بقلم أحمد عزام
محلل أول لأسواق المال في مجموعة إكويتي
لقد تحدى عام 2023 العديد من التوقعات، إذ أن الركود في أميركا لم يتحقق، بل سجلت البلاد معدل نمو بلغ 4.9% في الربع الثالث. فالنمو الممتاز دفع أسواق الأسهم لأداء إيجابي وأفشل الارتباط السلبي بين الأسهم والسندات.
كما أن إعادة فتح الصين في مرحلة ما بعد كوفيد-19 لم يحفز النمو أو التضخم العالمي، وأنهى اقتصاد الصين العام مع انكماش وأزمة عقارية متفاقمة.
الأسهم
كان التطور البارز هذا العام هو ظهور ChatGPT، الذي دفع الذكاء الاصطناعي إلى واجهة حياتنا اليومية. وأنهى مؤشر ناسداك 100 العام عند أعلى مستوى له على الإطلاق، مدفوعًا بشكل كبير بقطاع الذكاء الاصطناعي، مع ظهور إنفيديا كأفضل أداء لهذا العام. حيث ارتفعت أسهم الشركة بنسبة تزيد عن 350%، متفوقة حتى على أداء البتكوين.
وكان أداء 72٪ من الأسهم في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أقل من أداء المؤشر هذا العام. وهذه هي أعلى نسبة لمكونات المؤشر التي كان أداؤها أقل من أداء المؤشر منذ عام 1980، وحتى في ذروة فقاعة الدوت كوم لم يتجاوز هذا المقياس نسبة 70%.
يأتي هذا مع ارتفاع مؤشر "ماجنيفيسنت 7" (مايكروسوفت وأبل وأمازون وميتا وجوجل وتيسلا وانفيديا) بأكثر من 20 مرة مقارنة بمؤشر ستاندرد آند بورز 493 في عام 2023.
وتمثل أكبر 10 أسهم في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الآن 35% من المؤشر بأكمله، وهو ما يعني أن هناك عدد قليل من الأسهم تقود السوق بأكمله. كما أدى أداء هذه المجموعة إلى تحقيق مؤشر ناسداك 100 أنجح عام له منذ عام 1999، مسجلاً زيادة قدرها 7 تريليونات دولار. بينما مؤشر ستاندرد آند بوروز 500 فسجل مكاسبه للأسبوع التاسع على التوالي - وهي أطول سلسلة منذ 20 عامًا.
وارتفع سهم أمازون بنسبة 83% في عام 2023 بعد أن خسر نصف قيمته في عام 2022.
من المقرر أن يكون أداء الأسهم مرتبطاً تماماً في عام 2024 بتحركات الفيدرالي، إذ تتوقع الأسواق أن يبدأ البنك خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر مع احتمال يزيد عن 85٪.
ويعطي تخفيض الفائدة الإيجابية عادةً لأداء المؤشرات، خاصةً بعد التخفيض الأول لسعر الفائدة، لكن استدامة المكاسب ستعتمد على الأساسيات الاقتصادية الأساسية.
وتعد المعدلات المنخفضة أمرًا جيدًا لتقييمات المؤشرات باستثناء عندما يدخل الاقتصاد في حالة ركود خلال الـ 12 شهرًا القادمة. أي أن انخفاض عائدات الولايات المتحدة سيكون داعمًا لتقييمات المؤشرات طالما بقى الاقتصاد قويًا، وصمدت توقعات الأرباح.
العملات
وفي سوق العملات، شهد الدولار الأميركي عامه الأسوأ منذ عام 2020، فيما أنهى الذهب العام بالقرب من أرقامه التاريخية.
ووصل اليورو مقابل الدولار الأميركي فوق 1.10، فيما اختبر الدولار مقابل الين الياباني ولكنه لم يتمكن من تجاوز مستوى الدعم 140.
ومن المقرر أن يكون عام 2024 متأرجحاً بالنسبة للعملات. إذ أن الأسواق تبدأ تسعير تخفيض أسعار الفائدة، لكن يبقى السؤال من سيخفض الفائدة أولاً وكم ستصل أسعارها؟
يبقى الطرح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً مع أرقام التضخم من ناحية والنمو من ناحية آخرى. إذ أن النمو الاقتصادي السلبي في بريطانيا وأوروبا قد يضغط على سياسة البنوك المركزية خوفاً من دخول الركود. بينما قد يمتلك الفدرالي الأميركي الوقت لمتابعة حالة الاقتصاد خاصة وأنه على ضفاف الأرقام الإيجابية.
فقد تكون كلمة السر في عام 2024 هي الركود لتحريك السياسات النقدية نحو التيسيرية، وستكون بريطانيا والاتحاد الأوروبي تحت المجهر أولاً.
من ناحية آخرى، فورقة الصين الرابحة هي الاعتماد على دورة تسهيلية في السياسة النقدية، إذ أن كل ما يحيط بالاقتصاد سلبياً حالياً، لذلك فإن تخفيض الفائدة هو الحل الأمثل.
أما في اليابان، فقد يخرج بنك اليابان من الفائدة السلبية ويعتمد رفع الفائدة بعد وجود التضخم أعلى من مستهدفات البنك لأكثر من عام. ففي حال اعتماد رفع الفائدة سيكون هو البنك الوحيد بين الاقتصادات الكبرى الذي يعتمد التشديد في الوقت الذي ستتجه فيه البنوك للتيسير، لذلك قد يكون الين الياباني هو الحصان الأسود في عام 2024.
النفط
وفي مجال الطاقة، سجل النفط الخام أول انخفاض سنوي له منذ عام 2020؛ إذ استمرت جهود أوبك للحد من الإنتاج والتوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط غير فعالة لتعزيز الشهية للنفط هذا العام.
وتبقى إمدادات الخام العالمية والطلب في 2024 هما المحركان الأساسيان للنفط، إذ أن اختناق الإمدادات جراء التوترات في البحر الأحمر ونمو الطلب والتزام أوبك+ بالتخفيض الطوعي قد يكونون دافعاً إيجابياً لتحركات النفط المستقبلية.