تطبيق مشاركة مقاطع الفيديو القصيرة "تيك توك" هو المكان الذي على الأغلب تُشاهد فيه رقصات غريبة ودروس مكياج وفيديوهات ترفيهية عدّة، إلا أنه بالنسبة للولايات المتحدة، يُمثل تهديدا خطيرا لأمنها القومي.
وتقول وكالة "بلومبرغ" إن لتطبيق تيك توك المملوك لشركة "بايت دانس" الصينية تداعيات جيوسياسية تتجاوز بكثير شاشة الهاتف المحمول.
ما الذي يجعل تيك توك مختلفا؟
منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل YouTubeو Facebook وInstagram وTikTok تجمع كل أنواع البيانات حول كل مستخدم من خلال خوارزمية تستغل تلك المعلومات لتقديم عروض وخدمات لما يريده الشخص.
لكن "تيك توك" تحديدا يُنظر إليه على أنه الأكثر تقدما وفعالية في التعرف على اهتماماتك، بناء على المدة التي تقضيها مع مقطع فيديو وما إذا كنت ترغب في ذلك أو إعادة توجيهه أو التعليق عليه، ومن خلال الخوارزمية الخاصة به يقدم المزيد "من أجلك".
قد يعتبر البعض أنه من المبالغ القول إن "تيك توك" يعرفك أفضل مما تعرف نفسك.
وهذا يجعل الملكية الصينية لـ"تيك توك" الفرق الأبرز بينها وبين وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، في نظر النقاد الأميركيين.
ما أكبر المخاوف بشأن "تيك توك"؟
تتضمن مخاوف الأمن القومي سيناريوهات افتراضية، وإن لم تكن غير قابلة للتصديق، تستخدم فيها الحكومة الصينية نفوذها لتحويل "تيك توك" إلى أداة للضرر ضد المصالح الأميركية، من خلال قنوات مثل:
- جمع البيانات ومجالات اهتمامك.
- يعرف "تيك توك" عنوان جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو الهاتف.
- إذا اخترت السماح له بذلك فإن بيانات موقعك الدقيقة يعرفها.
- يعرف من على قائمة جهات الاتصال الخاصة بك.
وطرح أمر تنفيذي صدر عام 2020 عن الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب إمكانية أن تستخدم الصين بيانات "تيك توك لتتبع مواقع الموظفين والمتعاقدين الفيدراليين" و"التجسس على الشركات".
ويشعر مسؤولو الأمن القومي الأميركي بالقلق من أن "تيك توك" قد يحاول تشكيل الرأي العام الأميركي من خلال قمع أو الترويج لبعض مقاطع الفيديو بشكل استراتيجي.
هل هناك أدلة لدعم هذه المخاوف؟
في ديسمبر 2022، اعترف الرئيسان التنفيذيان لبيتيدانس وتيك توك بأن موظفي بايتيدانس قد دخلوا بشكل غير لائق إلى عنوان بروتوكول الإنترنت للمستخدمين الأميركيين، بما في ذلك الصحفيون الذين يكتبون قصصا انتقادية عن الشركة.
تُحقق وزارة العدل فيما إذا كان ذلك يرقى إلى مستوى المراقبة غير السليمة للأميركيين.
هناك تقارير عديدة في السنوات الأخيرة حول محاولة الصين من خلال وسائل مختلفة التأثير على السياسة الأميركية، بما في ذلك الانتخابات.
تستمر هذه الأنواع من الحملات المنسقة في الانتشار عبر جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي.
ماذا تقول الشركة؟
تقول "تيك توك" إن استقلالها ينعكس في حقيقة أن رئيسها التنفيذي يقع في سنغافورة، وكبير مسؤولي العمليات في الولايات المتحدة ورئيسها العالمي للثقة والسلامة في أيرلندا.
وقال شو تشيو الرئيس التنفيذي لشركة تيك توك في تصريحات يوم الخميس في جلسة استماع في الكونغرس الأميركي: "أفهم أن هناك مخاوف ناشئة عن الاعتقاد غير الدقيق بأن هيكل شركة تيك توك يجعلها مدينة بالفضل للحكومة الصينية أو أنها تشارك المعلومات حول المستخدمين الأميركيين مع الحكومة الصينية".
