أرسلت إيطاليا أول قارب يحمل مجموعة من المهاجرين إلى ألبانيا، الاثنين، في تفعيل لخطة أوروبية مثيرة للجدل، للتعامل مع الآلاف من طالبي اللجوء في الخارج، وهي خطوة لقيت معارضة من قبل مسؤولي وجماعات حقوق الإنسان، وفق "نيويورك تايمز".

وشيّدت حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مركزي استقبال في ألبانيا، في أول اتفاق من نوعه يتضمن نقل دولة عضو بالاتحاد الأوروبي للمهاجرين إلى بلد خارج التكتل في محاولة لردع الوافدين الذين وصلوا إلى البلاد بشكل غير قانوني.

وبدأت المراكز، في بلدتي شنجن وجادر الألبانيتين، العمل الأسبوع الماضي.

وتعرضت الخطة، التي أشادت بها الحكومة الإيطالية وبعض قادة الاتحاد الأوروبي باعتبارها "نموذجاً مبتكراً لإدارة وردع الهجرة"، إلى انتقادات من قبل مسؤولي وجماعات حقوق الإنسان، الذين يخشون تعرّض المهاجرين للخطر ولانتهاكات حقوق الإنسان.

وقال فرانشيسكو كامل، المتحدث باسم وزارة الداخلية الإيطالية، إن 16 مهاجراً، من مصر وبنجلاديش، تم انتشالهم في المياه الدولية، ومن المتوقع أن يصلوا إلى ألبانيا، الأربعاء.

اتفاق ألباني إيطالي

وقالت الحكومة الإيطالية، إن المهاجرين "غير المعرضين للخطر" القادمين من "دول آمنة" فقط هم الذين سيتم نقلهم إلى المراكز في ألبانيا. ولن ترسل الأطفال والنساء الحوامل وغيرهم ممن تم تصنيفهم على أنهم (ضعفاء بما في ذلك المرضى والمعاقين) إلى المراكز، ولكن سيتم نقلهم مباشرة إلى إيطاليا للعلاج.

وبمجرد وصولهم إلى ألبانيا، سيُسمح للمهاجرين بالتسجيل للحصول على اللجوء، ويمكنهم تقديم قضاياهم عن بُعد إلى القضاء الإيطالي، ثم انتظار الردود على الطلبات.

وغالباً ما تستغرق مثل هذه القضايا المتعلقة باللجوء أشهراً، لكن وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي قال الأسبوع الماضي إنهم يتوقعون حل القضايا في غضون أيام قليلة، وفق "نيويورك تايمز".

وإذا تم رفض طلبات اللجوء، فسيتم طرد المهاجرين مباشرة من قبل ألبانيا إلى بلدانهم الأصلية.

ووصفت رئيسة الوزراء الإيطالية الخطة بأنها "نموذج للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في إدارة تدفقات الهجرة"، وألبانيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، ولكن يتم النظر في عضويتها.

وحذرت مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا، دنيا مياتوفيتش، من أن مثل هذه "التدابير تزيد بشكل كبير من خطر تعريض اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين لانتهاكات حقوق الإنسان".

لكن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أيدت الخطة، واصفة إياها بأنها "مثال على التفكير خارج الصندوق، القائم على تقاسم المسؤوليات بشكل عادل مع دول ثالثة".

وكتبت فون دير لاين على منصة "إكس": "ينبغي لنا أيضاً أن نستمر في استكشاف السبل الممكنة للمضي قدماً فيما يتعلق بفكرة تطوير مراكز العودة خارج الاتحاد الأوروبي، وخاصة في ضوء الاقتراح التشريعي الجديد بشأن الترحيل".

خطة أوروبية متشددة

وتدفع فون دير لاين أيضاً إلى تحديد "دول ثالثة آمنة" على مستوى الاتحاد الأوروبي لتجنب الخلافات بين الدول الأعضاء وتسريع معدل الترحيل، الذي لا يزال يتراوح بين 20% و30% دون تغيير كبير، وفق "يورو نيوز".

وأعاد هذا المعدل البطيء، الهجرة إلى الطاولة السياسية بقوة، على الرغم من أن الكتلة أكملت مؤخراً إصلاحاً صعباً. وفي الأسبوع الماضي، أرسلت مجموعة من 17 دولة أوروبية وثيقة إلى المفوضية تطالب بـ"تحول نموذجي" بشأن عمليات الترحيل.

