العطل التقني الذي ضرب برامج شركة "مايكروسوفت" بالأمس، وأدى إلى شلّ أهم القطاعات الحيوية في العالم، أثر بكل تأكيد على عالم المال والأعمال وتسبب في ضرر اقتصادي كبير على مؤشرات البورصات والأسهم العالمية.

والبداية من المحرك الأبرز لمختلف الصناعات وهو قطاع الغاز والنفط، إذ كشفت مصادر عالمية، أن عدة مقرات رئيسية لتداول النفط والغاز في لندن وسنغافورة وجدت صعوبة في إنهاء المعاملات.

عطل تقني عالمي

وللسبب ذاته، لم تتمكن بورصتا لندن وميلانو من إعلان معدلات التغيير في تداولتها عند افتتاح المعاملات ولم تبدأ بعرض أسعار الأسهم إلا بعد تأخير لمدة 20 دقيقة.

وفي ظل تأثر عدد من البورصات العالمية بالخلل التقني، تعرضت مباشرة الأسهم الأوروبية بالسلب، حيث كشفت تقارير اقتصادية عن تراجعها بشكل كبير، أما عن أسهم الشركات المسؤولة عن هذه الفوضى فقد شهدت انخفاضا ملحوظا أيضًا هذا اليوم وتحديدا أسهم "كراود سترايك" و"مايكروسوفت".

من جانبها، أبلغت العديد من المؤسسات المالية والبنوك عن تعطل خدماتها خصوصا في بنوك أستراليا ونيوزيلندا.

ومن المتوقع تأخير وإلغاء الرحلات الجوية في نهاية هذا الأسبوع بعد انقطاع تكنولوجيا المعلومات العالمي - حيث حذر الخبراء من أن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى تتعافى الأنظمة بالكامل.

وقال خبير تكنولوجيا المعلومات، لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية آدم ليون سميث: "يجب إجراء إصلاحات على العديد من أجهزة الكمبيوتر حول العالم"، لافتا إلى أن المشكلة قد تستغرق أياما وأسابيع.

75 مليار دولار خسائر

من جهته، قال الخبير السابق في البنك الدولي، الدكتور عمر صالح، إنّ هذه الأزمة ليست الأولى، وهناك الكثير من التحذيرات خلال السنوات الماضية عن مخاطر انقطاع الإنترنت على مستوى العالم، لافتًا إلى الخسائر الكبيرة التي لحقت بأسواق المال والشركات العالمية.

وأوضح في مقابلة مع قناة ومنصة "" أنّ تعطل أنظمة مايكروسوفت لم يكن بسبب انقطاع لشبكات الإنترنت أو هجوم سيبراني أو عطل في أجهزة الكمبيوتر، ولكن المشكلة الأساسية هي اعتماد كل المؤسسات الحيوية في العالم والمتمثلة في البنوك والبورصات وشركات الطيران، على برامج مايكروسوفت بشكل أساسي.

وقال إنّ المشكلة الحقيقية هي الاعتماد بشكل كبير على الشركة وعدم وجود بدائل كثيرة للشركة، لافتا إلى مخاطر الاعتماد على شركة أو شركتين.

وكشف الخبير السابق في البنك الدولي أن الخسائر التي تعرض لها العالم في الساعات الأولى للأزمة بلغت نحو 75 مليار دولار، من بينهم 25 مليار دولار خسائر تخص شركة مايكروسوفت فقط.


أزمة "كراود سترايك" مستمرة

وأوضح أنّه على الرغم من إعلان شركة كراود سترايك انتهاء الأزمة إلا أنّه من المتوقع أن تستمر تبعاتها لبضعة أيام بسبب حالة الترقب التي ستحدث جراء هذه الأزمة.

وأشار إلى أن الخسائر لم تقتصر فقط على شركات الطيران والبورصات العالمية والبنوك ولكن الخسائر طالت الشركات الناشئة والصغيرة، لافتًا إلى أن هذه الشركات ستقوم بتعويض خسائرها بنفسها ولن تحصل على أي تعويضات من مايكروسوفت.

وألمح إلى تضرر أسواق الذهب والبترول بسبب هذه الأزمة، لافتًا إلى أن السوقين قد يؤديان إلى أزمة مالية كبيرة في العالم.

وتساءل صالح: "ماذا لو كان ما حدث هو هجوم سيبراني وتم اللعب في مسارات حركة الطائرات وتحويلات الأموال بين المؤسسات الدولية؟، مؤكدا ضرورة عدم الاعتماد على شركة واحدة في تشغيل أنظمة الشركات والمؤسسات الحيوية في العالم". 

(المشهد)