وتأثرت الأسواق العالمية بالإقبال على هذه الأدوية التي قفز الطلب عليها بشكل هائل، ما أدى إلى نقص إمداداتها وظهور أدوية مزيفة ومقلدة تُباع بأسعار باهظة في السوق السوداء.
وكانت لهذه الأدوية في الأصل استخدامات طبية لعلاج مرض السكري، ولكن مع مرور الوقت، ومع اكتشاف فوائدها في فقدان الوزن، تحولت إلى حلول مفضلة لأولئك الحالمين بالتخلص من السمنة، وتكافح شركات الأدوية لتلبية احتياجات السوق من هذه الأدوية، وفي مقدمتها شركة نوفو نورديسك التي صارت في غضون سنوات قليلة أعلى الشركات من حيث القيمة السوقية في أوروبا بقيمة تزيد على 444 مليار دولار، وذلك حتى تاريخ 22 مايو أيار.
نوفو نورديسك وتنامي الطلب في المنطقة
غيرت جائحة كورونا بشكل كبير وعي الجمهور فيما يتعلق بالصحة، ما أدى إلى زيادة الطلب على أدوية خفض مستويات السكر في الدم وفقدان الوزن، وفي مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، أشار مادس بو لارسن نائب الرئيس والمدير العام لشركة نوفو نورديسك فارما الخليج إلى تأثير الجائحة في زيادة الطلب على منتجات الشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قائلاً «أثناء جائحة كورونا، كانت هناك زيادة مفاجئة في الطلب على منتجاتنا، ليس فقط لفقدان الوزن ولكن -أيضاً- لعلاج مرض السكري، كان هذا بسبب إدراك أن مرض السكري غير المعالج أو السمنة غير المعالجة يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مع الفيروس».
وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا زيادة كبيرة في الطلب على منتجات نوفو نورديسك، وأوضح لارسن أن الطلب المتزايد في المنطقة بدأ خلال فترة الجائحة واستمر في النمو بعد ذلك، وأضاف أن الناس أصبحوا أكثر وعياً بصحتهم بشكل ملحوظ، وطرحت الشركة منتجات جي.إل.بي-1 الجديدة في الإمارات في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول، ما ساعد في تلبية الطلب المتزايد بالمنطقة.
تحديات تواجه السوق
مع ارتفاع الطلب ظهرت تحديات جديدة، أبرزها نقص الإمدادات وظهور الأدوية المزيفة في السوق السوداء بأسعار باهظة، وقال لارسن إن انتشار الأدوية المزيفة يشكل خطراً كبيراً على سلامة المرضى، وأكد أن الشركة تقوم بإبلاغ السلطات المختصة بالأدوية المزيفة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأظهرت دراسة حديثة أن من الممكن تصنيع دواء أوزمبك بتكلفة تقل عن 5 دولارات شهرياً، بينما تضع شركة نوفو نورديسك سعراً يصل إلى ما يقرب من 1000 دولار شهرياً للحقنة الواحدة في الولايات المتحدة قبل تدخل التأمين، وتثير الدراسة التي أعدها باحثون من جامعة ييل ومستشفى كينجز كوليدج في لندن ومنظمة أطباء بلا حدود تساؤلات حول ارتفاع أسعار الأدوية المماثلة لفقدان الوزن من فئة جي.إل.بي-1.
ومع تنامي الطلب على هذه الأدوية خلال العام الماضي، وفي ظل انسحاب المزيد من شركات التأمين بسبب التكلفة، أصبح بعض المرضى غير قادرين على تحمل تكاليف الأدوية.
وتقول نوفو نورديسك إنها أنفقت ما يقرب من 5 مليارات دولار على البحث والتطوير العام الماضي، وستنفق أكثر من 6 مليارات دولار لتعزيز الإنتاج لتلبية الطلب على أدوية جي.إل.بي-1، كما ذكرت الشركة أن 75 بالمئة من أرباحها تذهب إلى الخصومات لضمان وصول المرضى إلى منتجاتها، وأن تكاليف أوزمبك تعتمد على تغطية التأمين، حيث يمكن للمرضى دفع مبلغ يصل إلى 25 دولاراً فقط في الشهر.
المنافسة وتأثيرها على الأسعار
ورغم التحديات، فإن نوفو نورديسك ترحب بالمنافسة في السوق، حيث يعتقد لارسن أن وجود المنافسة الصحية يتيح المزيد من الفرص أمام المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج، وأشار إلى أن التنافسية ستؤدي في النهاية إلى انخفاض الأسعار وجعل العلاجات أكثر توفراً، وقال «عندما يدخل المزيد من المنتجين والمنافسين إلى السوق، فسيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى اتجاه نحو أسعار أكثر قدرة على التنافس».
الأثر الاقتصادي والصحي لعلاج السمنة
تؤكد الدراسات أن علاج السمنة يمكن أن يكون له تأثير كبير على الصحة العامة والنظام الصحي، وذكر لارسن أن علاج السمنة يمكن أن يقلل من معدلات الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية وغيرها من المشكلات الصحية، ما يخفف العبء على النظم الصحية ويحسن الإنتاجية العامة في المجتمع، وأضاف أن هذا التحول في النهج الصحي يعكس التزام نوفو نورديسك بتحقيق تقدم ملموس في مكافحة الأمراض المزمنة وتحسين جودة حياة المرضى.
وكشفت التقارير المالية لشركة نوفو نورديسك أن المبيعات في قطاع رعاية مرضى السكري والسمنة زادت بنسبة 25 بالمئة لتصل إلى 61.0 مليار كرونة دنماركية في الربع الأول من عام 2024، وتأتي هذه الزيادة مدفوعة بشعبية أدوية جي.إل.بي-1.
وتخطط الشركة الدنماركية الرائدة لبيع السندات لأول مرة منذ أكثر من عامين للمساعدة في تمويل برنامجها الضخم للتوسع في إنتاج العلاجات التي تقدمها.