مفاهيم العمل على مشاريع تجلب الثراء تختلف بين جيل وآخر، وعقلية واخرى بين الراغبين بالمخاطرة والمعرضين عنها والمتمسكين بمعتقداتهم الخاصة. وبعض الجيل الشاب من الأثرياء يرفضون بالمبدأ أشكال الاستثمار التقليدية مترفعين عنها كونها لا تقود إلى النجاح.
من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 21 إلى 43 عاماً ولديهم ما لا يقل عن 3 ملايين دولار من الأصول القابلة للاستثمار، يقول 28% فقط إنه من الممكن تحقيق عوائد أعلى من المتوسط من خلال الأسهم والسندات، وفقاً لدراسة بنك أوف أميركا الخاصة بالأميركيين الأثرياء لعام 2024.
ومن بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 44 عاماً فما فوق، فإن العكس هو الصحيح: 72% يقولون إن سلوكيات الاستثمار الكلاسيكية تعمل بشكل جيد. ويرى 84% من الجيل الأكبر سناً أن الأسهم، المحلية والأجنبية ، تمثل الفرصة الأعظم لنمو الاستثمار ضمن قائمة طويلة من فئات الأصول.
بطبيعة الحال، كان امتلاك الأسهم بمثابة أداة لبناء الثروة لأجيال من الأميركيين، حيث حققت سوق الأوراق المالية الأميركية عائداً بنحو 10% سنوياً على مدى القرن الماضي أو نحو ذلك، على افتراض الأرباح المعاد استثمارها.
بالنسبة للمستثمرين الأثرياء الأصغر سناً، تأتي الأسهم وراء سبعة أنواع أخرى من الاستثمارات، بما في ذلك العقارات والعملات المشفرة والأسهم الخاصة والاستثمار المباشر في الشركات.
اقرأ أيضاً: في 12 مدينة أميركية أقلها 2.2 مليون دولار.. كم تحتاج من المال لكي تعتبر ثرياً؟
لقد اتضح أنه حتى بين الأثرياء، قد يكون لدى المستثمرين الأصغر سناً شيئاً أو اثنين ليتعلموه من نظرائهم الأكبر سناً، كما يقول المخطط المالي المعتمد وأستاذ علم النفس المالي في جامعة كريتون براد كلونتز.
ويشرح كلونتز "في الأساس، كبار السن لديهم قائمة أكثر دقة. وتظهر جميع الدراسات التي أجريتها تُظهر أنه كلما تقدمنا في السن، كلما كانت معتقداتنا حول المال أكثر صحة، لأننا، بصراحة، نتعلم بالطريقة الصعبة".
لكن الأمر يختلف بالنسبة للمستثمرين الأثرياء الشباب الذين قد ربما يقعون أسرى بعض الآراء المعرفية المتحيّزة، قد يفعلها المستثمرون العاديون أيضاً، وقد يعيقهم ذلك التمسك ببعض الأفكار عن تضخيم عوائدهم.
فيما يلي نظرة على خطأين رئيسيين: تجاهل الحكمة التقليدية وإعطاء الأولوية للحصرية.
تجاهل النصائح التقليدية
بشكل عام، ليس من المستغرب أن يرغب المستثمرون الشباب، بغض النظر عن مستوى الثروة، في رسم مسار مختلف عن الأجيال الأكبر سناً.
يقول كلونتز: "إن الرغبة في التصدي للحكمة التقليدية هي مرحلة تنموية مهمة حقاً".
وتابع "أخبرني الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي أن نصائح الاستثمار التقليدية لم تعد هي الطريقة التي يتم بها الأمر بعد الآن. لقد تغير كل شيء. هذا شيء ظل الناس يقولونه منذ آلاف السنين".
يميل المستثمرون الأكبر سناً إلى تفضيل العوائد التي تقدمها الأسهم، لأن هذا هو ما حقق عوائد تاريخياً. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أن العديد منهم حاولوا وفشلوا في العثور على طريقة جديدة وأسرع وأفضل لبناء الثروة.
