
شهدت وول ستريت واحدة من أشد العواصف المالية في تاريخها الحديث، حيث فقدت سوق الأسهم الأميركية ما يقارب 3.5 تريليون دولار في أسبوعين فقط، متجاوزة بذلك حجم الاقتصاد البريطاني بالكامل.
جاءت هذه الخسائر المدوية نتيجة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، والتي أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وإلغاء خطط خفض الفائدة. كما تعرضت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل إنفيديا، لضربات قاسية، حيث خسرت وحدها 1.2 تريليون دولار من قيمتها السوقية خلال شهرين.
الرسوم الجمركية: سلاح ذو حدين
استخدم ترامب الرسوم الجمركية كسلاح لتهديد الخصوم التجاريين، لكن هذه السياسة انقلبت عليه بشكل غير متوقع. فبدلًا من تحقيق المكاسب، دفعت وول ستريت فاتورة باهظة، حيث بلغت خسائرها الإجمالية منذ فوز ترامب في الانتخابات 6.5 تريليون دولار. كما خسرت أكبر ست شركات تكنولوجيا أميركية 2.2 تريليون دولار من قيمتها السوقية منذ بداية العام، وهو رقم يتجاوز إجمالي القيمة السوقية للبورصتين الأسترالية والنيوزيلندية مجتمعتين. وهو ما يعكس حجم التأثير السلبي للحرب التجارية على الاقتصاد الأميركي.
الدولار يترنح.. هل يفقد عرش العملات العالمية؟
في ظل هذه العاصفة المالية، تراجع الدولار الأميركي ليصبح أسوأ العملات الرئيسية أداء منذ بداية العام.
من جانبه، أكد علي العدو، مدير إدارة الأصول في "Entrust Capital"، خلال حديثه لبرنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية أن السياسات الاقتصادية لإدارة ترامب ساهمت في إبطاء الاقتصاد الأميركي ورفع نسبة البطالة، مما أدى إلى تراجع الثقة في العملة الأميركية على المدى القصير.
وأضاف العدو: "ما نراه اليوم هو نتيجة محاولة إدارة ترامب لإبطاء الاقتصاد الأميركي ورفع نسبة البطالة، بهدف خفض نسب الفوائد. هذه السياسات أدت إلى تراجع التقييمات المرتفعة للأسهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا". كما أشار إلى أن المستثمرين بدأوا في التخلص من الأسهم ذات القيم المرتفعة، مما زاد من حدة الخسائر في وول ستريت.
وأشار العدو خلال حديثه الى وجود تحديات كبيرة تواجه سوق السندات الأميركية، حيث تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة تمويل 3.8 تريليون دولار من السندات خلال الأشهر الستة المقبلة. هذه الديون، التي تم إصدارها خلال فترات الفائدة المنخفضة أثناء أزمة كوفيد-19، ستصبح أكثر تكلفة في ظل معدلات الفائدة الحالية، مما يزيد الضغوط على الاقتصاد الأميركي.
أسهم التكنولوجيا تتراجع: نهاية عصر النمو السريع؟
تعرضت أسهم شركات التكنولوجيا لضغوط هائلة، حيث تغيرت توقعات النمو لهذه الشركات بشكل كبير. وأوضح العدو أن ارتفاع تكاليف التشغيل والعقوبات التجارية، خاصة في أسواق مثل الصين وأوروبا، أدت إلى تراجع قيمتها السوقية. كما أشار إلى أن السيولة النقدية أصبحت عنصرًا حاسمًا في محافظ المستثمرين الكبار، خاصة مع ارتفاع نسبة الديون الأميركية التي تحتاج إلى إعادة تمويل.
مستقبل وول ستريت: بين الفرص الاستثمارية وتحديات السياسات التجارية
رغم التحديات الحالية، يرى الخبراء أن الاقتصاد الأميركي سيظل الأقوى على المدى الطويل، مع وجود فرص استثمارية جذابة في أسواق الأسهم بعد التراجعات الكبيرة التي شهدتها. ومع ذلك، فإن السياسات التجارية الحالية وتداعياتها على النمو الاقتصادي ستظل العامل الحاسم في تحديد اتجاهات الأسواق خلال الفترة المقبلة.
الذهب سيبلغ 3150 دولار قبل نهاية العام
كما توقع مدير إدارة الأصول فيEntrust Capita، علي العدو خلال حديثه لسكاي نيوز عربية إن يبلغ الذهب مستويات الـ 3150 دولار قبل نهاية العام الجاري، مشددا على أن الكاش والذهب جزء مهم في المحفظة الاستثمارية للتحوط أمام التقلبات.
ولفت علي العدو إلى أن أسواق منطقة الخليج تقدم عوائد استثمارية تنافس الأسواق العالمية.