قال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي ومسؤول فرنسي، إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيناقش مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك نشر قوة حفظ سلام بعد الحرب في أوكرانيا، عندما يلتقيان في وارسو الخميس.

ويأتي اجتماع القوتين الكبيرتين في الاتحاد الأوروبي وسط مخاوف متزايدة من أن الإدارة القادمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستجبر الأوروبيين على تحمل المزيد من المسؤوليات العسكرية في أوكرانيا، حسبما نقلت "بوليتيكو".

وأكد الدبلوماسي الأوروبي صحة التقارير التي نشرها الإعلام البولندي بشأن نشر قوة حفظ سلام قوامها 40 ألف جندي، تتكون من قوات من دول أجنبية. ولم يوضح الدبلوماسي البلدان التي قد يأتي منها الجنود. 

ومع ذلك، قال مسؤول بولندي كبير إنهم فوجئوا باقتراح ماكرون المذكور.

وقال المسؤول: "هذه ليست صيغة تسمح لنا باتخاذ مثل هذا القرار"، مضيفاً أن مهام حفظ السلام يجب أن يتم إقرارها من طرف الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وليس مناقشة ثنائية مع الرئيس الفرنسي.

وأضاف المسؤول البولندي أن إرسال قوات بولندية إلى أوكرانيا "لن يكون له معنى إلا في إطار صيغة حلف الشمال الأطلسي (الناتو)".

وذكرت "بوليتيكو" أن اقتراح قوة حفظ السلام منفصل عن فكرة ماكرون السابقة بإرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا أثناء الحرب الجارية.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على ما يبدو إلى مثل هذه الخطة عند اجتماعه مع فريدريش ميرز، المرشح الأرجح لتولي منصب المستشار الألماني، بعد انتخابات العام المقبل.

وقال زيلينسكي للصحافيين: "سأخبركم بصراحة، يمكننا التفكير والعمل على خطة ماكرون، والتي اقترح فيها نشر قوات أوروبية في بعض أراضي أوكرانيا، وهو ما من شأنه أن يضمن لنا الأمن، بينما أوكرانيا ليست عضواً في حلف شمال الأطلسي".

وأضاف في معرض حديثه "ولكن يجب أن يكون لدينا فهم واضح قبل ذلك، متى ستكون أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، ومتى ستكون في الناتو".

كما أكد حاجة أوكرانيا إلى ضمانات أمنية عندما التقى ترمب في باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ويتمثل الطلب الأول لأوكرانيا في تلقي دعوة رسمية للانضمام إلى الناتو، لكن الأعضاء مثل الولايات المتحدة وألمانيا يترددون في ذلك، وعبّروا مراراً وتكراراً عن قلقهم بشأن الانجرار إلى حرب مع روسيا. 

وبدون عضوية الناتو، تخشى كييف أن يسمح أي اتفاق سلام لروسيا ببساطة باستعادة أنفاسها، ثم الهجوم مرة أخرى بمجرد إعادة بناء جيشها.

قلق بشأن بوتين

وذكرت "بوليتيكو" أن نشر قوات حفظ سلام أجنبية في أوكرانيا، سيؤدي إلى تهدئة مخاوف كييف من أن حلفائها لن يتدخلوا إذا استأنف الزعيم الروسي فلاديمير بوتين الحرب. وخاضت كييف تجربة مريرة بالتخلي عن ترسانتها النووية في عام 1994 مقابل وعود أمنية لم تمنع الهجوم الروسي.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، أولها ستيفانيشينا، للمجلة الأميركية: "من الواضح جداً أن إنهاء الحرب والفوز بالسلام لا يمكن تحقيقه إلا عندما تكون أوكرانيا في الناتو والاتحاد الأوروبي".

كما تناولت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك هذه القضية، عندما سُئلت الأسبوع الماضي، عن الدور الألماني المحتمل في أي قوة لحفظ السلام.

وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال زيارة قامت بها مؤخراً إلى كييف إن جنوداً من دول الاتحاد الأوروبي قد يخدمون في أوكرانيا ذات يوم. وقالت: "أعتقد أننا لا ينبغي لنا أن نستبعد أي شيء حقاً".

وتواجه الدول الأوروبية ضغوطاً متزايدة لتولي زمام المبادرة بشأن أوكرانيا، حيث أوضح ترمب أنه يعتقد أن أوروبا كانت متأخرة في مساعدة كييف، وأنه يهدف إلى إنهاء الحرب في غضون يوم من توليه منصبه.

وكتب ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "يجب أن يكون هناك وقف إطلاق نار فوري ويجب أن تبدأ المفاوضات".

كما حذر من أن أوكرانيا "ربما" تتلقى مساعدات عسكرية أقل بمجرد توليه منصبه، وأكد أن الولايات المتحدة ستفكر "بشكل مطلق" في الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، إذا لم يحقق الأعضاء الآخرون أهدافهم في الإنفاق الدفاعي.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الشهر الماضي أن مستشاري ترمب يقترحون خطة سلام من شأنها تجميد القتال على طول خطوط المواجهة الحالية، وإجبار أوكرانيا على تعليق مساعيها للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي لمدة 20 عاماً على الأقل، ومراقبة المنطقة منزوعة السلاح بين الجانبين بقوات من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.