ظهرت بوادر انقسام داخل معسكر اليمين الإسرائيلي المتطرف عقب الإعلان عن قرب التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، إذ دعا وزير الأمن الداخلي إيتمار بن جفير زميله في المعسكر ذاته وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للانضمام إليه في التهديد بالانسحاب من الحكومة، وسط شكوك بشأن تلبية الأخير لهذا المطلب.

وفقد بن جفير وحزبه "عوتسما يهوديت" (عظمة يهودية) القدرة على تهديد وحدة الائتلاف الحاكم، عقب انضمام حزب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليميني "تكفا حدشاه"، وتعني "الأمل الجديد"، مع 4 أعضاء كنيست إلى حكومة نتنياهو، في سبتمبر الماضي، إذ ارتفع عدد أعضاء الائتلاف إلى 68 عضواً.

وتضع دعوة بن جفير زميله سموتريتش في "وضع حرج"، بحسب المحللة السياسية للقناة 12 الإسرائيلية، دافنا ليئيل، مرجعة السبب إلى أنه في حال بقائه بالحكومة سيظهر كمن تخلف عن معارضة الصفقة، وإذا انسحب سيبدو أنه خضع لضغوط وزير الأمن الداخلي.

ويصف بن جفير الاتفاق المرتقب بشأن غزة بأنه بمثابة "استسلام"، كما انتقد سموتريتش "الصفقة التي تتبلور" معتبراً أنها "كارثة للأمن الداخلي لإسرائيل"، لكنه لم يهدد بالانسحاب من الحكومة.

وعن موقف بن جفير وسموتريتش، تقول ليئيل: "في كل الأحوال، الضغط عليهما كبير، ولا يمكن التوفيق بين وصف الصفقة بالاستسلام والاستمرار في دعم الحكومة التي تمررها".

"استهلاك إعلامي"

من جانبه، قال المحلل السياسي أدهم حبيب الله في حديث مع "الشرق" إن تصريحات بن جفير وسموتريتش حول غزة "استهلاك إعلامي، حتى لو صوتوا ضد الصفقة".

وتابع: "الصفقة ستمر وحكومة نتنياهو لن تسقط في أي حال، إذ يبدو أن معارضة سموتريتش للصفقة تهدف فقط إلى مخاطبة ناخبيه مع استمراره في تعزيز نفوذه في الضفة الغربية".

وأشار "حبيب الله" إلى أن "الحكومة اليمينية المتطرفة سمحت لسموتريتش بتطبيق سياسته الاستيطانية في الضفة الغربية، حيث يتم تعميق الاستيطان، وتنفيذ قرارات في مناطق خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية حتى في القضايا المدنية".

وأضاف: "إلى جانب ذلك، هناك فترة ذهبية مع دخول ترمب البيت الأبيض بفريق يتطابق فكرياً وأيديولوجياً مع سموتريتش وتوجهات اليمين الاستيطاني. ما يهم جمهور سموتريتش وبن جفير هو الاستيطان في الضفة الغربية".

انقسام اليمين

في السياق نفسه، أشارت أوساط سياسية إسرائيلية إلى "زاوية أخرى لها تأثير قوي على قرار سموتريتش تتمثل في النتائج السيئة التي يحققها حزبه في استطلاعات الرأي خلال الأشهر الأخيرة"، إذ لم يتمكن من عبور نسبة الحسم اللازمة للتمثيل في الكنيست.

كما يقضي سيناريو عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت على أي إمكانية لحزب سموتريتش في العودة إلى الكنيست، ما يعني أن إسقاط حكومة نتنياهو، يمكن أن ينهي الحياة السياسية لوزير المالية الحالي وحزبه.

في المقابل، أظهرت استطلاعات الرأي تجاوز حزب بن جفير نسبة الحسم في كافة استطلاعات الرأي، ووصل في بعضها إلى 9 أعضاء كنيست.

ويعتقد كثيرون في إسرائيل أن بن جفير يُصر على الظهور باعتباره "الأكثر يمينية في الساحة السياسية كمحاولة لاقتناص مصوتين من حزب الليكود ومن حركة شاس الشرقية المتدينة في حال توجهت إسرائيل إلى انتخابات مبكرة".

ويتسبب الاختلاف بين مواقف الرجلين في إظهار الجناح اليميني في ائتلاف نتنياهو باعتباره "منقسم على ذاته" مع مصالح سياسية متناقضة حتى وإن كان هناك تطابق عقائدي واضح بينهما.

إغراءات

ونقل موقع "واي نت" التابع لمجموعة يديعوت أحرونوت عما أسماها مصادر مطلعة القول إن مسؤولاً كبيراً في مكتب نتنياهو حذر بن جفير قائلاً: "سموتريتش سيحصل على حزمة تعويضات كبيرة مقابل دعمه للصفقة، وستكون باسمه فقط وليس باسمك".

وتابع الموقع أن "بن جفير وصف حزمة التعويضات بأنها وهمية، ولن ينخدع بها سموتريتش، المعروف بمواقفه الأيديولوجية، وأن أي تعويضات لن تبرر صفقة الاستسلام لحماس"، بحسب وصفه.