أنهى وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، التكهنات بشأن إمكانية ترشحه لمنصب المستشار بدلاً من أولاف شولتز كمرشح للحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD في الانتخابات المبكرة المقررة في فبراير المقبل، معلناً عدم رغبته في الترشح، ما يمهد الطريق أمام شولتز للترشح لولاية ثانية.

وفي مقطع فيديو نشرته قنوات الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي مساء الخميس، أعلن بيستوريوس أنه أخبر قيادة الحزب أنه لن يكون متاحاً للترشح كمرشح رئيسي للحزب.

وأوضح قائلاً: "هذا قراري الشخصي، وهو قراري الوحيد". وأضاف: "أكدت هذا مراراً في الأسابيع الأخيرة، وأقولها الآن بوضوح في حق أولاف شولتز .. لدينا مستشار ممتاز". 

وأشار إلى أن شولتز "قاد ائتلافاً كان سيكون صعباً في الظروف العادية، وتمكن من قيادة البلاد خلال واحدة من أكبر الأزمات في العقود الأخيرة، بحسب شبكة "دويتشه فيله" الإعلامية الألمانية.

شولتز يمثل "الحذر والتعقل"

وانتقل بيستوريوس سريعاً إلى القضايا التي شغلت اهتمامه خلال الفترة القصيرة التي قضاها في حكومة شولتز والتي تقل عن عامين، إذ تم تعيينه في بداية عام 2023 ليحل محل كريستين لامبريخت التي كانت في قلب فضيحة، وتتمثل هذه القضايا في دعم أوكرانيا والجهود المبذولة لزيادة الإنفاق الدفاعي في ألمانيا.

وقال بيستوريوس: "في وقت تعاني فيه أوروبا من الحرب مرة أخرى، ضمن شولتز أن تكون ألمانيا أكبر داعم لأوكرانيا في أوروبا".

وأضاف: "كما ضمن أن تكون ألمانيا شريكاً أكثر موثوقية وقوة في حلف الناتو".

واعتبر أن شولتز يمثل "الحذر" و"التعقل"، وأن هذا كان "مهماً بشكل خاص" في أوقات التوترات الجيوسياسية والتهديدات الشعبوية للديمقراطية.

ووصف بيستوريوس شولتز بأنه "مستشار قوي" و"المرشح المناسب".

"لم أبدأ هذا النقاش ولم أرغب فيه"

وأشار بيستوريوس (64 عاماً) إلى الشائعات حول ترشحه في الأسابيع الأخيرة، إذ كان من بين القلائل في الائتلاف الحاكم المنتهية ولايته ممن يحظون بتقدير جيد في استطلاعات الرأي.

وقال إن هذه الشائعات "تسببت في زيادة عدم الاستقرار" داخل الحزب، وأثارت أيضاً "الإزعاج بين الناخبين".

وأضاف: "هذا يضر بحزبي، الذي كنت عضوا فيه منذ 48 عاماً".

اقرأ أيضاً

"المندفع" فريدريش ميرز يقترب من منصب مستشار ألمانيا

بات فريدريش ميرز قريباً من تولي منصب مستشار ألمانيا فبراير المقبل، بعد تقدم حزبه الاتحاد الديمقراطي المسيحي في استطلاعات الرأي، وإثر انهيار ائتلاف أولاف شولتز.

وقال: "لم أبدأ هذا النقاش، ولم أرغب فيه، ولم أضع نفسي أبداً في موضع النقاش بشأن أي شيء"، وتابع: "الآن أصبح من مسؤوليتنا الجماعية إنهاء هذا النقاش، فهناك الكثير على المحك".

منصبي لم يكن بداية لمسيرة جديدة

وأشار بيستوريوس إلى التصريحات التي أدلى بها في بداية عام 2023، عندما أصبح وزيراً للدفاع، حيث قال إن منصبه الجديد في الحكومة الفيدرالية، بعد عقود في السياسة المحلية، "لم يكن منصة انطلاق مهنية، كما قد يكون الأمر مع أسلافي".

وقال بيستوريوس إنه بدأ العمل على كسب ثقة الجيش الألماني منذ توليه منصبه، وأضاف أنه لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لإصلاح وتحسين قدرات الجيش الألماني.

وأوضح: "كوزير للدفاع، لم أنته بعد مما أريد تحقيقه، ومما يجب تحقيقه من أجل أمننا الخاص"، وأضاف: "أتطلع إلى فترة ولاية ثانية في هذا المنصب".

فرص ضعيفة للحزب

واستناداً إلى استطلاعات الرأي الحالية، تبدو فرص أن يكون المستشار الألماني المقبل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعيدة جداً في أي حال.

وتظهر معظم الاستطلاعات أن منافسيهم من يمين الوسط، الديمقراطيين المسيحيين CDU، يحصلون على دعم يزيد عن ضعف مستوى دعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وفي استطلاعات حديثة للرأي، حصل الاشتراكي الديمقراطي على ما بين 14 و16 في المائة من الأصوات، في حين حصل حزب  الاتحاد المسيحي الديمقراطي ورديفه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU المعارضان على ما بين 32 و34 في المائة. ويخشى العديد من الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان (البوندستاج) أن يفقدوا ولايتهم إذا لم تحدث معجزة أخرى قبل الانتخابات في فبراير.

رهانات مفتوحة

ومع ذلك، فإن الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الذي انهار الآن، أعربت جميعها عن أملها في أن تكون كل الرهانات مفتوحة في حملة الانتخابات المبكرة، حيث يمكنها التوقف عن إجراء التنازلات الصعبة في محاولة للحفاظ على وحدة التحالف.

ومع ذلك، فإن تكرار الاندفاع المتأخر الذي حققه الحزب الاشتراكي الديمقراطي في انتخابات 2021 الفيدرالية، وبشكل غير مفاجئ تحت أسلوب القيادة الهادئ والمتزن لشولتز الذي يبدو أن بعض أعضاء الحزب يرغبون الآن في التخلي عنه، يبدو حالياً مجرد حلم بعيد في عين أكثر أعضاء الحزب تفاؤلاً، بحسب دويتشه فيله.

وما قد يكون أكثر احتمالاً، كما أشار بيستوريوس في تعليقاته، الخميس، حول أمله في فترة ولاية ثانية كوزير للدفاع، هو أن ينتهي الأمر بالحزب الاشتراكي الديمقراطي ليكون شريكاً في ائتلاف حكومي أقل تأثيراً في الحكومة المقبلة لألمانيا.