تُعد الإعلانات التلفزيونية المرتبطة بعيد الميلاد من أبرز التقاليد الاحتفالية في المملكة المتحدة، وتستثمر الشركات البريطانية مبالغ ضخمة تتجاوز المليارات لجعل هذه المناسبة السنوية فرصة لتعزيز حضورها في السوق وترسيخ علاماتها التجارية.

ويُتوقع أن تصل قيمة الإنفاق على إعلانات عيد الميلاد هذا العام إلى مستوى قياسي يقدر بـ10.5 مليارات جنيه إسترليني (13.38 مليار دولار)، مع التركيز على الإعلانات الرقمية بشكل متزايد، وفقًا لتقرير صادر عن هيئة "أدفرتايزينغ أسوسييشن" وشركة الاستشارات التسويقية WARC.

استراتيجيات إعلانات عيد الميلاد

أوضح جيمس ماكدونالد، المدير في شركة WARC، أن هذه الفترة من العام تشهد تضخمًا كبيرًا في ميزانيات التسويق، حيث تبذل الفرق الإبداعية جهدًا كبيرًا لإيصال الرسائل المؤثرة التي تعزز ولاء المستهلكين وتدفع المبيعات.

ومع نهاية احتفالات "الهالوين"، بدأت إعلانات عيد الميلاد تهيمن على شاشات التلفزيون ومنصات البث، لتصبح موضوعًا بارزًا في أحاديث البريطانيين.

حملات إعلانية بارزة

بالنسبة إلى "تيسكو" التي لم تتردد في إعلان أنها تتبرع هذا العام بجزء من مبيعات خبز الزنجبيل للجمعيات الخيرية، وعلى غرار شركات أخرى عاملة في قطاع التوزيع، تشكل فترة عيد الميلاد مرحلة سنوية رئيسية.

في العام الماضي، حققت سلسة المتاجر الرائدة في البلاد مبيعات قياسية بلغت 16,8 مليار جنيه إسترليني خلال فترة 19 أسبوعا انتهت في بداية يناير، وبالتالي من غير الوارد عليها تفويت الفرصة هذه السنة.

ويؤكد ريتشارد ليم، المدير الإداري لمجموعة أبحاث اقتصاديات التجزئة Retail Economics لوكالة فرانس برس "من الصعب للغاية تحديد العائد على الاستثمار لحملة إعلانية معينة"، لكن بعض الشركات مع ذلك تنفق "ملايين الجنيهات الاسترلينية" على عروض عيد الميلاد هذه.

كذلك، لم تعد الإعلانات تقتصر على الشاشات الصغيرة، إذ تعتمد الشركات بشكل متزايد على انتشار منصات البث التدفقي.

تعرض سلسلة متاجر "ألدي" الألمانية التي استقطبت المستهلكين في السنوات الأخيرة بسبب انخفاض أسعارها في خضم أزمة القوة الشرائية، في فترة أعياد نهاية العام إعلانات تظهر شخصية بالرسوم المتحركة على شكل جزرة تدعى "كيفن"، وهي شخصية معروفة لدى مشاهدي التلفزيون البريطاني، مع مهمة تقوم على إنقاذ روح عيد الميلاد بعدما استحوذت عليها حلوى شريرة.

تفاعل الجماهير والإيرادات المتوقعة

وفقًا لدراسة أجرتها شركة "كانتار"، ينتظر أكثر من نصف البريطانيين إعلانات عيد الميلاد بفارغ الصبر، وأفاد حوالي 60 بالمئة بأنهم يعشقون هذه الإعلانات التي تُدخل البهجة والمرح إلى حياتهم.

وتشير الدراسة إلى أن إعلانات عيد الميلاد قادرة على إحداث تأثير كبير في قرارات الشراء، خاصةً إذا تم تقديمها بشكل مبتكر وجذاب.

وبالرغم من الحماس الكبير، أثار توقيت عرض الإعلانات جدلًا بين المستهلكين، حيث يرى ثلثا البريطانيين أن إطلاقها في وقت مبكر جدًا قد يفقدها جزءًا من سحرها.

بالإضافة إلى ذلك، واجهت بعض الإعلانات انتقادات، مثل إعلان كوكا كولا الذي تم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما أثار مخاوف بشأن فقدان العنصر البشري في المحتوى الإبداعي.

ومع تزايد شعبية منصات البث، بدأت الشركات في تخصيص ميزانيات ضخمة للإعلانات على هذه المنصات، وتُعتبر هذه القنوات وسيلة فعّالة للوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور، خاصة بين الأجيال الشابة.

النظرة المستقبلية

تُظهر بيانات السوق أن إعلانات عيد الميلاد لا تزال تُعد استثمارًا أساسيًا للشركات البريطانية، حيث تسهم في بناء العلاقات مع العملاء، وزيادة المبيعات، وتعزيز قوة العلامة التجارية.

ومع استمرار المنافسة، يتوقع المحللون أن تتجه الشركات إلى تقديم إعلانات أكثر ابتكارًا وشمولية، تجمع بين الجوانب الترفيهية والرسائل الاجتماعية.