يقول كلونتز: "إذا سألتني هذا السؤال في العشرينات من عمري، فربما كنت سأقول التداول اليومي، قبل أن أخسر كل أموالي في التداول اليومي".
هذه قصة يرى كلونتز أنها تتردد في حماس المستثمرين الشباب للعملات المشفرة، والتي قدمت عوائد مذهلة لبعض المستثمرين بينما سحقت محافظ الآخرين الذين ضاربوا على أصول متقلبة للغاية.
اقرأ أيضاً: دول هي حلم المواهب العالمية.. من هي الدولة الأكثر جاذبية؟
ويقول: "عندما يتعلق الأمر ببعض الأساليب المجربة والحقيقية للاستثمار، فهي في الواقع لعبة طويلة". ويضيف "وعندما أسمع الناس يتحدثون عن العملات المشفرة والأصول البديلة، فهذا أقرب إلى عقلية اللعبة القصيرة. ربما يكونون مهتمين بكسب المال بشكل أسرع".
الهوس بالمكانة
وهناك قواسم مشتركة أخرى يراها كلونتز بين الاستثمارات المفضلة لدى الشباب الأميركيين الأثرياء وأبرزها: التفرد.
بحسب كلونتز، تتطلب العقارات وصفقات الأسهم الخاصة والاستثمار المباشر في الشركات مستوى من النقد لا يملكه معظم المستثمرين الأفراد. إذا كنت ترغب في شراء عقار استثماري، فستحتاج إلى ما يكفي لدفعة أولى، على سبيل المثال. وللاشتراك في صندوق أسهم خاصة، يجب أن تكون مستثمراً معتمداً، مما يعني عموماً أن دخلك يتجاوز 200000 دولار أو صافي ثروة يزيد عن مليون دولار.
ويعتقد أن هذه الاستثمارات يجب أن تكون أفضل من الأشياء التي يمكن للجميع شراؤها، وإلا فلن يكون الاستثمار صعباً للغاية. ومع ذلك، هذا ليس صحيحاً بالضرورة.
مقابل بضعة دولارات فقط ورسوم ضئيلة، يمكن شراء أسهم على مؤشر S&P 500، وهو مقياس لسوق الأسهم الأميركية الواسعة، في شكل صندوق متداول في البورصة.
اقرأ أيضاً: دراسة: طبقات جيل الألفية تسجل أكبر فجوة في الثروة مقارنة بالأجيال السابقة
من خلال القيام بذلك، يمكن شراء مؤشر تفوق على سوق العقارات السكنية في الولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية. حين يتم شراء شيء يأتي بمخاطر أقل بكثير من الاستثمار في شركة صغيرة، نصفها يفشل في السنوات الخمس الأولى، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل.
وعلى الرغم من أن البيانات مختلطة حول ما إذا كانت صناديق الأسهم الخاصة تميل إلى التفوق على الأسهم العامة على المدى الطويل، فسيتعين علي المستثمر عموماً دفع رسوم باهظة مقابل امتياز الاستثمار في أحد هذه الصناديق، غالباً ما يتراوح بين 1.5% إلى 2% من الأصول المستثمرة سنوياً. بالإضافة إلى 20% من الأرباح السنوية فوق حد معين. إنها خطوة محفوفة بالمخاطر بشكل خاص بالنظر إلى مدى تأثير رسوم الاستثمار على العوائد طويلة الأجل.
لا يعني أي من ذلك أن أي استثمار في العقارات أو الأسهم الخاصة أو الشركات الصغيرة من المحتم أن يفشل أو حتى يكون أداؤه أقل من أداء سوق الأوراق المالية الواسع. ولكن من المهم أن يعترف المستثمر بأسباب تفضيله لاستثمار ما على الآخر، كما يقول كلونتز.
ويلفت قائلاً: "نحن جميعاً مهووسون بطبيعتنا وإن إنكار ذلك يعتبر أنك غير ناضج نفسياً".