وافق الوزراء المعنيون بدول الاتحاد الأوروبي، بالإجماع، مؤخرًا، على مشروع "قانون الذكاء الاصطناعي"، وهو قانون جديد رائد، ينظم استخدام هذه التكنولوجيا التحويلية في المواقف "ذات الخطورة المرتفعة"، مثل تطبيق القانون والتوظيف.

وقال وزير الدولة للشؤون الرقمية في بلجيكا ماثيو ميشيل: "هذا القانون الرائد، وهو الأول من نوعه في العالم، يتناول تحديًا تكنولوجيًا عالميًا، ويخلق فرصا أمام مجتمعاتنا واقتصاداتنا".

ويسمح القانون الأوروبيّ باستخدام الذكاء الاصطناعيّ أو حظره، وفقًا للمخاطر التي تجلبها هذه التكنولوجيا للناس، كما يحدد الأنظمة عالية المخاطر التي يمكن استخدامها فقط حال ثبت أنها تحترم الحقوق الأساسية.

كيف يعمل قانون الذكاء الاصطناعي؟

  • يحظر القانون الجديد أنظمة الذكاء الاصطناعيّ لأغراض التصنيف الحيوي (البيومتري)، والتي تستند إلى المعتقدات السياسية أو الدينية أو الفلسفية أو إلى العرق أو الميل الجنسي.
  • يحظر الأنظمة التي تقيم الأشخاص على أساس السلوك أو السمات الشخصية، أو الأنظمة التي تستطيع استغلال السلوك البشري.
  • يمنع أنظمة توسيع أو إنشاء قواعد البيانات الخاصة بالوجوه، والتي تلتقط على نحو عشوائيّ عبر الإنترنت، أو من خلال التسجيلات الصوتية والمرئية.
  • يسمح باستثناءات، بحيث تستطيع أجهزة الأمن استخدام كاميرات تحديد الهوية البيومترية، بإذن قضائيّ دائمًا، للحيلولة دون وقوع تهديد إرهابي، على سبيل المثال.
  • يقضي القانون بوجوب تصنيف المحتوى الذي يتم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي، كالنصوص أو الصور أو مقاطع الفيديو، على هذا النحو.

ومن المفترض أن يساعد ذلك في حماية المشاهدين من أيّ محتوى مضلل، مثل التزييف العميق.

وبمقتضى القانون، سوف يتعين على الأنظمة ذات المخاطر المرتفعة، الحصول على شهادة من الهيئات المعتمدة قبل طرحها في أسواق الاتحاد الأوروبي، حيث يتولى "مكتب الذكاء الاصطناعي" الجديد الإشراف على تنفيذ ذلك على مستوى التكتل.

ومن شأن عدم الامتثال للقانون أن يؤدي إلى فرض غرامات تصل إلى 35 مليون يورو (38 مليون دولار)، أو 7% من العائدات السنوية للشركة المعنية، استنادًا إلى نوعية من يرتكب المخالفة.

جذور القانون والخطوات المقبلة

كانت المفوضية الأوروبية قد طرحت المسودة الأولية لمشروع قانون الذكاء الاصطناعيّ للاتحاد الأوروبي في أبريل من عام 2021، حيث كانت البرتغال تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد آنذاك.

وكان أحد طموحات حكومة البرتغال – ذات الأغلبية الاشتراكية آنذاك - الدفع صوب اعتماد أول قانون للاتحاد الأوروبيّ ينظم الذكاء الاصطناعي، على أساس من الشفافية واحترام حقوق المستخدمين.

وقال وزير الاقتصاد البرتغاليّ السابق بدرو سيزا فييرا في يناير 2021: "نعلق أهمية واسعة على الإطار القانونيّ للذكاء الاصطناعي. من الواضح، في الوقت الحالي، أنّ الذكاء الاصطناعيّ هو الأساس لتعزيز الإنتاجية، وهو يتمتع بإمكانات كبيرة للنمو".

وحظي مشروع القانون بالفعل بدعم البرلمان الأوروبيّ في مارس 2024.

وفي أعقاب التصويت بالإجماع على وضع اللمسات النهائية لقانون الذكاء الاصطناعي، يتعين نشره في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، والتي تمثل سجل قوانين التكتل، ليصبح قانونًا بعد 20 يومًا، ولكنّ الأحكام سوف تدخل حيز التنفيذ بشكل تدريجيّ على مدار العامين التاليين.


تحديات مرحلة تنفيذ القانون

وبالنظر إلى ختام العملية التشريعية المتعلقة بقانون الذكاء الاصطناعي، سوف يكون لزامًا على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تطبيقه ضمن تشريعاتها الوطنية - وقد أشار بعض ممثلي الدول خلال اجتماع الأسبوع الماضي إلى تحديات مستقبلية.

وقال الوزير المسؤول عن الشؤون الرقمية في جمهورية التشيك إيفان بارتوش: "حاولنا تحقيق توازن بين النهجين".

وأضاف أنّ الاتحاد الأوروبيّ يريد تطور الذكاء الاصطناعي، وألا يطغى ذلك على الشركات الصغيرة عبر البيروقراطية، ويريد أن يتأكد في الوقت نفسه من وجود ضوابط لاستخدام هذه التكنولوجيا.

وقال وزير التنمية الإقليمية والاستثمار في سلوفاكيا إيفان إيفانتشين، إنّ طرح قانون الذكاء الاصطناعيّ كان فرصة للتعلم.

وأضاف: "وفي الوقت نفسه، من المهم تنفيذ خطوات ملموسة والتي من شأنها وضع أساس متين لمزيد من التطور".

وأعربت حكومة تصريف الأعمال في بلغاريا عن تأييدها لاعتماد قانون الذكاء الاصطناعي.

وعلى الرغم من ذلك، أكد الرئيس التنفيذيّ لجمعية رواد الأعمال البلغارية، دوبرومير إيفانوف، أنّ من المهم تحديد كيفية تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي، محذّرا من تبني نهج تقييديّ في هذا الشأن.

الحاجة لخبراء الذكاء الاصطناعي

ثمة ناقوس خطر يدق يتعلق بالنقص في أعداد خبراء الذكاء الاصطناعيّ بالاتحاد الأوروبي، حيث تقول الوزيرة المسؤولة عن الشؤون الرقمية في سلوفنيا إميليجا ستومينوفا، إنه لا يوجد في بلادها أو في التكتل الأوروبي عدد كاف من الخبراء المؤهلين.

وأعربت ستومينوفا عن اعتقادها أنه يجب على الخبراء من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبيّ المشاركة في الجهة التنظيمية للذكاء الاصطناعيّ بالتكتل، والتي أنشأتها المفوضية الأوروبية بالفعل.

وقالت الوزيرة السلوفينية إنّ هذا من شأنه أيضًا أن يسهل تنفيذ القانون في الدول الأعضاء بالتكتل.

وبدأ في روماينا الأسبوع الماضي العمل في إقامة أول معهد أبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي، بجامعة كلوج نابوكا التقنية.

ومن المقرّر أن يركز نشاط المعهد على تطوير حلول الذكاء الاصطناعيّ في مجالات حيوية، مثل الصحة والنقل والأمن السيبراني، إضافة إلى مجالات أخرى.

كما سيقدم للطلاب والباحثين أحدث الموارد وفرص عمل في مشاريع ذات تأثير عالمي.

(د ب أ)