أعلن الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، الثلاثاء، في خطاب تلفزيوني مفاجئ بث في ساعة متأخرة من الليل، فرض الأحكام العرفية في البلاد.

وبرر الرئيس هذه الخطوة بضرورة حماية كوريا الجنوبية من "القوات الشيوعية" والتصدي للعناصر "المناهضة للدولة".

وأشار يون إلى تحركات حزب المعارضة الديمقراطي، الذي يسيطر على البرلمان، لعزل كبار المدعين العامين ورفض مقترح الميزانية الحكومية، معتبرًا أن هذه الأفعال تهدد استقرار البلاد.

وقال يون في خطابه: "لحماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية في كوريا الشمالية والقضاء على العناصر المناهضة للدولة... أعلن بموجبه حالة الطوارئ والأحكام العرفية".

في أعقاب هذا الإعلان، أمر وزير الدفاع، كيم يونغ-هيون، بعقد اجتماع طارئ لكبار القادة العسكريين، داعيًا إلى رفع مستوى اليقظة والبقاء في حالة تأهب قصوى.

ووفقًا لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب"، تم تعزيز الإجراءات الأمنية حول البرلمان، مما أعاق دخول المشرعين إلى المبنى.

من جانبه، وصف رئيس الحزب الحاكم، هان دونغ هون، إعلان الأحكام العرفية بأنه "خطأ"، مؤكدًا عزمه على منعه بالتعاون مع الشعب.

كما اعتبرت أحزاب أخرى هذه الخطوة "غير دستورية ومعادية للعامة".

الانعكاسات الاقتصادية

أعلن المتحدث باسم وزير المالية الكوري، أن الوزير سيعقد اجتماعا بين كبار المسؤولين الاقتصاديين في الساعة 11:40 مساء بتوقيت كوريا الجنوبية

وهبطت قيمة الوون الكوري الجنوبي بشكل حاد مقابل الدولار الأميركي، إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2022، بعد وقت قصير من إعلان الأحكام العرفية.

وشهد الدولار الأميركي ارتفاعًا بنسبة 2٪ مقابل الوون، بحلول الساعة 2:50 بتوقيت غرينتش.

كما انخفضت أسهم الشركات الكورية المدرجة في الولايات المتحدة، فقد تراجعت أسهم "Coupang" و"Posco Holdings" بنحو 6 بالمئة، بينما انخفضت "KT Corp" و"KB Financial" بنسبة 3 بالمئة و 1 بالمئة على التوالي.

وأعلنت سوق الأسهم في كوريا الجنوبية أنها ستعمل كالمعتاد غدا الأربعاء.

الخلفيات السياسية

تأتي هذه التطورات في ظل توترات سياسية متصاعدة في كوريا الجنوبية.

في أبريل 2024، فاز الحزب الديمقراطي المعارض بأغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية، مما أدى إلى تعقيد جهود الرئيس يون في تمرير سياساته.

وتعهد الرئيس آنذاك بإجراء "إصلاحات" لمواجهة التحديات الناجمة عن هيمنة المعارضة على البرلمان.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت البلاد في السنوات الأخيرة فضائح سياسية كبرى، في عام 2017، أيدت المحكمة الدستورية قرار البرلمان بعزل الرئيسة بارك غيون-هي بسبب تورطها في فضيحة فساد، مما أدى إلى احتجاجات واسعة ومطالبات بالإصلاح.

وفقًا لدستور كوريا الجنوبية، يحق للرئيس إعلان الأحكام العرفية، ولكن يتعين عليه إخطار الجمعية الوطنية دون تأخير، وإذا طلبت الجمعية رفع الأحكام العرفية بموافقة أغلبية أعضائها، يجب على الرئيس الامتثال لذلك.

تأتي هذه الأحداث أيضا في سياق إقليمي متوتر، حيث صنّفت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية كدولة معادية في يناير 2024، مما زاد من حدة التوترات في شبه الجزيرة الكورية.

ورد الرئيس يون آنذاك بانتقاد هذه الخطوة، متعهدًا برد قوي على أي استفزازات من بيونغ يانغ.

يُذكر أن الرئيس يون سوك يول، الذي تولى منصبه في مايو 2022، دعا في خطاب تنصيبه كوريا الشمالية إلى نزع سلاحها النووي بالكامل، مقابل تقديم مساعدات اقتصادية ضخمة، مؤكدًا أن الترسانة النووية لبيونغ يانغ تشكل تهديدًا للأمن العالمي.