"هذا غير صحيح بشكل قاطع. اسمحوا لي أن أقول هذا بشكل لا لبس فيه: بيتيدانس ليست وكيلا للصين أو أي بلد آخر"، يؤكد تشيو.
ويضيف: "كان تيك توك يأمل في حل المخاوف بشأن البيانات من خلال ما يسمى بمشروع تكساس، والذي تضمن الشراكة مع شركة أوراكل ومقرها أوستن لتخزين بيانات المستخدم وتدقيق خوارزميات النظام الأساسي".
ما هي المخاوف بشأن "تيك توك" خارج الدوائر الحكومية؟
إضافة إلى ما سبق، فنجاح التطبيق الصيني في جذب انتباه مستخدميه أثار قلق بعض الآباء والمعلمين.
قام صانع برامج الرقابة الأبوية كوستوديوبتحليل 400 ألف حساب عائلي لشركة تك كرانش ووجد أن المراهقين والأطفال الأميركيين يقضون ما معدله 99 دقيقة يوميا على تيك توك في عام 2021، مقارنة بـ61 دقيقة على موقع يوتيوب.
كما أثار عدد من تحديات "تيك توك" المميتة القلق.
وظلّ اسم التطبيق الصيني مرتبطا بوفاة ما لا يقل عن 15 طفلا في سن 12 أو أقل، بالإضافة إلى 5 أطفال في سن 13 و 14، على مدى 18 شهرا فقط جسب بلومبرغ بيزنس في نوفمبر.
ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها ضد "تيك توك"؟
واستنادا لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، حظرت الهند في عام 2020 استخدام "تيك توك" وعشرات التطبيقات الأخرى التي طورتها الشركات الصينية.
وجاءت هذه الخطوة بعد أيام من نزاع حدودي بين الهند والصين أسفر عن مقتل 20 جنديا هنديا.
حظرت الولايات المتحدة تنزيل أو استخدام "تيك توك" على أجهزة الحكومة الفيدرالية، وكذلك فعلت المملكة المتحدة وكندا وبلجيكا وتايوان.
أكثر من 20 ولاية أميركية أقرّت حظرا مماثلا، وبعضها ينطبق على شبكات واي فاي الحرم الجامعي العام.
كان الأمر التنفيذي لترامب لعام 2020 سيحظر بشكل فعال "تيك توك" في الولايات المتحدة لكنه توقف في المحاكم حتى انتهاء فترة ترامب.
اختار بايدن مسارا مختلفا، حيث بدأ مراجعة للأمن القومي للتطبيق استمرت لسنوات دون حل.
في الآونة الأخيرة، ضغطت إدارة بايدن لسحب "بايت دانس" حصتها في "تيك توك" أو مواجهة حظر أميركي.
ما هي المشاريع الأميركية قيد النظر؟
4 مشاريع قوانين مقترحة في الكونغرس الأميركي ستحدّ من سلطة "تيك توك".
المشروع الذي تفضله إدارة بايدن سيمنح الرئيس سلطة حظر أو فرض بيع التقنيات أو التطبيقات أو البرامج أو منصات التجارة الإلكترونية المملوكة للأجانب إذا كانت تُشكل تهديدا للأمن القومي للمستخدمين الأميركيين.
وناقشت إدارة "تيك توك" إمكانية الانفصال عن الشركة الأم الصينية كملاذ أخير، حسبما ذكرت بلومبرغ.
ماذا يعني أن تحظر الولايات المتحدة "تيك توك"؟
لا توجد سابقة حقيقية لحظر تطبيق شائع الاستخدام حول العالم مثل "تيك توك" في الولايات المتحدة.
قد تتسبب مثل هذه الخطوة في رد فعل عنيف حقيقي من المستخدمين الذين يرون تطبيق الوسائط الاجتماعية كجزء من هويتهم.
ويخشى آخرون من أنه قد يؤدي إلى موجة من الردود المماثلة من الدول التي تمنع شركات التكنولوجيا الأميركية.
(ترجمات)