نشرت مجلة التسويق والإدارة الفندقية، الشهر الماضي، دراسة مفادها أن وصف المنتج بأنه «يستخدم الذكاء الاصطناعي» يقلل من نية العميل لشرائه، هذا بعد أن درس الباحثون سلوك المستهلكين من مختلف الفئات العمرية بعد أن عرضوا عليهم المنتجات نفسها، مرة بوصفها منتجات «عالية التقنية» ومرة بوصفها «تستخدم الذكاء الاصطناعي».
وقال أحد مُعدي الدراسة وأستاذ إدارة أعمال الضيافة في جامعة ولاية واشنطن، دوغان جورسوي في مقابلة مع شبكة CNN «لقد قمنا بدراسة الأثر على المستهلك عند رغبته في الحصول على عدد من الخدمات والمنتجات، منها خدمات المستهلك والخدمات الصحية ومبيعات السيارات ذاتية القيادة وأجهزة التلفاز وغيرها، وفي كل سلعة أو خدمة كانت نية شراء أو استخدام المنتج أو الخدمة أقل بكثير كلما ذكرنا الذكاء الاصطناعي في وصف المنتج».
وتظهر الدراسة أن تردد المستهلكين في دمج الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية، هو انفصال واضح عن الحماس الذي يحرك الابتكارات في شركات التكنولوجيا الكبرى.
وكان نفور المستهلكين هو الأمر السائد سواء كانت المنتجات والخدمات «منخفضة المخاطر»، مثل المكانس الكهربائية وغيرها من الأجهزة المنزلية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، أو «عالية المخاطر»، مثل السيارات ذاتية القيادة وخدمات اتخاذ القرارات الاستثمارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي وخدمات التشخيص الطبي.
وإن كان النفور من الخدمات والسلع عالية المخاطر أعلى.
أسباب النفور من الذكاء الاصطناعي
هناك 3 أسباب للنفور من المنتجات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أولها «انخفاض الثقة بسبب قلة المعرفة»، وثانيها «الخوف من المجهول» وثالثها «غياب الشفافية».
لا يثق الناس بتطبيقات الذكاء الاصطناعي لأنها تخطئ، وهذا على عكس الشائع عنها أنها آلات لا يتدخل في عملها البشر المحملون بالأخطاء البشرية، وكلما أخطأ الذكاء الاصطناعي تآكلت الثقة بسرعة.
وبالفعل بدأت «غوغل» بالتراجع عن تقديم بعض المميزات مثل تلخيص نتائج البحث للمستخدمين وتقديمها لهم في أعلى صفحة البحث، وهذا بعد أن الذكاء الاصطناعي قدّم إجابات خاطئة على أسئلة المستخدمين، ما أثار موجة من الانتقادات.
وقال جورسوي إن عدم معرفة المستهلكين بطبيعة عمل الذكاء الاصطناعي يدفعهم إلى بناء أحكام ذاتية والاعتماد على العواطف في تقييم التكنولوجيا، ما يرفع التوقعات ويزيد من خيبات الأمل عندما نفشل في بلوغ هذه التوقعات.
وأضاف جورسوي أن أحد الأسباب التي تجعل الناس غير راغبين في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي هو الخوف من المجهول، «قبل تقديم تشات جي بي تي لم يكن لدى الكثير من الناس أي فكرة عن الذكاء الاصطناعي، لكن الذكاء الاصطناعي كان يعمل في الخلفية لسنوات في الخدمات الرقمية والتصحيح التلقائي للكتابة على هاتفك وفي خوارزمية نتفليكس التي توصي لك بمشاهدة أفلام وفق تفضيلاتك السابقة»، ولكن منذ إطلاق تشات جي بي تي اتضح أن الطريقة التي ينظر بها للذكاء الاصطناعي في الثقافة الشعبية لا تساعد على تعزيز الثقة في التكنولوجيا.
ويرى جورسوي أن أفلام الخيال العلمي في هوليوود التي تصور الروبوتات كأشرار كان لها تأثير كبير على تشكيل التصور العام تجاه الذكاء الاصطناعي، «قبل أن يسمع الناس عن الذكاء الاصطناعي، شكّلت تلك الأفلام تصور الناس لما يمكن أن تفعله الروبوتات التي يديرها الذكاء الاصطناعي بالبشرية».
بالإضافة إلى ذلك يتخوف المستهلكون من الافتقار إلى الشفافية في ما يخص كيفية تعامل الذكاء الاصطناعي مع البيانات الشخصية للمستخدمين، خاصة أن الحكومات ما زالت متأخرة في جهود ضبط وتنظيم سوق الذكاء الاصطناعي.
وقال جورسوي «لدى الناس مخاوف بشأن الخصوصية، فهم لا يعرفون كيف تعمل الخوارزميات»، محذراً من أن يتسبب الافتقار إلى الشفافية في إفساد تصورات العملاء تجاه العلامات التجارية التي يثقون بها بالفعل، ولهذا السبب تحذّر الدراسة الشركات من استخدام علامة «الذكاء الاصطناعي» بتكرار ممل دون توضيح قدراتها، والأفضل إخبار الناس بكيفية مساعدة الذكاء الاصطناعي لهم، حتى لا تتزايد مخاوف المستهلكين.
(إيريكا تولفو، CNN)