اقرأ أيضاً

من أوربان إلى شولتز.. قادة الاتحاد الأوروبي يضغطون لصد تدفقات الهجرة

من الرجل القوي في المجر فيكتور أوربان إلى رئيسة الوزراء الاشتراكية الدنمركية مته فريدريكسن، يشترك زعماء أوروبا في شيء واحد، وهو الرغبة في الحد من الهجرة.

وقالت الدول السبع عشرة: "يجب محاسبة الأشخاص الذين لا يتمتعون بالحق في البقاء، كما يجب أن يحدد الأساس القانوني الجديد التزاماتهم وواجباتهم بوضوح". وأضافت أيضاً "يجب أن يكون لعدم التعاون عواقب، ويجب معاقبتهم".

وتتضمن القواعد الأوروبية الجديدة إجراءات تتعلق بـ"احتجاز وطرد أولئك الذين يعتبرون تهديداً للنظام العام والأمن، واستخدام سياسات التأشيرات والتجارة كوسيلة ضغط لإقناع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بقبول مواطنيها بعد رفض طلبات اللجوء الخاصة بهم. (وقد تم اعتبار هذا الافتقار إلى التعاون أحد العوامل الرئيسية وراء انخفاض معدل العودة)، وفق "يورو نيوز".

وقالت فون دير لاين: "لا يمكن أن تكون سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي مستدامة، إلّا إذا تم ترحيل أولئك الذين لا يتمتعون بالحق في البقاء في الاتحاد الأوروبي بشكل فعال".

وتشمل الأفكار الأخرى التي طرحتها المفوضية الأوروبية توقيع المزيد من الصفقات الممولة من الاتحاد الأوروبي مع الدول المجاورة (كما فعلت مع تونس ومصر)، وقواعد أكثر صرامة لمكافحة الاتجار بالبشر، وإقرار مزيد من المساعدات الإنسانية للدول التي مزقتها الحرب في الشرق الأوسط.

وتؤكد فون دير لاين أيضاً على أن أي مشاريع ينفذها الاتحاد الأوروبي يجب أن تحترم "مبادئ وقيم الاتحاد الأوروبي، والالتزامات بموجب القانون الدولي وحماية الحقوق الأساسية" وضمان "حلول مستدامة وعادلة" للمهاجرين، حتى لو حذرت المنظمات غير الحكومية من أن نقل الهجرة إلى الخارج يشكل مشكلة جوهرية.

رفض حقوقي

وفي يوليو الماضي، قالت مجموعة من 90 منظمة حقوقية: "إن هذه المقترحات المثيرة للجدل تسعى إلى تفكيك المبدأ الأساسي للحماية الدولية: وهو أن الأشخاص الخاضعين لولاية قضائية لديهم الحق في طلب اللجوء في تلك الولاية القضائية، وأن يتم فحص هذا الطلب بشكل عادل".

وقال وزير الداخلية الإيطالي الأسبوع الماضي إنه يتوقع أن يصبح البرنامج رادعاً للمهاجرين الساعين إلى دخول إيطاليا.

وقالت ميلوني إنها ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ناقشا خطة ألبانيا خلال زيارته الأخيرة لإيطاليا، وأن الحكومة البريطانية أظهرت "اهتماماً كبيراً" بها، وفق "نيويورك تايمز".

واتهم زعيم الحزب الديمقراطي المعارض في إيطاليا، إيلي شلاين، الحكومة الاثنين بإهدار المال العام لبناء مراكز المهاجرين في ألبانيا.

وتضم القائمة الإيطالية حالياً 21 دولة تصنف على أنها آمنة. وفي العام الماضي وصل إلى إيطاليا 56 ألفاً و588 مهاجراً من أربع فقط من هذه الدول وهي بنجلاديش ومصر وكوت ديفوار وتونس.

وبموجب شروط الاتفاق مع ألبانيا، يمكن إرسال ما يصل إلى 36 ألف مهاجر إليها كل عام، ما دام أنهم ينتمون لأحد البلدان الآمنة المدرجة في القائمة، وهو ما يحد بشدة من إمكانية حصولهم على اللجوء.