منذ استحواذه على موقع تويتر، انعطف إيلون ماسك سياسياً بشكل واضح نحو اليمين، ليكسر الفكرة النمطية السائدة، بأن سيليكون فالي، (المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة ومعقل صناعة التكنولوجيا في أميركا)، هي حصن لليبراليين الأثرياء.

وبعدما بقيت توجهات ماسك لفترة طويلة غير قابلة للتعريف وفق القاموس السياسي التقليدي، باتت الآن يمينية متشددة بشكل لا لبس فيه، إذ يستخدم منصته إكس لإثارة قضايا تحتل الأولوية لدى شبكة فوكس نيوز المحافظة، والحركات اليمينية المتطرفة في مختلف أنحاء دول الغرب.

وفي أحدث مثال على ذلك، كتب ماسك الأسبوع الماضي أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستقدم المهاجرين للحصول على أصواتهم، مما يؤسس لأمر أسوأ بكثير من اعتداءات 11 سبتمبر.

ولكن بمعزل عن المنشورات على منصات التواصل، يتساءل كثر ما إذا كان ثاني أثرى أثرياء العالم سيسخّر ثقله وثروته لدعم محاولة الرئيس السابق دونالد ترامب العودة إلى البيت الأبيض، وتعززت الشائعات بهذا الشأن بعدما كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن الرجلين التقيا مع مانحين جمهوريين آخرين في فلوريدا الأسبوع الماضي.


ويتقدم الرئيس الديموقراطي جو بايدن، بفارق كبير على ترامب، في جمع الأموال لحملته، رغم أن الأخير يمضي دون منافسة لحصد ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة، ويمكن لماسك أن يغطي الفارق المالي بمفرده، لكنه كتب عبر منصة إكس: "لكي أكون واضحا جداً، أنا لا أتبرع بالمال لأي من المرشحَين لمنصب رئيس الولايات المتحدة". 

ولكن يخشى مؤيدو بايدن أن يغيّر ماسك رأيه أو يموّل اللجان السياسية التي تموّل بدورها ترامب، أو يجد طرقاً أخرى لمساعدة الجمهوريين.

ومن جهة أخرى، ماسك ليس بمفرده في الميدان، اذ يضمّ وادي السيليكون شخصيات أخرى تدافع أيضاً عن قضايا محافظة، وتُسمع أصواتها في مكان تعبر معقلاً ليبرالياً انتخابياً.

وفي العام 2020، كانت حصة ترامب من الأصوات في سيليكون فالي أقل من 25%، لكن يسعى بعض كبار رجال الأعمال إلى إنشاء حركة سياسية تتبنى القضايا المحافظة والعملات المشفرة، وتتعارض مع التوجه التقليدي لولاية كاليفورنيا. 

التحوّل إلى اليمين المتشدد

وأحد أبرز الأصوات في هذا التحول، هو مارك أندريسن، من أقطاب الإنترنت الأوائل، ومؤسس شركة نتسكيب، يشارك حالياً في إدارة أندريسن هورويتز، إحدى شركات رأس المال الاستثماري، يحارب الآن بشدة ضد أولويات اليسار، ولا سيما ما يسمى اعتبارات اليقظة (ووكيسم) بشأن المساواة أو الشمولية في مكان العمل.

هذا التحوّل إلى اليمين المتشدد في المنطقة التي عُرفت بحص الليبرالية، دفع إلى إطلاق برنامج حواري إذاعي بودكاست ناجح يسمى أول إن All-In يتحدث فيه 4 من كبار الشخصيات في مجال التكنولوجيا، وبعض أصدقاء ماسك، عن العالم وآخر التطورات التقنية. 

وفي سان فرنسيسكو،  تراجعت تأثير شركات التكنولوجيا التي تنادي بالتنوع، بسبب الانتقادات الموجهة إلى سان فرانسيسكو على خلفية انتشار المخدرات والجريمة، أو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يبالغ في الدفاع عن هذه المفاهيم.

تزايد النفوذ المحافظ

وواجه رئيس مجلس إدارة غوغل سوندار بيتشاي الشهر الماضي، انتقادات وخسرت أسهم شركته بعضاً من قيمتها، بعدما تبيّن أن تطبيق "جيميني ايه آي" الذي أُطلقته مؤخراً، أنتج صوراً لقوات نازية متنوعة عرقياً في الحرب العالمية الثانية وغيرها من الأخطاء التي اعتبرت المخالفة للتاريخ.

وفي مؤشر إلى تزايد النفوذ المحافظ، وصف بيتشاي فوضى الذكاء الاصطناعي بأنها غير مقبولة على الإطلاق.

وقال أحد مؤسسي غوغل سيرغي برين: "أخطأنا بالتأكيد في توليد مثل هذه الصور اليسارية المتطرفة".


(أ ف ب)