبير في درجة حرارة اقتصاد البلاد.

ولكن الضغوط الناجمة عن العقوبات الغربية تتصاعد بسرعة، حيث تحجم البنوك الدولية عن معالجة المعاملات مع روسيا بسبب المخاوف من العقوبات الثانوية الأميركية التي تمت الموافقة عليها في ديسمبر/ كانون الأول.

الآن، ترفض جميع البنوك الصينية تقريباً ـ حتى الصغيرة الإقليمية منها ـ قبول التحويلات الصينية المباشرة للدفع من روسيا، حسبما ذكرت صحيفة إزفستيا المؤيدة للكرملين يوم الاثنين 12 أغسطس/ آب.

وأكد المدير التجاري لشركة المدفوعات إمبايا روس، أليكسي رازوموفسكي، للصحيفة، أن 98% من البنوك الصينية ترفض قبول التحويلات المالية الصينية المباشرة من روسيا.

وأفادت إزفستيا بأن مثل هذه القضايا تكثفت على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث كانت الشركات المالية الصينية الأصغر حجماً لا تزال تعالج المدفوعات الروسية في مايو/ أيار، ويونيو/حزيران.

وفي الشهر الماضي، أفادت صحيفة كوميرسانت الروسية أن حوالي 80% من التحويلات المصرفية التي تتم باليوان الصيني بدأت في التعافي دون تفسير بعد توقفها لأسابيع، بينما قررت البنوك ما إذا كانت تستطيع إجراء المعاملات.

وقال رازوموفسكي لصحيفة إزفستيا إن تحديات الدفع مع البنوك الصينية قد تساهم في صعوبات سلسلة التوريد والتضخم في روسيا.

وذكر المدير العام لشركة الاستثمار والاستشارات First Group، أليكسي بوروشين، لصحيفة إزفستيا، أن بعض المؤسسات المالية في الصين بدأت حتى في رفض المدفوعات بالروبل.

وقال بوروشين إن البنوك الصينية ليست راغبة في ممارسة الأعمال التجارية مع الشركات الروسية من خلال المؤسسات المالية في هونغ كونغ، وهي منطقة إدارية خاصة خاضعة للصين.

وذكرت الرئيسة التنفيذية لشركة Atvira، وهي شركة استشارية روسية للتجارة الخارجية، إيكاترينا كيزيفيتش، لصحيفة إزفستيا أن الشركات الروسية لا تزال ترسل اليوان إلى الصين عبر فروع البنوك الروسية في البر الرئيسي، ولكن هناك هامش ربح بنسبة 5%.

وبصرف النظر عن القضايا مع البنوك الصينية، تواجه الشركات الروسية أيضاً نقصاً في اليوان الصيني الذي تعتمد عليه البلاد الآن في التجارة.

اقرأ أيضاً: كيف انعكس الإنفاق العسكري خلال الحرب مع أوكرانيا على حياة الفقراء الروس؟

روسيا تقلل من المخاطر الاقتصادية والمالية

تحاول موسكو التقليل من تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي.

وقال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، يوم الأربعاء إن بلاده لديها "درع" قوي ضد الضغوط الخارجية، حسبما ذكرت وكالة أنباء تاس الرسمية.

وقال سيلوانوف: "لقد أنشأنا القاعدة المالية القوية والمستدامة؛ لقد أنشأنا البنية التحتية المالية".

وتتسارع روسيا الآن إلى إنشاء أنظمة دفع بديلة، بما في ذلك العملات المشفرة، لتسهيل التجارة.

وأفادت وكالة رويترز يوم الخميس 8 أغسطس/ آب، بأن روسيا والصين تخططان لإحياء ممارسة المقايضة القديمة للالتفاف على العقوبات الغربية.

وتعمل روسيا على إضفاء الشرعية على استخدام العملات المشفرة للمدفوعات الدولية، وأقر البرلمان الروسي، في أواخر يوليو/ تموز، وبدايات أغسطس/ آب، قانوناً يسمح بإجراء مدفوعات دولية عبر العملات المشفرة، على أن يدخل حيز التنفيذ بداية من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.

ولكن بحسب تقرير لمجلة Geopolitical Monitor الكندية، من المتوقع أن يؤدي استيلاء القوات الأوكرانية على منطقة كورسك الروسية، واحتمالية هزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، إلى زيادة فترة الحرب مع أوكرانيا لأطول مما كان الكرملين يخطط لها. 

وأشار إلى أن ذلك سوف يخلف عواقب على الاقتصاد الروسي الأوسع نطاقاً، وخاصة أن المؤشرات الاقتصادية الآن تشير إلى أن الاقتصاد الروسي سوف يتراجع.

وذكرت هيئة الإحصاءات الحكومية الروسية، الجمعة التاسع من أغسطس/ آب، أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سجل نمواً بمعدل 4% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الجاري انخفاضاً من 5.4% خلال الربع الأول.

ورغم أن البنك المركزي الروسي، رفع في أواخر يوليو/ تموز، توقعات النمو الاقتصادي للعام الجاري في روسيا إلى ما بين 3.5 و4% من النطاق السابق بين 2.5 و3.5%، لكنه حذر من احتمالية حدوث ركود عميق في النهاية بسبب نقص العمالة والقدرة الإنتاجية.