منتجات الأزياء والموضة الفاخرة هي عالم سحري يرتبط بكل ما يعنيه الرقي والوجاهة الشخصية والاجتماعية، لكن وراء هذه الصورة الرائعة التي ترسمها وجهات المتاجر الفاخرة للعلامات التجارية الكبيرة واقع مأساوي يرتبط بعملية تصنيع هذه المنتجات والعمال الذين يشاركون في هذه العملية بأبخس الأجور.

وكشفت سلسلة من المداهمات في إيطاليا مفاجأة صارخة عن هذا التفاوت بين الواجهة الساحرة لعالم الموضة في ميلانو والواقع القاسي لإنتاج السلع الفاخرة.

أظهرت المداهمات قيام عدد من صانعي السلع الفاخرة وراء العلامات التجارية الشهيرة، بما في ذلك ديور Dior وأرماني Armani، باستئجار مقاولين يدفعون للعمال ما لا يقل عن دولارين في الساعة لصنع حقائب اليد التي يبيعونها بعد ذلك بآلاف الدولارات للقطعة الواحدة، وفقاً لمسؤولي إنفاذ القانون الأوروبيين.

تدفع شركة Dior الفرنسية للأزياء الفاخرة، والتي يرأسها قطب الأعمال برنارد أرنو وعائلته، للمورد حوالي 57 دولاراً لتصنيع حقيبة يد تبيعها في المتاجر بحوالي 2780 دولاراً، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال.

بينما دفع Armani، التي يقع مقرها في ميلانو، 270 دولاراً لأحد الموردين لصنع حقائب اليد التي تم بيعها بعد ذلك في سوق التجزئة مقابل أقل بقليل من 2000 دولار، بحسب الصحيفة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يعنيه توقف طفرة مبيعات المنتجات الفاخرة؟

انتقد ممثلو الادعاء الشركات الفاخرة لفشلها في الإشراف على سلسلة التوريد الخاصة بها. ومع ذلك، فإن الشركات لا تواجه اتهامات تتعلق بهذه النتائج. قد يواجه بعض الموردين المستقلين عنها اتهامات باستغلال العمال وتوظيف العمال دون الوثائق المناسبة.

واقع أليم لعمالة تصنيع المنتجات الفاخرة

ووفقا لشركة Bain الاستشارية، تظل إيطاليا، التي تستضيف الآلاف من الشركات المصنعة الصغيرة، مركزاً لإنتاج الملابس الفاخرة والسلع الجلدية، حيث تولد ما بين 50 إلى 55% من الناتج العالمي في هذا المجال، بحسب مجلة Mint الهندية.

وبحسب تقرير وول ستريت جورنال، تقوم شركات مملوكة لأشخاص أو جهات صينية بفتح ورش العمل المنتجة للسلع الفاخرة والتي توظف عشرات العمال المهاجرين من الصين وغيرهم من العمال الأجانب، بما في ذلك العمال غير المسجلين والمهاجرين غير الشرعيين.

وتدفع هذه الورش أجوراً بخسة لهؤلاء العمال تتراوح بين دولارين وثلاثة دولارات في الساعة، بينما يخضعون "لظروف صحية أقل من الحد الأدنى الذي يتطلبه النهج الأخلاقي"، بحسب ما كشفته عمليات التفتيش التي أجرتها الشرطة الإيطالية في شهري مارس/ آذار، وأبريل/ نيسان.

ووفقاً للتقرير، فإن العمال عادة ما يقومون بتشغيل الآلات التي تم إزالة أجهزة السلامة منها لزيادة الإنتاجية، مما يعرض سلامتهم للخطر، كما أنهم  يعيشون أيضاً في ورشة العمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء العمال يخضعون إلى فترات عمل طويلة يومياً، حيث أشارت بيانات استهلاك الكهرباء إلى أنهم يعملون عادةً من الفجر حتى بعد الساعة 9 مساءً، بما في ذلك في عطلات نهاية الأسبوع والعطلات الأخرى.

إجراءات قضائية

تم اتخاذ إجراءات قضائية ضد شركات مثل Dior وArmani، بسبب تورطها مع تلك الشركات المتهمة بإساءة معاملة العمال المهاجرين.

تقوم هذه التدخلات القانونية، التي تستخدم عادةً للشركات المخترقة من الجريمة المنظمة، بتعيين مديرين خاصين للإشراف على العمليات ومراقبة التقدم المحرز في حل المشكلات. 

وركز حكم المحكمة بشأن Dior على أربع شركات في منطقة ميلانو في سلسلة التوريد، اثنتان منها زودتا العلامة التجارية مباشرة. 

ويُظهر حكم المحكمة ضد شركة Armani كيف قامت إحدى الشركات التابعة لها، وهي GA Operations، بتعيين مقاولين من الباطن، والذين قاموا بدورهم بتعيين العديد من المقاولين من الباطن المملوكين للصين في إيطاليا. 

اقرأ أيضاً: في مرحلة انتقالية للقطاع.. تباين أداء شركات السلع الفاخرة

وقالت شركة Armani إن لديها "إجراءات مراقبة ووقاية مطبقة لتقليل الانتهاكات في سلسلة التوريد" وإنها "تتعاون بأقصى قدر من الشفافية" مع السلطات، حسبما ذكر تقرير وول ستريت جورنال.

وأعربت شركة ألفيرو مارتيني Alviero Martini، عن دهشتها وقلقها إزاء النتائج التي تفيد بأن بعض مورديها تعاقدوا بشكل غير مشروع من الباطن على الإنتاج دون علمها، مشيرة إلى سلاسل الإنتاج المعقدة والمجزأة في القطاع باعتبارها تحدياً للرقابة المباشرة.