تم بالفعل الانتهاء من العديد من الصفقات الكبرى هذا العام، بما في ذلك شراء استرازنيكا البريطانية لشركة جراسيل بايوتكنولوجيز الصينية، المتخصصة في تطوير العلاج بالخلايا، ومقرها الصين بقيمة 1.2 مليار دولار، كما استحوذت نوفارتس السويسرية على الأسهم المتبقية في شركة سانرينو، المتخصصة في تطوير علاج أمراض الكلى.
وتبحث شركتا بريستول مايرز سكويب الأميركية وسانوفي الفرنسية عن صفقات استحواذ جديدة في الصين، وفقاً لمصادر من داخل الشركة، حتى في الوقت الذي يتطلع فيه بعض المنافسين إلى الخروج من الصين في أعقاب اضطرابات سلسلة التوريد المرتبطة بجائحة كوفيد- 19، والتباطؤ الاقتصادي المحلي، وقرارات تخفيض الأسعار الإلزامية على الشركات ليتم إدراجها ضمن المتعاقدين مع التأمين الحكومي الصيني.
وتتعطش الشركات الصينية المتعثرة والمستثمرون المُرهقون إلى الاهتمام الأجنبي الراغب في ضخ استثمارات جديدة، حيث تشدد الهيئات التنظيمية الصينية قواعد الطرح العام الأولي، ما يضغط على الشركات التي تواجه صعوبة في جمع الأموال لدعم أعمالها البحثية.
«عمليات الاستحواذ ستساعد الشركات العالمية على خفض التكاليف، والاستفادة من الشركات المبتكرة، والتعرض للسوق الاستهلاكية الكبيرة في الصين»، يقول ماناس تشاولا، الرئيس التنفيذي لشركة لندن بوليتيكا، التي توفر خدمات استشارية لشركات الأدوية متعددة الجنسيات، ولكنه حذر «الأمر لا يخلو من المخاطر، فالتشدد في التعامل مع الصين يمثل حالة إجماع نادر بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة».
وأظهرت بيانات شركة المعلومات المالية البريطانية LSEG أن غالبية المشترين لشركات الرعاية الصحية الصينية كانوا محليين في العقدين الماضيين، وأظهرت البيانات أيضاً أن إجمالي عمليات الاستحواذ المعلنة على شركات الرعاية الصحية الصينية بلغ 6.8 مليار دولار منذ بداية العام حتى 16 يوليو، وهو أدنى مستوى خلال عقد من الزمن للفترة نفسها، الأمر الأهم أن صفقات الأجانب بلغت 720 مليون دولار فقط، بانخفاض 52 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.
استحواذات جديدة في الطريق
أعلنت ليانغ وو، رئيس تطوير الأعمال في شركة الأدوية الأميركية، بريستول مايرز سكويب، في اجتماع لجمعية الأدوية الحيوية الصينية – الأميركية أواخر يونيو، أن الشركة تبحث عن «فرص إضافية، وأحد اهتماماتها في الصين هو عقار الأجسام المضادة المترافق، وهو دواء للسرطان يجمع بين العلاج الموجه والعلاج الكيميائي، كما أن لديها حالياً اتفاقية للتطوير والتسويق الخارجي لأحد الأدوية المضادة للأجسام المضادة، التابع لشركة الأدوية الصينية سيشوان بيوكين».
وقال وي وي، مدير تخطيط المنتجات الجديدة في سانوفي، لرويترز، إن شركات الأدوية الفرنسية تستهدف شراء عدد من شركات التكنولوجيا الحيوية في الصين.
وقالت صوفيا وو، العضو المنتدب ورئيس قسم الرعاية الصحية في الصين في بنك الاستثمار BDA Partners، إن «الشركات متعددة الجنسيات مهتمة بالاستحواذ على الفرص المحتملة في مجال التكنولوجيا الحيوية والأدوية المبتكرة».
وأضافت أن صحة المرأة وعلم الجمال والأعصاب والمناعة الذاتية تعد أيضاً من مجالات النمو الواعدة التي يمكن أن تجتذب اهتمام المستثمرين.
مخاطر الصين
يقول لاري ميريزالد، الرئيس التنفيذي لفرع شركة أسبن فارماكير الجنوب إفريقية في الصين، إن شركته التي أعلنت في ديسمبر أنها وافقت على شراء الوحدة الصينية لمجموعة ساندوز السويسرية، تتوسع في أسواق أخرى لموازنة المخاطر الصينية.
وقال ميريزالد قبل الإعلان عن صفقة ساندوز، إن الصين تمثل نحو 10 في المئة من إيرادات أسبن العالمية، لكنها ليست سوى واحدة من عشرات الدول التي تعمل فيها أكبر شركة أدوية في إفريقيا.
وقال ميريزالد «أعتقد أن هناك مخاطر في الصين، مع نشوب أي صراع كبير أو حدوث تراجع اقتصادي كبير، فسوف نتأثر، لأن أياً من هذه القضايا ستؤثر على سوق الأدوية بشكل عام».
ولإتمام عملية استحواذ في الصين، يتعين على الشركات متعددة الجنسيات أن تمر بعملية تنظيمية طويلة في بعض الأحيان تتضمن إجراءات لضمان منع الاحتكار، والتدقيق في تداول الأسهم، وحماية الملكية الفكرية.
وتقول جاسمين تشوي، محللة الرعاية الصحية والأجهزة الطبية في مجموعة أوراسيا الاستشارية، إن هناك تساؤلات ومخاوف متزايدة من الشركات العالمية حول المخاطر السياسية لدخول السوق الصيني، والتوسع المحتمل للقيود التي تفرضها الصين على نقل البيانات الوراثية والصحية وتخزينها، هذا بالإضافة إلى جهود الولايات المتحدة لتقليل الاعتماد على الصين بسبب المنافسة الاقتصادية والمخاوف الأمنية.